تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

فصل الثاء المثلثة مع الحاء

صفحة 31 - الجزء 4

  فلانٌ جَنَاحَيِ النَّعامَةِ، إِذا جَدّ في الأَمْرِ واحْتَفَل. قال الشّمّاخ:

  فمنْ يَسْعَ أَو يَرْكَبْ جَنَاحَيْ نَعَامَةٍ

  ليُدْرِك ما قَدّمْتَ بالأَمْسِ يُسْبَقِ

  وهو مجازٌ. ويقولون: نحن علَى جناحِ السَّفرِ، أَي نُرِيده، وهو أَيضاً مَجاز.

  والجُنَاحُ بالضَّمّ: الميْلُ إِلى الإِثْم. وقيل: هو الإِثم عامّةً وما تُحُمِّلَ من الهمّ والأَذَى، أَنشد ابن الأَعْرابيّ:

  ولاقَيْتُ من جُمْلٍ وأَسْبابِ حُبِّهَا

  جُنَاحَ الَّذِي لَاقَيْتُ مِن تِرْبِها قَبْلُ

  وقال أَبو الهَيْثَم في قوله تعالى: {وَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ}⁣(⁣١) الجُنَاح: الجِنَايَةُ والجُرْمُ. وقال غيرُه: هو التَّضْييق.

  وفي حديث ابن عبّاس في مال اليتيم: «إِني لأَجْنَحُ أَنْ آكُلَ منه: «أَي أَرَى الأَكلَ منه جُناحاً، وهو الإِثم. قال ابن الأَثير: وقد تكرّر الجُنَاحُ في الحديث، فأَيْنَ وَرَدَ فمعناه الإِثْمُ والمَيْلُ.

  والجِنْح، بالكَسر: الجانِب من اللَّيْل والطَّرِيق. قال الأَخْضَرُ بنُ هُبَيْرةَ الضَّبِّيّ:

  أَناخَ قَليلاً عند جِنْحِ سَبيلِ⁣(⁣٢)

  والجِنْحُ: الكَنَفُ والنَّاحِيَةُ قال:

  فباتَ بجِنْحِ القَوْمِ حتَّى إِذا بَدَا

  له الصُّبْحُ سامَ القَوْمَ إِحْدَى المهالِكِ

  والجِنْح من اللَّيْلِ: الطَّائفةُ، ويُضَمّ، لُغتانِ. وقيل: جِنْحُ اللَّيْلِ: جانِبُه. وقيل: أَوّلُه. وقيل: قِطْعَةٌ منه نحْو النِّصف. ويقال: كأَنَّه جِنْحُ لَيْلٍ: يُشَبَّه به العسْكَرُ الجَرّارُ.

  وفي الحديث: «إِذا اسْتَجْنَح اللَّيْلُ فاكْفِتوا الصِّبْيانَ»⁣(⁣٣) المراد به أَوَّل اللَّيْل. والجِنْح، بالكسر اسمٌ وذو الجَناحِ، لَقبُ شَمِر - ككَتِف - ابنِ لَهِيعَةَ الحِمْيَريّ.

  والجَنّاح كَكَتّان: بَيْتٌ بناه أَبو مَهْدِيَّة بالبَصْرة.

  والاجْتِنَاحُ في السُّجود: أَن يعْتَمِد الرَّجلُ على رَاحتَيْه مُجافِياً لذِراعيْه غيرَ مُفْتَرِشِهِمَا، كالتَّجَنُّح، قاله شَمِرٌ. وقال ابن الأَثير: هو أَن يَرْفَع ساعِديْه في السُّجود عن الأَرض ولا يَفْتَرِشَهما، ويُجَافِيهما عن جانبَيْه، ويعتَمِد على كَفَّيْه، فيَصِيرانِ له مِثْلَ جَنَاحَي الطَّائِر. واجْتَنحَ الرَّجلُ في مَقْعَدِه على رَحْلِه: إِذا انْكَبَّ على يَدَيْه كالمُتَّكِئِ على يدٍ واحدة.

  وروى أَبو صالحٍ السَّمّان عن أَبي هُرَيرةَ ¥: «أَنّ رسول الله أَمرَ بالتَّجنُّح في الصَّلاةِ. فشَكَا ناسٌ إِلى النّبيّ ÷ الضَّعْفَةَ⁣(⁣٤)، فأَمَرَهم أَنْ يَستعينوا بالرُّكَب»، وفي رِوَاية: «شكا أَصحابُ رَسول اللهِ ÷ وسلّم الاعتمادَ في السجود، فرَخَّص لهم أَن يستعينوا بمرافِقِهم على رُكَبهم» كذا في اللِّسان.

  والاجتناحُ في النَّاقةِ: الإِسْراعُ قاله شَمِرٌ. وأَنشد:

  إِذا تَبَادرْن الطَّرِيقَ تَجْتَنِحْ

  أَو الاجتناحُ فيها: أَن يكون مُؤَخَّرُها يُسْنَدُ إِلى مُقَدَّمِهَا لِشدَّةِ⁣(⁣٥) انْدِفاعِها بحَفْزِها رِجْلَيْها⁣(⁣٦) إِلى صدْرِها؛ قاله ابن شُميل.

  والاجتناحُ في الخَيْلِ: أَن يكون خُضْرُه واحداً لأَحدِ شِقَّيْهِ يَجْتَنِحُ عليه، أَي يَعْتَمِدُه في حُضْرِه، قاله أَبو عُبيدة.

  * ومما يستدرك عليه:

  الأَجْنَاح: جمعُ جانحٍ، بمعنى المَائِلِ، كشاهِدٍ وأَشْهَادٍ. وقد جاءَ في شِعْر أَبي ذؤَيْب⁣(⁣٧).

  وجَنَاحَا العَسْكَرِ: جانبَاهُ. وكذا جَنَاحَا الوَادِي: جانِبَاه، وهُما مَجْرَيانِ عن يَمِينِه وعن شِمَالِه.

  وهو مَقْصُوصُ الجَنَاحِ، للعَاجِز.


(١) سورة البقرة من الآية ٢٣٥ وسورة الممتحنة الآية ١٠.

(٢) صدره في الصحاح:

وما كنت ضغاطاً ولكنّ ثائراً

(٣) بهامش المطبوعة المصرية: «قوله الصبيان الذي في اللسان صبيانكم» ومثله في النهاية.

(٤) الأصل واللسان، وفي التهذيب: الضعف.

(٥) التهذيب واللسان: من شدة.

(٦) الأصل واللسان، وفي التهذيب: يحفزها رجلاها.

(٧) يريد قوله:

فمرّ بالطير منه فاحمّ كدرٌ

فيه الظباء وفيه العصم أجناحُ