تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[جنح]:

صفحة 30 - الجزء 4

  مُقَدَّمِ الصَّدْر. واحِدتُه: جانِحةٌ. وقيل: الجَوَانِحُ من البعيرِ والدَّابَّة: ما وَقَعَتْ عليه الكَتفُ، ومن الإِنسانِ ما كَان من قِبَلِ الظَّهْرِ، وهُنّ⁣(⁣١) سِتٌّ: ثلاثٌ عن يَمِينك، وثلاثٌ عن شِمَالِك.

  وجُنِحَ البَعِيرُ، كعُنِيَ: انْكَسَرَت جَوَانِحُه لثِقَلِ حِمْلِه.

  وقيل: جنَحَ البعِيرُ جُنُوحاً: انْكَسر أَوَّلُ ضُلوعه ممّا يلي الصَّدْرَ.

  والجنَاحُ من الإِنسانِ: اليَدُ. ويَدا الإِنسانِ: جناحاه، وكذا من الطائر.

  وقد جَنَح يَجْنَح جُنوحاً: إِذا كَسَر مِن جنَاحَيْه ثم أَقبلَ كالوَاقِعِ اللاجِئ إِلى مَوْضِعِ. قال الشاعر:

  تَرَى الطَّيْرَ العِتَاقَ يَظَلْنَ منه

  جُنوحاً إِنْ سَمِعْنَ له حَسِيسَا

  ج أَجْنِحَةٌ وأَجْنُحٌ. حكى الأَخِيرةَ ابنُ جِنِّي، وقال: كَسَّروا الجَنَاحَ، وهو مُذكَّر، على أَفْعُلٍ، وهو من تكسير المُؤنَّثِ، لأَنّهم ذَهَبوا بالتأْنيث إِلى الرِّيشة. وكُّلُّه راجِعٌ إِلى معنَى المَيْلِ، لأَنَّ جَنَاحَ الإِنسانِ والطائرِ في أَحَدِ شِقَّيْه.

  وفي القرآن المجيد {وَاضْمُمْ إِلَيْكَ جَناحَكَ مِنَ الرَّهْبِ}⁣(⁣٢) قال الزَّجّاح: معنَى جَنَاحِك العَضُدُ. ويقال: اليَدُ كُلُّهَا جَنَاجٌ والجَنَاحُ: الإِبْطُ والجَانِبُ. قال الله تعالى: {وَاخْفِضْ لَهُما جَناحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ}⁣(⁣٣) أَي أَلِنْ لهما جانِبَك. وخَفَضَ له جَنَاحَه، مَجَاز. والجنَاحُ: نَفْسُ الشّيْءِ. ومنه قول عَدِيّ بن زيدٍ:

  وأَحْورُ العَيْنِ مَرْبوبٌ له غُسَنٌ

  مُقَلَّدٌ من جَناحِ الدُّرِّ تِقْصَارَا

  ويقال: الجَنَاحُ من الدُّرِّ نَظْمٌ منه يُعَرَّضُ، أَو كُلُّ ما جَعَلْتَه في نِظامٍ: فهو جَنَاحٌ.

  ومن المَجاز: الجَنَاحُ: الكَنَفُ والنَّاحِيَةُ. يَقال: أَنا في جَناحِه، أَي دارِه⁣(⁣٤) وظِلِّه وكَنَفه. والجَنَاحُ: الطّائفةُ من الشيْءِ، ويُضَم، والرَّوْشَنُ كجَوْهَرٍ، والمَنْظَرُ.

  والجَنَاحُ: فَرَسٌ للحَوْفَزَان بنِ شَرِيكٍ التَّمِيمِيّ. وآخَرُ لبَنِي سُلَيمٍ، وآخَرُ لمحمَّد بن مَسْلَمةَ الأَنصارِيّ، وآخَرُ لعُقْبَةَ بن أَبي مُعَيْطٍ.

  والجَنَاحُ: اسم رَجلٍ، واسْمُ ذِئْب. قال:

  ما راعَني إِلَّا جَناحٌ هابِطَا

  على انحدَارِ، قَوْطَها العُلابِطَا⁣(⁣٥)

  وجَنّاحٌ، اسمُ خِباءٍ من أَخْبِيَتِهم. قال:

  عَهْدِي بجَنّاحٍ إِذا ما اهْتَزَّا

  وأَذْرَتِ الريحُ تُرَاباً نَزَّا

  أَنْ سوفَ تُمْضِيه وما ارْمَأَزَّا

  وجَنَاحْ جَنَاحْ، هكذا مَبنيًّا على السُّكون: إِشْلاءُ العَنْزِ عند الحَلْب⁣(⁣٦).

  والجَنَاحُ هي السَّوْداءُ.

  وذو الجَنَاحَيْن: لقب جَعْفَر بن أَبي طالبٍ الهاشميّ، ويقال له: الطّيّار، أَيضاً.

  وكان من قِصَّته أَنه قَاتَل يَوْمَ غَزْوَةِ مُؤْتَةَ حتَّى قُطِعَت يَدَاهُ، فقُتِل، وكان حاملَ رايتِها. فقال النَّبيّ : «إِن الله قد أَبْدَلَه بِيَديه، جَنَاحَيْن يَطير بهما في الجَنَّة حيث يَشَاءُ».

  وسيرَتَه في الكتبِ مشهورة.

  قال الأَزهريّ: وللعرب أَمْثالٌ في الجنَاحِ. يقال: رَكِبوا جنَاحَيِ الطَّرِيقِ⁣(⁣٧)، هكذا في سائر النُّسخ، والَّذي في اللّسان: جَناحَيِ الطَّائِر: إِذا فارقُوا أَوْطانَهم. وأَنشد الفرَّاءُ.

  كَأَنَّما بجَنَاحَيْ طائرٍ طَارُوا

  ويقال: فُلانٌ في جناحَيْ طائر، إِذا كَانَ قَلِقاً دَهِشاً، كما يقال: كأَنّه على قَرْنِ أَعْفَرَ، وهو مجاز. ويقولون: رَكِبَ


(١) اللسان: وهي.

(٢) سورة القصص الآية ٣٢.

(٣) سورة الإِسراء الآية ٢٤.

(٤) بهامش المطبوعة المصرية: «قوله داره كذا في اللسان وهو تصحيف، صوابه: ذراه، كما في الأساس هنا وفي مادة ذرا» وفي التهذيب فكالأساس: ذراه.

(٥) بهامش المطبوعة المصرية: «قوله على انحدار قوطها، والذي في اللسان:

على البيوت قوطه العلابطا»

(٦) في القاموس: «إِشلاء العنز للحلب».

(٧) في القاموس: «جناحي الطائر» ومثله في التهذيب والتكملة واللسان.