[روح]:
  قلت: وهو كذلك. ونقل الأَزهريّ عن ابن الأَعرابيّ قال: يُقال: خَرَجَ رُوحُه، والرُّوح مُذكَّر. وفي الرَّوْض للسُّهَيْلِيّ: إِنما أُنِّثَ لأَنّه في معنَى النَّفْس، وهي لُغَة معروفةٌ. يقال إِنّ ذا الرُّمّة أَمَرَ عند مَوْته أَن يُكْتَب على قبره:
  يا نازعَ الرُّوحِ من جِسْمي إِذا قُبِضَتْ
  وفارجَ الكَرْبِ، أَنْقِذْني من النَّارِ
  وكان ذلك مكتوباً على قَبْرِه؛ قاله شيخُنَا. ومن المجاز في الحديث: «تَحَابُّوا بذِكْرِ اللهِ ورُوحِه». أَراد ما يَحْيَا به الخلْقُ ويهْتَدون، فيكون حياة لهم، وهو القُرآن. وقال الزَّجاج: جاءَ في التفسير أَن الرُّوح: الوَحْيُ، ويُسمَّى القُرْآنُ رُوحاً. وقال ابن الأَعرابيّ: الرُّوحُ: القرآنُ، والرُّوحُ: النَّفْسُ(١). قال أَبو العبّاس: وقوله ø: {يُلْقِي الرُّوحَ مِنْ أَمْرِهِ عَلى مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ}(٢) و {يُنَزِّلُ الْمَلائِكَةَ بِالرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ}(٣) قال أَبو العبّاس(٤): هذا كله معناه الوحْي سُمِّيَ رُوحاً لأَنّه حياةٌ من موتِ الكُفْرِ، فصار بحياتِه(٥) للناسِ كالرُّوح الّذي يَحْيَا به جَسدُ الإِنسانِ. وقال ابن الأَثير: وقد تكرّر ذِكْرُ الرُّوحِ في القرآن والحديث، ووَرَدتْ فيه على مَعانٍ، والغالِبُ منها أَن المُراد بالرُّوح الّذي يقوم به الجسَدُ وتكون به الحياةُ، وقد أُطْلِق على القُرْآن والوَحْيِ [والرحمة](٦)، وعلى جِبْرِيل في قوله [تعالى]: {الرُّوحُ الْأَمِينُ}(٧) وهو المراد ب {رُوحُ الْقُدُسِ}. وهكذا رواه الأَزهريّ عن ثعلب. والرُّوح: عِيسى، @. والرُّوحُ: النَّفْخُ سُمِّيَ رُوحاً لأَنه رِيحٌ يَخْرُجُ من الرُّوح. ومنه قولُ ذي الرُّمَّة في نارٍ اقْتَدَحها وأَمَرَ صاحبَه بالنَّفْخ فيها، فقال:
  فقلتُ له ارْفَعْها إِليك وأَحْيِها
  برُوحِك واجْعَلْه لها قِيتةً قَدْرَا(٨)
  أَي أَحْيِهَا بنَفْخِك واجْعلْه لها، أَي النَّفْخَ للنار. وقيل: المراد بالوَحْي أَمر النُّبُوَّة، قاله الزجاج. وروى الأَزهريّ عن أَبي العباس أَحمد بن يحيَى أَنه قال في قول الله تعالى: {وَكَذلِكَ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ رُوحاً مِنْ أَمْرِنا}(٩) قال: هو ما نَزَلَ به جِبريلُ من الدّين، فصارَ يَحْيَا به النَّاسُ، أَي يعيش به النّاسُ. قال: وكلُّ ما كان في القرآن {فَعَلْنا} فهو أَمْرُه بأَعْوَانِه، أَمْر جبريل وميكائيلَ وملائكته؛ وما كان فَعلتُ فهو ما تفرَّد به. وجاءَ في التفسير أَن الرُّوح حُكْم الله تَعالَى وأَمْرُه بأَعْوَانِه وملائِكتِه. وقوله تعالى: {يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلائِكَةُ صَفًّا}(١٠) قال الزَّجّاج: الرُّوح: خَلْقٌ كالإِنس وليس هو بالإِنس. وقال ابن عباس: هو مَلَك في السماءِ السابعةِ(١١) وَجْهُه كوَجْه الإِنسان، وجسَدُه كالملائِكَةِ، أَي على صُورتِهم. وقال أَبو العبّاس: الرُّوحُ: حَفَظةٌ على الملائكةِ الحَفظةِ على بني آدم، ويُرْوَى أَن وُجوههم [مثل](١٢) وجوه الإِنس، لا تَرَاهم الملائكة، كما أَنَّا لا نَرَى الحَفَظَة ولا الملائكة.
  وقال ابن الأَعرابيّ: الرُّوح: الفَرَحُ والرُّوح: القرآن، والرُّوحُ: الأَمْرُ، والرُّوحُ: النَّفْس.
  والرَّوْح بالفتح: الرّاحةُ والسُّرورُ والفَرَحُ. واستعاره عليٌّ ¥ لليقِين، فقال: «فباشِروا رَوْحَ اليقِين».
  قال ابن سيده: وعندي أَنه أَراد الفَرَحَ والسُّرُور اللَّذيْن يَحْدُثَانِ من اليقين. وفي التَّهذيب عن الأَصمعيّ: الرَّوْح: الاسْتِرَاحةُ من غَمِّ القلْبِ. وقال أَبو عمرٍو: الرَّوْحُ: الفَرحُ(١٣): قال شيخُنَا: قيل: أَصلُه النَّفْس ثم استُعِير للفرَح. قلت: وفيه تأَمُّلٌ. وفي تفسير قوله تعالى {فَرَوْحٌ وَرَيْحانٌ}(١٤)، معناه فاسْتِرَاحةٌ. قال الزّجّاج: وقد يكون
(١) في التهذيب واللسان عن ابن الاعرابي قال: الروح الفرح، والروح القرآن والروح الأمر والروح النفس.
(٢) سورة غافر الآية ١٥.
(٣) سورة النحل الآية ٢.
(٤) بهامش المطبوعة المصرية: «قوله قال أبو العباس كذا في اللسان أَيضاً بتكرير قال أبو العباس» ولم ترد في التهذيب.
(٥) بهامش المطبوعة المصرية: قوله «بحياته» الظاهر: «باحيائه» واللسان فكالأصل، وفي التهذيب: فصار يحيا به الناس.
(٦) زيادة عن النهاية.
(٧) سورة الشعراء الآية ١٩٣.
(٨) الهاء في واجعله لروح لانه مذكر في قوله. والهاء في لها: للنار، لأنها مؤنثة.
(٩) سورة الشورى الآية ٥٢.
(١٠) سورة النبأ الآية ٣٨.
(١١) الأصل والتهذيب واللسان وفي التكملة: الرابعة.
(١٢) زيادة عن اللسان. ونبه إِلى ذلك بهامش المطبوعة المصرية.
(١٣) الأصل واللسان، وفي التهذيب: الفرج بالجيم.
(١٤) سورة الواقعة الآية ٨٩.