تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[ذبح]:

صفحة 39 - الجزء 4

  والذُّبَح نَبْتٌ أَحمرُ له أَصْلٌ، يُقْشَر عنه قِشْرٌ أَسْودُ فيَخْرُجُ أَبيضَ كأَنه خَرَزَة⁣(⁣١) بيضاءُ، حُلْوٌ، طَيِّبٌ، يُؤْكَل، واحدته ذُبَحَةٌ وذِبَحَة. حكاه أَبو حَنيفةَ عن الفرّاءِ. وقال أَيضاً: قال أَبو عَمْرٍو الذُّبَحَةُ: شَجرةٌ تَنْبُت على سَاقٍ نَبْتاً كالكُرَّاثِ، ثم تكون لها زَهرَةٌ صفراءُ وأَصلُها مثْلُ الجَزَرة وهي حُلْوة، ولَوْنُها أَحمرُ. وقيل: هو نَباتٌ يأْكُلُه النَّعَامُ.

  وقال الأَزهريّ: الذَّبيح: المَذْبُوحُ. والأُنثَى ذَبِيحةٌ.

  وإِنما جاءَت بالهاءِ لغَلبةِ الاسم عليها⁣(⁣٢). فإِن قُلْت: شاةٌ ذَبيحٌ، أَو كَبْشٌ ذَبِيحٌ [أو نعجةٌ ذبيحٌ]⁣(⁣٣)، لم يدخل فيه الهاءُ، لأَنّ فَعيلاً إِذا كان نَعْتاً في معنَى مَفْعُول يُذكَّر، يقال: امرأَةٌ قتيلٌ، وكَفٌّ خَضيبٌ. وقال أَبو ذُؤيب في صِفَة الخَمر:

  إِذا فُضَّتْ خَوَاتِمُها وبُجَّتْ

  يقال لَها: دَمُ الوَدَجِ الذَّبِيحُ

  قال الفارسيّ: أَراد المذبوحَ عنه، أَي المشقوقَ من أَجلِه. وقال أَبو ذُؤَيبٍ أَيضاً.

  وسِرْبٍ تَطَلَّى بالعَبِيرِ كأَنَّه

  دِماءُ ظباءٍ بالنُّحُورِ ذَبِيحُ

  ذَبِيحٌ وَصْفٌ للدِّماءِ على حَذْفِ مُضافٍ تَقديرُه ذَبِيحٌ ظِباؤُه. ووَصَفَ الدِّماءَ بالواحد لأَن فَعيلاً يُوصَف به المُذكّرُ والمُؤَنَّثُ، والواحدُ فما فَوْقَه، على صُورةٍ واحدةٍ.

  والذَّبِيحُ: لَقَبُ سيِّدِنا إِسماعِيلَ بنِ إِبراهِيمَ الخَلِيلِ عليه وعلى والده الصّلاة والسّلام وهذا هو الّذي صَحَّحَه جماعَةٌ وخَصُّوه بالتَّصْنيف. وقيل: هو إِسحاقُ #. وهو المَرْوِيّ عن ابن عبّاسٍ. وقال المَسْعُوديّ في تاريخه الكبير: إِنْ كَان الذَّبيحُ بمِنًى فهو إِسماعيل، لأَن إِسحاقَ لم يَدْخُل الحِجَازَ، وإِنْ كان بالشأْم فهو إِسحاقُ، لأَنّ إِسماعيل لم يَدْخل الشأْمَ بعد حَمْلِه إِلى مَكَّة. وصَوَّبه ابن الجَوْزِيّ.

