تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[تسح]:

صفحة 19 - الجزء 4

  وَيشُدَّه، ولا يَعْتَمِدَ على رَاحَتَيْه، ولكنْ يَعتمِد على جَبينه.

  قال الأَزهريّ: حكَى شَمِرٌ هذا عن عبد الصَّمدِ بن حَسَّان، عن بعضِ العَرب. قال⁣(⁣١): وكنْتُ سأَلتُ ابنَ مُناذِرٍ عن الانتحاءِ في السُّجود فلم يَعرِفه. قال: فذكَرْتُ له ما سَمِعتُ، فدَعَا بدَواته وكَتَبَه بِيَدِه، كذا في اللِّسان.

  والتَّرِحُ ككَتِفٍ: القَليلُ الخَيْرِ، قال أَبو وَجْزَةَ السّعديّ يَمدَح رَجُلاً:

  يُحَيُّونَ فَيّاضَ النَّدَى مُتَفضِّلاً

  إِذا التَّرِحُ المَنّاعُ لمْ يَتفَضَّلِ

  والتَّرح، بالفتح⁣(⁣٢) الفَقْرُ، قال الهُذلَيّ:

  كَسَوْتَ⁣(⁣٣) على شَفَا تَرحٍ ولُؤْمٍ

  فأَنتَ على دَرِيسِكَ مُسْتَميتُ

  وروى الأَزهريّ بإِسناده عن عليّ بن أَبي طالبٍ ¥ قال: «نَهاني رَسولُ الله ÷ عن لِبَاسِ القَسِّيِّ المُتَرَّح، وأَن أَفترِشَ حِلْسَ دَابَّتي الّذي يَلِي ظَهْرَها، وأَن لا أَضَعَ حِلْسَ دَابَّتي على ظَهْرِها حتّى أَذكُرَ اسمَ اللهِ، فإِنّ عَلَى كُلِّ ذِرْوَةٍ شَيْطاناً، فإِذا ذَكرْتم اسمَ اللهِ ذَهَب»، وهو من الثِّياب ما صُبِغَ صِبْغاً مُشْبَعاً.

  والمُتَرَّحُ⁣(⁣٤) من العَيْشِ: الشَّديد. والمُتَرَّحُ من السَّيل: القَليلُ وفيه انْقِطاعٌ.

  وقال ابن الأَثير: التَّرَح: ضِدُّ الفَرَح، وهو الهَلاكُ والانقطاعُ أَيضاً.

  والمُتْرِح كمُحْسِن، وفي نسخة: كمُكرِم: مَنْ لا يَزَال يَسمَع ويَرَى ما لَا يُعْجِبه.

  * ومما في الصّحاح واللسان⁣(⁣٥) وأَغفله المصنّف: ناقةٌ مِتْراحٌ: يُسْرِعُ انقطاعُ لَبَنِها، والجمعُ المَتارِيح.

  وتَارَحُ، كآدَمَ: أَبو إِبراهيمَ الخَليلِ ÷ وعلَى نَبّينا، بناءً على أَنّ آزَرَ عَمُّه وأَطلقَ عليه أَباً مجازاً، وفيه خلافٌ مشهور، قاله شيخنا.

  [تسح]: و [تشح]: التُّشْحَة، بالضّمّ: الجِدّ⁣(⁣٦) والحَمِيَّة، قاله أَبو عمرو، والأَصل وُشْحَة. قال الأَزهريّ: أَظنّ التُّشْحة في الأَصل أشْحَة، فقُلبِت الهمزةُ واواً، ثم قُلبِت تاءً، كما قالوا: تُراثٌ وتَقْوَى.

  قال شَمِرٌ: أَشِح يَأْشَح⁣(⁣٧)، إِذا غَضِبَ. ورَجلٌ أَشْحانُ، أَي غَضبانُ. قال الأَزهريّ: وأَصْلُ تُشْحةٍ أُشْحَةٌ، من قولك: أَشِحَ قال الطِّرِمّاحُ بن حَكيمٍ الشاعرُ يَصِفُ ثَوراً:

  مَلاً بَائِصاً ثُمَّ اعْتَرَتْه حَمِيَّةٌ

  عَلى تُشْحَةٍ من ذَائِدٍ غَيْرِ وَاهِنِ

  أَي على حَمِيَّةِ غَضَبٍ، وقال الأَزهريّ: قال أَبو عَمرٍو: أَي عَلَى جِدٍّ وحَمِيَّة. والذائدُ: الدَّافعُ. وغير واهن: غير ضَعِيف. ومَلاً: جمعٍ مَلاةٍ: الصّحراء. وقول شيخنا: ولكنه في فصل الواوِ أَعرضَ عن هذا الأَصلِ، ولم يَظْهَر له فيه كَلامٌ فَصْلٌ، فلا يَخْلُو عن نَظرٍ وتَأَمُّلٍ.

  لا يَخْفَى أَنّ الأَوفَقَ إِيرادُه في «أَشح» لِمَا نَقَله الأَزهريُّ عن شَمِرٍ وأَقرَّه على ذلك، لأَنّ أَصلَه «أَشح» لا «وشح»، فلا نَظَرَ في إِعراضِه عنه في فصلِ الواو. نعم كان يَنبغِي أَن يُورِدَه في «أَشح» ونحن قد أَشرنا هنالك إِليه.

  والتُّشْحَة: الجُبْنُ والفَرَقُ، أَو الحَرْدُ⁣(⁣٨) وخُبْثُ النَّفْسِ والحِرْصُ، كالتَّشَحِ، محرَّكةً، في الكُلِّ. ولكن المنقول عن كُراع في الحَرْد والغَضَب هو «التُّسْحَة» بالسين المهملة، كما أَورده ابن سيده في المحكم نقلاً عنه. قال: ولا أُحِقُّها.

  ورجل أَتْشحُ، هذا بناءً على أَن التّاءَ أَصليّةٌ، وليس كذلك. وإِنّما الصّواب: رَجُلٌ أَشْحانُ وامرأَةٌ أَشْحَى، وقد تقدّم في بابه.

  [تفح]: التُّفَّاح: هذا الثَّمَرُ م، وهو بضَمٍّ فتشديدٍ، وإِنما أَطلقَه لشُهرته، واحدتُه تُفّاحَةٌ. وذُكِر عن أَبي الخَطّاب أَنه


(١) القائل شمر كما في التهذيب.

(٢) يعني بفتح الراء، ومثله في اللسان، وفي التهذيب والتكملة بإِسكان الراء هنا وفي الشاهد الآتي.

(٣) عن التهذيب وبالأصل «كسرت».

(٤) عن التكملة وبالأصل: الترح.

(٥) ومثلهما في التهذيب.

(٦) في إِحدى نسخ القاموس: الحَدّ.

(٧) عن اللسان، وبالأصل: يشح.

(٨) ضبطت في التكملة ومثلها في اللسان.