تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

فصل الراء مع الحاء المهملة

صفحة 62 - الجزء 4

  خَرَجَ عليه أَوَائلُ النَّوْرِ، أَو الرَّيْحَانُ في قوله تعالى: {وَالْحَبُّ ذُو الْعَصْفِ وَالرَّيْحانُ}⁣(⁣١) قال الفرَّاءُ: العَصْف: ساقُ الزَّرْعِ. والرَّيْحَانُ: وَرَقُه. ومن المجاز: الرَّيْحَانُ: الوَلَد.

  وفي الحديث: «الوَلَد مِن رَيْحَان اللهِ» وفي الحديث: «إِنكم لَتُبَخِّلون وتُجَهِّلون وتُجَبِّنون، وإِنكم لمن رَيْحانِ الله»⁣(⁣٢) يعني الأَولادَ.

  وفي آخَرَ: قال لعليٍّ ¥: «أُوصِيك برَيْحانَتَيَّ خَيْراً قبلَ أَنْ يَنْهدّ رُكْنَاك». فلما مات رسولُ الله ÷ قال: هذا أَحدُ الرُّكْنَينِ. فلما ماتت فاطمةُ قال: هذا الرُّكْنُ الآخَرُ.

  وأَرادَ برَيْحَانَتَيْه الحَسَن والحُسَيْنَ ®.

  ومن المجاز: الرَّيْحانُ: الرِّزْق. تقول: خَرَجْتُ أَبْتَغِي رَيْحَانَ اللهِ، أَي رِزْقَه. قال النَّمِر بن تَوْلَب:

  سَلامُ الإِلهِ وَرَيْحَانُهُ

  ورَحْمَتُه وسَمَاءٌ دِرَرْ

  أَي رِزْقه؛ قاله أَبو عُبَيْدةَ. ونقل شيخُنَا عن بعضهم أَنه لغة حِمْيَر.

  ومحمد بن عبد الوَهّاب أَبو منصور، روَى عن حمزَةَ بنِ أَحمد الكَلَاباذِيّ، وعنه أَبو ذَرٍّ الأَديب؛ وعبد المُحْسِن بن أَحمدَ الغَزّال شِهاب الدِّين، عن إِبراهِيمَ بنِ عبد الرحمن القَطِيعِيّ، وعنه أَبو العَلاءِ العَرْضِيّ⁣(⁣٣)، وعليّ بنُ عُبَيْدَة المتكلِّم المصنِّف له تَصانِيفُ عجيبة، وإِسْحَاقُ بن إِبراهِيم، عن عبّاس الدُّورِيّ وأَحمد بن القَرّابِ؛ وزكريّاءُ ابنُ عليّ، عن عاصمِ بن عليّ؛ وعليُّ بن عبد السّلام بن المبارك، عن الحُسَيْنِ الطّبرِيّ شَيْخِ الحَرَم، الرَّيْحَانِيُّون، مُحَدِّثون.

  وتقول العرب: سُبحانَ اللهِ وريْحَانَه. قال أَهل اللُّغَة: أَي اسْتِرْزاقَه. وهو عند سيبويهِ من الأَسماءِ الموضوعةِ مَوْضِعَ المَصادر. وفي الصّحاح: نَصَبوهما على المصدرِ، يُرِيدُون تنْزِيَهاً له واسْتِرْزاقاً.

  والرَّيْحَانة: الحنْوَةُ، اسمٌ كالعَلَم. والرَّيْحانَة: طاقَةٌ واحدةٌ من الرَّيْحَانِ وجمعه رَياحِينُ.

  والرَّاحُ: الخَمْرُ اسمٌ له كالرَّيَاحِ، بالفتح. وفي شرح الكَعبيّة لابنِ هِشَامٍ: قال أَبو عَمْرٍو: سُمِّيَت⁣(⁣٤) راحاً ورَيَاحاً لارْتِيَاحِ شارِبِها إِلى الكَرَمِ. وأَنشد ابنُ هِشَامٍ عن الفرَّاءِ:

  كأَنَّ مَكَاكِيَّ الجِوَاءِ غُدَيَّةً

  نَشاوَى تَساقَوْا بالرَّيَاحِ المُفَلْفَلِ

  قلت: وقال بعضُهم: لأَنّ صاحبها يَرْتاح إِذا شَرِبها. قال شيخنا: وهذا الشاهدُ رواه الجوهريّ تامًّا غير مَعْزُوٍّ، ولا منقولٍ عن الفرَّاءِ. قلت: قال ابن بَرِّيّ: هو لامرِئ القَيْس، وقيل: لتأْبَّطَ شَرًّا، وقيل: للسُّلَيكِ. ثم قال شيخنا: يَبْقَى النَّظرُ في موجِب إِبدالِ واوِهَا ياءً. فكان القياس الرَّواحُ، بالواوِ، كصَوابٍ. قلت: وفي اللّسان: وكلُّ خَمْرٍ راحٌ ورَيَاحٌ، وبذلك عُلِمَ أَن أَلفَها مُنقلبة عن ياءٍ.

  والرَّاحُ: الارْتِيَاحُ. قال الجُمَيح بن الطَّمّاح الأَسديّ:

  ولَقِيتُ ما لَقِيتْ مَعدٌّ كُلُّها

  وفَقدتُ رَاحِي في الشَّبابِ وخالِي

  أَي ارْتياحِي واخْتِيالي.

  وقد رَاحَ الإِنْسَانُ إِلى الشَّيْءِ يَراحُ: إِذا نَشِطَ وسُرَّ به، وكذلك ارْتَاح. وأَنشد:

  وزَعَمْتَ أَنّك لا تَرَاحُ إِلى النِّسَا

  وسَمِعْتَ قِيلَ الكاشِحِ المُتَرَدِّدِ

  والرَّاحُ: هي الأَكُفّ⁣(⁣٥). ويقال: بل الرَّاحَة: بَطْنُ الكَفِّ، والكَفُّ: الرّاحةُ معَ الأَصابع؛ قاله شيخنا، كالرّاحات. وعن ابن شُميل: الرَّاحُ من الأَراضي المُسْتَوِيَةُ


(١) سورة الرحمن الآية ١٢.

(٢) بهامش المطبوعة المصرية: «قوله انكم لتبخلون الخ هو بصيغة تفعلون بضم التاء وفتح الفاء وتشديد العين المكسورة في الافعال الثلاثة ومعناه أن الولد يوقع أباه في الجبن خوفاً من أن يقتل فيضيع ولده بعده وفي البخل إِبقاء على ماله وفي الجهل شغلا به عن طلب العلم، والواو في وأنكم للحال كأنه قال مع أنكم من ريحان إِليه أَي من رزق الله تعالى كذا بهامش النهاية».

(٣) كذا بالأصل، وفي المطبوعة الكويتية «الفرضي» وانظر المشتبه للذهبي.

(٤) في شرح قصيدة كعب لابن هشام: سميت الخمر.

وقال ابن هشام: إِن للراح ثلاثة معان: أحدها الخمر، ويقال فيها أَيضاً: رياح بياء بعد الراء المفتوحة. والثاني الارتياح والثالث جمع راحة وهو الكف. (شرح قصيدة كعب ص ٨٥).

(٥) عن القاموس وبالأصل: الكف.