  ولما تَعارَضَت فيه الأَدِلّةُ تَوَقَّفَ الجَلالُ في الجَزْمِ بواحدٍ منهما. كذا في شَرْح شيخنا. وفي الحديث: «أَنَا ابنُ الذَّبِيحَيْنِ» أَنكره جَماعَةٌ وضَعَّفَه آخرون. وأَثْبَتَه أَهْلُ السِّيَر والمَوَاليد، وقالوا: الضّعيف يُعْمَلُ به فيهما. وإِنما سُمِّيَ به لأَنّ جَدَّه عبدَ المُطَّلب بنَ هاشمِ لَزِمَه ذَبْحُ وَلدِه عبدِ الله والدِ النَّبيّ ÷ لنَذْرٍ، ففَداه بمائة من الإِبلِ، كما ذَكرَه أَهلُ السِّيَرِ والموالِيدِ.

  والذَّبيحُ: ما يَصْلُحُ أَن يُذْبحَ للنُّسُكِ، قال ابنُ أَحمرَ يُعرِّضُ بِرجُلٍ كان يشتُمُه يقال له سُفيانُ:

  نُبِّئْتُ سُفْيانَ يَلْحَانَا ويَشْتُمُنَا

  واللهُ يَدْفَعُ عنَّا شرَّ سُفْيانا

  تُهْدَى إِليه ذِراعُ البَكْرِ تَكْرِمَةً

  إِمّا ذَبِيحاً وإِمَّا كان حُلّانَا

  والحُلّانُ: الجَدْيُ الّذي يُؤْخَذ من بطْنِ أُمِّه حيًّا فيُذْبَح.

  واذَّبَحَ، كافْتَعَل: اتَّخَذَ ذَبِيحاً كاطَّبخَ: إِذا اتَّخذ طَبيخاً.

  والقَوْمُ تَذابحُوا: ذَبَحَ بعضُهم بعضاً. يقال: التَّمَادُحُ التَّذابُحُ، وهو مجازٌ كما في الأَساس⁣(⁣٤).

  والمذْبَح مَكانُه أَي الذَّبْحِ، أَو المكان الّذي يَقَعُ فيه الذَّبْحُ من الأَرْضِ، ومكانُ الذَّبْحِ من الحَلْقِ، لِيَشملَ ما قالَه السُّهيْليّ في الرَّوض: المذْبحُ: ما تَحْت الحَنَكِ من الحَلْق؛ قاله شيخنا. والمَذْبَح: شَقٌّ في الأرض مِقْدَارُ الشِّبْرِ ونَحْوِه يقال: غادَرَ السَّيْلُ في الأَرضِ أَخَادِيدَ ومذَابِحَ. وفي اللسان⁣(⁣٥): والمذابحُ: مِن المَسايِل، واحِدها مَذْبَح، وهو مَسِيلٌ يَسيلُ في سَنَدٍ أَو عَلَى قَرَارِ الأَرْضِ.

  وعَرْضُه فِتْرٌ أَو شِبْرٌ. وقد تكون المذابحُ خِلْقَةً في الأَرضِ.

  المُستوِيَة، لها كهيْئةِ النَّهْر، يَسيلُ فيها ماؤُها، فذلك المذْبَح. والمَذابِحُ تكون في جميعِ الأَرضِ: الأَوْدِيةِ وغيرِها وفيما تَواطَأَ من الأَرض.

  والمِذْبَح كمِنْبَر: السِّكِّينُ. وقال الأَزهريّ: هو ما يُذْبَح به الذَّبِيحةُ من شَفْرَةٍ وغيرِهَا.

  ومن المجاز: الذُّبّاح كزُنّار: شُقُوقٌ في باطِن أَصابِعِ الرِّجْلَيْنِ ممّا يَلِي الصَّدْر. ومنه قولهم: ما دُونَه شَوْكةٌ⁣(⁣٦) ولا


(١) في التهذيب: «جزرة» وفي اللسان فكالأصل.

(٢) في التهذيب: وأنثّ لأنه ذهب به مذهب الأسماء لا مذهب النعت.

(٣) زيادة عن التهذيب.

(٤) لم ترد العبارة في الأساس، وهي في اللسان والصحاح.

(٥) والتهذيب أيضاً.

(٦) في الأساس نكبة.