تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

فصل الراء مع الحاء المهملة

صفحة 59 - الجزء 4

  الرَّوْحُ بمعنَى الرَّحْمة. قال الله تعالى {[وَ] لا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللهِ}⁣(⁣١)، أَي من رحمة الله، سَمّاهَا روْحاً لأَن الرَّوْحَ والرَّاحة بها. قال الأَزهريّ: وكذلك قوله [تعالى] في عيسى: {وَرُوحٌ مِنْهُ}⁣(⁣٢)، أَي رَحْمة منه تعالى.

  وفي الحديث: عن أَبي هُرَيرة: «الرِّيح من رَوْحِ الله تأْتي بالرَّحْمَة، وتأْتي بالعذاب. فإِذا رأَيتموهَا فلا تَسُبُّوها واسْأَلوا الله من خَيْرِها، واسْتَعيذوا بالله من شرّها».

  وقوله: من رَوْحِ اللهِ، أَي من رَحْمَة الله. والجمع أَرْوَاحٌ. والرَّوْح: بَرْدُ نَسيم الرِّيحِ. وقد جاءَ ذلك في حديث عائشةَ ^: «كان النّاسُ يَسكُنون العالِيَةَ فيحضُرون الجُمُعَةَ وبهم وَسَخٌ، فإِذا أَصَابَهم الرَّوْحُ سَطَعَتْ أَرْواحُهم، فيتَأَذَّى به النّاسُ. فأُمِروا بالغُسْل».

  قالوا: الرَّوّح، بالفتح: نَسيمُ الرِّيح، كانوا إِذا مَرّ عليهم النَّسيم تَكَيَّفَ بأَرْواحِهم، وحَمَلها إِلى النّاس.

  والرَّوَحُ: بالتَّحْرِيك: السَّعَةُ قال المُتَنخِّلُ الهُذليّ:

  لكِنْ كَبيرُ بنُ هِنْدٍ يومَ ذلِكُم

  فُتْخُ الشَّمَائلِ في أَيْمانهم رَوَحُ

  وكبيرُ بنُ هِنْد: حَيٌّ من هُذَيْل. والفُتْخُ: جمع أَفْتَخَ، وهو اللَّيِّنُ مَفْصِلِ اليَدِ، يريد أَنّ شمائلَهم تَنْفتِخُ لشدَّة النَّزْع. وكذلك قوله: «في أَيمانهم رَوَح»، وهو السَّعَةُ لشدّة ضرْبِها بالسَّيف. والرَّوَح أَيضاً: اتِّسَاعُ ما بين الفَخِذيْنِ أَو سعةٌ في الرِّجْلَين، وهو دُونَ الفحجِ، إِلا أَنّ الأَرْوح تَتَبَاعَدُ صُدُورُ قَدَمَيْه وتَتَدانَى عَقِباه. وكلُّ نَعَامةٍ رَوْحَاءُ، وجَمْعه الرُّوحُ. قال أَبو ذُؤَيب:

  وزَفَّتِ الشَّوْلُ من بَرْدِ العَشِيِّ كمَا

  زَفَّ النَّعَامُ إِلى حَفّانِهِ الرُّوحُ

  وفي الحديث: «كان عُمرُ ¥ أَرْوَحَ كأَنّه راكَبٌ والنّاسُ يَمْشون»⁣(⁣٣).

  وفي حديث آخَرَ: «لَكَأَنِّي أَنظُرُ إِلى كِنَانَةَ بن عَبْدِ يَالِيلَ قد أَقبل تَضْرِبُ⁣(⁣٤) دِرْعُه رَوْحَتَيْ رِجْلَيْه».

  الرَّوَحُ: انقلابُ القَدَم على وَحْشِيِّها. وقيل: وهو انْبِسَاطٌ في صَدْرِ القَدم. ورَجُل أَرْوَحُ، وقد رَوِحتْ قَدَمُه رَوَحاً، وهي رَوْحاءُ. وقال ابن الأَعْرَابيّ: في رِجْله رَوَحٌ ثم فَدَحٌ ثم عَقَلٌ، وهو أَشَدُّها. وقال الليث: الأَرْوَحْ: الّذي في صَدْرِ قَدميه انبساط، يقولون: رَوِحَ الرَّجلُ يَرْوَحُ رَوَحاً.

  والرَّوَح: اسمُ جمْع رائحٍ مثل خادِم وخدمٍ. يقال: رجلٌ رائِحٌ، من قَوْم رَوَحٍ، ورؤوحٌ من قَوْمٍ رُوحٍ.

  والرَّوَحُ من الطَّيْر: المُتَفَرِّقةُ قال الأَعشى:

  ما تَعِيفُ اليَوْمَ في الطيرِ الرَّوَحْ

  من غُرابِ البيْنِ أَو تَيْسِ سَنَحْ⁣(⁣٥)

  أَو الرَّوَحُ في البيْتِ هذا هي الرّائِحة إِلى أَوْكارِها. وفي التّهذيب في هذا البيتِ: قيل: أَراد الرَّوَحة مثل الكَفَرة والفجَرة، فطرَحَ الهاءَ. قال: والرَّوَحُ في هذا البيتِ المُتَفَرِّقةُ⁣(⁣٦).

  ومكان رَوْحانِيّ: طَيِّبٌ.

  والرّوحانِيُّ، بالضّمّ والفتح، كأَنّه نُسب إِلى الرُّوح أَو الرَّوْح، وهو نسيم الرّوح⁣(⁣٧)، والأَلف والنون من زيادات النّسب، وهو من نادِرِ معْدولِ النَّسب. قال سيبويه: حكى أَبو عُبيْدةَ أَنّ العرب تقوله لكلّ⁣(⁣٨) ما فيه [الرُّوح من الناس والدَّواب، وكذلك]⁣(⁣١٠) النِّسْبة إِلى المَلك والجِنّ. وزعم أَبو الخطَّاب أنه سمع من العرب من يقول في النَّسبة إِلى الملائكةِ والجِنّ: رُوحانِيّ، بضمّ الرّاءِ وج رُوحَانِيُّون بالضّم. وفي التهذيب: وأَما الرُّوحانيُّ من الخَلْقِ فإِن أَبا داوود المَصاحِفيّ روَى عن النَّضْر، في كتاب الحروف المُفسَّرة من غريب الحديث، أَنه قال: حدَّثنا عَوْفٌ الأَعرابيّ عن ورْدَانَ بنِ⁣(⁣٩) خالدٍ، قال: بَلَغني أَن الملائكة منهم رُوحانِيُّونَ، ومنهم منْ خُلِقَ من النُّور. قال: ومن الرُّوحانِيّينَ جِبْريلُ وميكائيلُ وإِسْرَافيلُ $.

  قال ابنُ شُمَيْل: فالرُّوحانِيُّون أَرْوَاحٌ ليست لها أَجسامٌ، هكذا


(١) سورة يوسف الآية ٨٧.

(٢) سورة النساء الآية ١٧١.

(٣) الأروح الذي تتدانى عقباه ويتباعد صدرا قدميه. (النهاية).

(٤) الأصل والنهاية، وفي اللسان: يضرب.

(٥) ديوانه ص ٢٣٧ والبيت مطلع قصيدة يمدح بها إِياس بن قبيصة الطائي.

(٦) وليس هذا القول بقوي كما في اللسان.

(٧) في النهاية واللسان: الريح.

(٨) في اللسان: لكل شيء كان فيه روح من الناس والدواب والجنّ.

(١٠) ما بين معكوفتين سقط من الكويتية.

(٩) الأصل واللسان، وفي التهذيب: أبي خالد.