تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

(فصل الباء) مع الحاء المهملة

صفحة 12 - الجزء 4

  بَرِيحٍ: أَي الدّاهِيَة، ومنه قول الشاعر:

  سَلَا القَلْبُ عن كُبْراهُما بَعْدَ صَبْوةٍ

  ولَاقَيْتُ مِن صُغْرَاهُما ابنَ بَرِيحِ

  كبِنْت بارِحٍ وبِنْتِ بَرْحٍ. ويقال في الجمع: لَقِيتُ منه بَنَاتِ بَرْحٍ، وبَنِي بَرْحٍ⁣(⁣١). ومنه المثل «بِنْتُ بَرْحٍ شَرَكٌ على رأَسِك».

  وبُرَيحٌ كزُبَيرٍ: أَبو بَطْن من كنْدَةَ.

  وبِرْحٌ، كهِنْدٍ، ابْنُ عُسْكُرٍ كبُرْقُعٍ صَحابيّ من بني مَهْرَةَ، له وِفَادة، وشَهِدَ فتْحَ مِصر، ذكره ابنُ يُونس، قاله ابنُ فَهد في المعجم.

  وبَرِيحٌ، كأَميرٍ، ابنُ خُزَيمةَ، في نَسَب تَنُوخَ، وهو ابن تَيْمِ الله بن أَسّدِ بنِ وَبَرةَ بنِ تَغْلِبَ بن حُلْوانَ.

  وبَرْحَى، على فَعْلَى: كلمةٌ تُقال عند الخَطإِ في الرَّمْيِ، ومَرْحَى عند الإِصابة، كذا في الصْحاح. وقد تقدم في أ ي ح أَنّ أَيْحى تقال عندِ الإِصابة. وقال ابن سيده: وللعرب كلمتانِ عند الرَّمْيِ: إِذا أَصابَ قالوا: مَرْحَى، وإِذا أَخطأَ قالوا: بَرْحَى.

  وصَرْحةً بَرْحَةً، يأَتي في الصّاد المهملة إِن شاءَ الله تعالى.

  والّذي في الأَساس: جاءَ بالكُفْر بَرَاحاً، وبالشَّرّ صُرَاحاً.

  * ومما يستدرك عليه:

  تَبَرَّحَ فلانٌ: كَبرِحَ.

  وأَبْرَحَه هو. قال مُلَيحٌ الهُذَلّي:

  مَكَثْنَ على حَاجاتِهنّ وقَدْ مَضَى

  شَبَابُ الضُّحَى والعِيسُ ما تَتَبرَّحُ

  وما بَرِح يَفْعَل كذا: أَي ما زَالَ. وفي التنزيل: {لَنْ نَبْرَحَ عَلَيْهِ عاكِفِينَ}⁣(⁣٢) أَي لَن نَزال.

  وبَرَاحُ وبَرَاحِ: اسمٌ للشَّمس، مَعْرِفة، مثل قَطَامِ، سُمِّيَت بذلك لانتشارِها وبَيانِها. وأَنشد قُطْرُب:

  هذا مكانُ قَدَمَيْ رَبَاحِ

  ذَبَّبَ حَتَّى دَلَكَتْ بَرَاحِ

  بَرَاحِ: يعني الشَّمْسَ. ورواه الفَرّاءُ: بِرَاحِ، بكسر الباءِ، وهي باءُ الجَرّ، وهو جمعُ رَاحةٍ وهي الكَفّ، يعني أَنّ الشّمس قد غَرَبَتْ أَو زالتْ، فهم يَضعون راحاتِهم على عُيونهم: يَنظرون هل غَرَبَتْ أَو زالَتْ. ويقال للشّمس إِذا غَرَبَت: دَلَكَتْ بَرَاحِ، يا هذا، على فَعَالِ: المعنى: أَنها زالَت وبَرِحَتْ حين غَرَبَت، فبَرَاحِ بمعنَى بارحةٍ، كما قالوا لكَلْب الصَّيْدِ: كَسَابِ، بمعنَى كاسِبةٍ، وكذلك حَذامِ، بمعنى حاذِمةٍ، ومن قال: دَلَكَت الشَّمْس بِرَاحٍ، فالمعنى أَنها كادت تَغْرُب. قال: وهو قولُ الفَرّاءِ. قال ابن الأَثير: وهذان القولانِ، يَعني فتْح الباءِ وكسرها، ذكرهما أَبو عُبيد والأَزهريّ والهَرَويّ والزَّمَخْشريّ وغيرُهم من مفسِّرِي اللُّغةِ والغريبِ. قال: وقد أَخذ بعضُ المتأَخِّرين القولَ الثَّانيَ على الهَرَويّ، فظَنّ أَنه قد انفَردَ به، وخَطّأَه في ذلك ولم يَعلَمْ أَنّ غيرَه من الأَئمَّة قبلَه وبَعدَه ذَهب إِليه. وقال المفضَّل: دَلَكتْ بَرَاح، بِكسر الحاءِ وضَمّها. وقال أَبو زيدٍ: دَلكتْ بِرَاحٍ، مجرور مُنَوَّن، ودَلكَت بَرَاحُ، مضموم غير مُنوّن.

  وبَرَّحَ بنا فُلانٌ تَبْريحاً وأَبْرَحَ فهو مُبرِّح، بنا، ومُبْرِحٌ⁣(⁣٣): آذانَا بالإِلْحاحِ. وفي التهذيب: آذاكَ بإِلحاحِ المَشَقّةِ، والاسم البَرْحُ والتَّبْريحُ.

  وبَرَّحَ به: عَذَّبَه.

  وضَرَبه ضَرْبا مُبَرِّحاً: أَي شديداً.

  وفي الحديث: «ضَرْباً غير مُبَرِّحٍ»، أَي غير شاقٍّ.

  وهذا أَبْرَحُ عَلَيَّ من ذاك، أَي أَشَقُّ وأَشَدُّ. قال ذو الرُّمَّة:

  أَنِينا وشَكْوَى بالنَّهارِ كَثيرةً

  عَلَيّ وما يأَتِي به اللَّيلُ أَبْرَحُ

  وهذا على طَرْحِ الزّائد، أَو يكون تَعجُّباً لا فِعْلَ له، كأَحْنَك الشّاتَيْنِ.


(١) وهو قول الفراء كما في التهذيب، وزيد فيه: كل ذلك معناه: الداهية والشدة.

(٢) سورة طه الآية ٩١.

(٣) بهامش المطبوعة المصرية: «قوله وأنا مبرّح الذي في اللسان فهو مبرّح ومبرِّح الأول بضم أوله وتشديد ثالثه، والثاني بضم أوله وكسر ثالثه» وما أثبت عن اللسان. وفي التهذيب فكالأصل.