فصل السين المهملة مع الحاء
  إِلى أَنه معرَّفٌ بالإِضافَة المقدَّرةِ، كأَنّه قيل: سُبْحَانَ من علقمةَ الفاخِرِ، نُصِبَ سُبْحَانَ على المَصْدَر، ولُزومُها النَّصْبَ من أَجلِ قِلَّةِ التَّمَكُّن، وحُذِفَ التنوينُ منها لأَنها وُضِعت عَلَماً للكلمة فجَرَت في المَنع من الصَّرف مَجْرَى عُثْمَانَ ونَحْوِه. وقال الرّضيّ: سبحانَ هنا للتّعجُّب، والأَصلُ فيه أَنْ يُسبَّحَ الله عند رُؤْيَةِ العَجيب منْ صَنائعه، ثم كَثُرَ حتّى استُعْمِلَ في كلّ متعجَّب منه. يقول: العَجَبُ منه إِذ يَفْخَر(١).
  ويقال: أَنتَ أَعلَمُ بما في سُبْحانِك بالضّمّ، أَي في نَفْسِك.
  وسُبْحَانُ بنُ أَحمَدَ: من وَلَدِ هارُونَ الرَّشيدِ العَبّاسيّ.
  وَسَبَحَ كمَنَع سُبْحاناً كشَكَر شُكْرَاناً، وهو لُغةٌ ذَكَرها ابنُ سيده وغيرُه. قال شيخُنا فلا اعتدادَ بقول ابنِ يَعِيشَ وغيرِه من شُرَّاحِ المُفصَّل وقول الكَرْمانيّ في العَجائب: إِنه أُمِيتَ الفِعْلُ منه.
  وحكَى ثعلب: سَبَّحَ تَسْبِيحاً(٢) وسُبْحَاناً.
  وسَبَّحَ الرَّجُلُ: قال: سُبْحانَ الله وفي التَّهذيب: سبَّحْت الله تسبيحاً وسُبْحَاناً: بمعنًى واحدٍ، فالمصدرُ تَسبيحٌ، والاسْمُ سُبْحَان، يقوم مَقَام المَصدر. ونقلَ شيخُنَا عن بعضهم وُرُود التَّسْبيح بمعنَى التَّنْزيه أَيضاً: سَبَّحَه تَسْبيحاً، إِذا نَزَّهَه. ولم يَذْكُره المصنّف.
  وسُبُّوح قُدُّوسٌ، بالضَّمّ فيهما ويُفْتَحان، عن كُراع: من صِفاتِه تعالى، لأَنه يُسَبَّحُ ويُقَدَّسُ، كذا في المحكم. وقال أَبو إِسحاق: السُّبُّوحُ: الّذِي يُنَزَّهُ عن كُلّ سُوءٍ، والقُدّوسُ: المُبَارَكُ الطاهِرُ(٣). قال اللِّحْيَانيّ: المُجْمَع عليه فيها(٤) الضمّ. قال: فإِنْ فَتحتَه فجائزٌ. وقال ثَعْلَب. كلُّ اسمٍ على فعُّول فهو مَفْتُوحُ الأَوّلِ إِلّا السُّبُّوحَ والقُدُّوسَ، فإِنّ الضّمّ فيهما أَكثرُ، وكذلك الذُّرُّوحُ؛ كذا في الصّحاح. وقال الشيخ أَبو حَيّان في ارْتِشَاف الضَّرَب نقلاً عن سيبويه: ليس في الكلام فُعُّول صِفَةً غير سُبُّوح وقُدُّوس. وأَثبتَ فيه بعضُهُم ذُرُّوحاً، فيكون اسماً. ومثله قال القَزّازُ في جامِعه.
