تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[سفح]:

صفحة 91 - الجزء 4

  انتَهى. وفي التَّنْزيل {مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسافِحِينَ}⁣(⁣١) قال الزَّجّاج: وأَصلُ ذلك من الصَّبِّ. تقول: سافَحْتُه مُسافَحةً وسِفاحاً، وهو أَن تُقِيمَ امرأَةٌ مع رَجُلٍ على الفُجُورِ من غير تَزْويجٍ صَحِيحٍ⁣(⁣٢).

  وفي الحديث: «أَوَّلُه سِفَاحٌ وآخرُه نِكاحٌ». وهي المرأَةُ تُسَافِحُ رجلاً مدة، فيكون بينهما اجتماع على فجُور، ثم يَتَزوّجُها بعدَ ذلك. وكَرِهَ بعضُ الصَّحَابَةِ ذلك، وأَجازه أَكثرُهم. قال⁣(⁣٣): وسُمِّيَ الزِّنا سِفاحاً لأَنّه كان عن غَيْرِ عَقْدٍ، كأَنّه بمنزلةِ الماءِ المَسفوح الّذي لا يَحْبِسه شَيْءٌ. وقال غيرُه: سُمِّيَ الزِّنَا سِفاحاً لأَنه ليس ثَمَّ حُرْمةُ نِكَاحٍ ولا عَقْدُ تَزْوِيجٍ، وكلُّ واحد منهما سَفَح مَنْيَته⁣(⁣٤) أَي دَفَقَهَا بلا حُرْمَةٍ أَباحَتْ دَفْقَهَا. وكان أَهلُ الجاهليّة، إِذا خَطَبَ الرَّجلُ المَرْأَةَ قال: أَنْكِحيني، فإِذا أَرادَ الزِّنا قال سافِحيني.

  والسَّفَّاح، ككَتّان: الرّجلُ المِعْطاءُ، مُشْتقٌّ من ذلك، وهو أَيضاً الرّجلُ الفَصِيحُ. ورجلٌ سَفّاحٌ، أَي قادِرٌ على الكلام. والسَّفّاح: لَقَب أَميرِ المؤمنينَ عبد الله بن محمّدِ بن عليّ بنِ عبدِ الله بنِ عبَّاس، ¤، أَوّل خُلفاءِ بني العبّاس، وآخِرُهم المُسْتَعْصِم. بالله المقتولُ ظُلْماً، وأَخبارُهم مشهورة. والسَّفَّاحُ رئيسٌ للعربِ⁣(⁣٥).

  والسَّفّاح: سَيْفُ حُمَيْدِ بنِ بَحْدَل⁣(⁣٦)، بالحاءِ المهملة، على وزْن جَعْفَر.

  والسُّفُوح، بالضَّمّ: جمْع سَفْحٍ وهي أَيضاً الصُّخورُ اللَّيِّنَةُ المُتَزلِّقة.

  والسَّفِيح: الكِسَاءُ الغَلِيظُ. ومن المَجَاز: السَّفِيحُ أَيضاً: قِدْحٌ من قِدَاحِ المَيْسِرِ ممّا لا نَصِيبَ له. وقال اللِّحْيَانيّ: السَّفِيح: الرّابعُ من القِدَاحِ الغُفْلِ، الّتي لَيْسَتْ لها فُرُوضٌ ولا أَنْصِبَاءُ، ولا عليها غُرْمٌ، وإِنما يُثَقَّل بها القِدَاحُ اتِّقَاءَ التُّهَمَةِ. وقال في موضِعٍ آخَرَ: يَدْخُلُ في قِدَاحِ المَيْسرِ قِداحٌ يُتكثَّر بها كَرَاهَةَ التُّهَمَة، أَوّلُها المُصَدَّر، ثم المُضَعَّف، ثم المَنِيح، ثم السَّفِيح، ليس لَهَا غُنْمٌ ولا عليها غُرْمٌ.

  والسَّفِيح: الجُوَالِقُ، كالخُرْج يُجْعَل على البَعير. قال:

  يَنْجُو إِذا ما اضْطرَبَ السَّفيحانْ

  نَجَاءَ هِقْل جافلٍ بفَيْحَانْ⁣(⁣٧)

  والمَسْفوح⁣(⁣٨): بَعيرٌ قد سُفِحَ في الأَرْض ومُدَّ، والواسِع، والغَليظُ. وإِنه لمسفوحُ العُنُقِ، أَي طَوِيلُه غليظُه. ومن المَجَاز: جَملٌ مَسفوحُ الضُّلُوعِ: ليس بكَزِّهَا.

  والمَسْفُوح: فَرَسُ صَخْرِ بنِ عَمْرِو بن الحارِث.

  ومن المجاز: المُسَفِّح كمحدِّث: يقال لكُلّ من عَملَ عملاً لا يُجْدِي عليه، وقد سَفَّحَ تَسْفِيحاً، شُبِّه بالقِدْح السَّفيح، وأَنشد:

  ولَطَالَ مَا أَرَّبْتَ غَيرَ مُسَفِّح

  وكَشَفْتَ عن قَمَعِ الذُّرَى بِحُسامِ

  قوله: أَرَّبْت، أَي أَحْكَمْتَ⁣(⁣٩).

  ويقال: أَجْرَوا سِفاحاً⁣(⁣١٠)، أَي بغَيْرِ خَطَرٍ.

  ومن المَجَاز: ناقةٌ مَسْفوحةُ الإِبْطِ، أَي واسعَتُه، وفي الأَساس: واسِعَتُهَا. قال ذو الرُّمّة:

  بمَسْفُوحَةِ الآباطِ عُرْيانَةِ القَرَا

  نِبَالٍ تَوَالِيها رِحَابٍ جُنوبُهَا⁣(⁣١١)


(١) سورة النساء من الآية ٢٤.

(٢) هو قول الليث كما في التهذيب.

(٣) يعني الزجاج كما يفهم من اللسان.

(٤) في التهذيب: «منيّه» وبهامش المطبوعة المصرية: «قوله: منيته، المنية كرمية، ماء الرجل والمرأة اه قاموس».

(٥) في التكملة: والسفاح من رؤوساء العرب سفح ماءه في غزوة غزاها، فسمي السّفّاح (وهو سلمة بن خالد كما في الاشتقاق لابن دريد). قال الأخطل:

وأخوهما السفاح ظمأ خيله

حتى وردن جبى الكلاب نهالا

(٦) قال الطائي (كما في التكملة):

هذا حميد قد أتاكم معلما

يدرع الليل ويمشي قدما

بسيفه السفاح ما تلعثما

(٧) الرجز للجعيل كما في كتاب مشارف الافايز في محاسن الأراجيز ص ٢٩٩، وروي: السبيجان بدل السفيحان.

(٨) كذا في القاموس، وسقطت «الواو» من الأصل.

(٩) وأصله من الأربة أَي العقدة. وهي أَيضاً خير نصيب في الميسر.

(١٠) في إِحدى نسخ القاموس: إِسفاحاً.

(١١) روي الشطر الأول في الديوان / ٧٠.

بنائية الأخفاف من شعف الذرى

وتواليها: أعجازها ومآخيرها.