  قال شيخنا: ولكنْ حكَى الفِهْريّ عن اللِّحيانيّ في نوادره أَنه يقال: دِرْهَم سَتُّوقٌ وسُتُّوقٌ. وشَبُّوطٌ وشُبُّوطٌ، لضَرْب من الحُوتِ، وفَرُّوجٌ وفُرُّوجٌ، لواحدِ الفَرَارِيج. وحَكَوْا أَيضاً اللُّغَتَيْن في سَفُّود وكَلُّوب. انتهَى. وقال الأَزهريّ: وسائر الأَسماءِ تَجيءُ على فعّول، مثل سَفُّود وقَفّور، وقَيّور(٥)، وما أَشْبَهها، والفَتْحُ فيها أَقْيَس، والضَّمّ أَكْثَرُ استعمالاً.
  ويقال: السُّبُحَات، بضمّتينِ مَواضِعُ السُّجودِ. وسُبُحاتُ وَجْهِ الله تعالى: أَنْوَارُه وجَلالُه وعَظَمَتُه.
  وقال جبريلُ # «إِنّ للهِ دُونَ العَرْشِ سَبْعِينَ حِجَاباً، لو دَنَوْنَا من أَحدهَا لأَحْرَقَتْنَا سُبُحَاتُ وَجْهِ ربِّنَا» رواه صاحبُ العَيْن. قال ابن شُميل: سُبُحاتُ وَجْهِه: نُورُ وَجْهِ. وقيل: سُبُحاتُ الوَجْهِ: مَحاسنُه، لأَنّك إِذا رأَيتَ الحَسَنَ الوَجْهِ قلتَ: سبحانَ الله. وقيل: معناه: تَنْزيهاً له، أَي سُبحانَ وَجْهِهِ.
  والسُّبْحَة بالضّمّ: خَرَزَاتٌ تُنْظَمْنَ في خَيْط للتَّسْبيح، تُعَدّ، وهي كلمةٌ مُولَّدة؛ قاله الأَزهريّ. وقال الفارابيّ، وتَبِعَه الجوهريّ: السُّبْحَةُ: الّتي يُسَبَّحُ بها. وقال شيخنا: إِنها ليستْ من اللُّغَة في شَيْءٍ، ولا تَعرفِها العرب، وإِنما أُحدِثَتْ في الصَّدْرِ الأَوّل إِعانةً على الذِّكْر وتَذكيراً وتَنشيطاً.
  والسُّبْحَة: الدُّعَاءُ، وصَلاةُ التَّطوُّعِ، والنّافِلة: يقال: فَرَغَ فلانٌ من سُبْحَتِه، أَي من صَلَاةِ(٦) النَّافلة، سُمِّيَت الصلاةُ تَسْبيحاً لأَنّ التّسبيح تَعظيمُ الله وتَنْزيهُه من كُلّ سُوءٍ.
  وفي الحديث: «اجْعلُوا صلاتَكم معهم سُبْحَةً»: أَي نافِلةً.
  وفي آخَرَ: «كنّا إِذا نَزَلْنَا مَنْزِلاً لا نُسبِّح حتَّى نَحُلَّ الرِّحَالَ»، أَراد صلاةَ الضُّحَى، يعني(٧) أَنّهم كانوا مع
(١) وفي المفردات: قيل تقديره سبحان علقمةَ على طريق التهكم فزاد فيه «من» ردّاً إِلى أصله، وقيل أراد سبحان الله من أجل علقمة فحذف المضاف إِليه.
(٢) في المطبوعة الكويتية: «تسبيحاً» تحريف.
(٣) بهامش المطبوعة المصرية: «قوله الطاهر، الذي في اللسان: وقيل: الطاهر» ومثله في التهذيب.
(٤) في اللسان: المجتمع عليه فيها الضم.
(٥) بالأصل «وقبور» وبهامش المطبوعة المصرية: «قوله: وقفور هو وعاء طلع النخل، وقوله: قبور كذا في النسخ وهو تصحيف والصواب: قيور بالياء. ففي المجد: والقيور كتنور: الخامل النسب» وفي التهذيب واللسان: قبور بالباء الموحدة.
(٦) اللسان: صلاته.
(٧) الأصل والنهاية، وفي اللسان: بمعنى.