فصل السين المهملة مع الهمزة
  أَنمار؟ قال: «الذين منهم خَثْعَمُ وَبجِيلَةُ» قال أَبو عيسى: هذا حديثٌ حَسَنٌ [غَرِيب](١).
  وسبَأٌ والدُ عَبْدِ الله المَنسوبِ إِليه الطائفةُ السَّبَائِيَّةُ(٢) بالمد، كذا في نسختنا، وصحَّح شيخُنا السَّبَئيَّة بالقصر، كالعَرَبِيَّة، وكلاهما صحيح مِنَ الغُلاةِ جمع غَالٍ وهو المُتعصِّبُ الخارج عن الحَدِّ في الغُلُوِّ من المبتدعة، وهذه الطائفةُ من غُلاةِ الشِّيعة، وهم يتفرَّقون على ثَمانِي عَشْرَةَ فِرْقَةً.
  والسِّبَاءُ كَكِتابٍ والسَّبَأُ كجَبَلٍ، قال ابنُ الأَنباريّ: حكى الكِسائيُّ: السَّبأَ: الخَمْرُ، واللَّطَأُ: الشَّرُّ الثقيلُ(٣)، حكاهما مهموزَيْنِ مَقصورَيْنِ، قال: ولم يَحْكِهما غيرُه، قال والمعروف في الخمر السِّبَاءُ بكسر السين والمدّ. والسَّبِيئَة، كَكَرِيمَةِ: الخَمْرُ أَي مطلقاً، وفي الصحاح والمحكم وغيرهما: سَبَأَ الخَمْرَ واسْتَبأَها: اشتراها، وقد تقدّم الاستشهادُ ببيتَيْ إِبراهيم بن هَرْمَة ومالكِ بن أَبي كَعْبٍ، والاسمُ السِّباءُ، على فِعَالٍ بكسر الفاءِ، ومنه سُمِّيَت الخمرُ سَبِيئَةً، قال حسان بن ثابت:
  كَأَنَّ سَبِيئَةً مِنْ بَيْتِ رَأْسٍ ... يَكُون مِزَاجَهَا عَسَلٌ وَمَاءُ
  عَلَى أَنْيَابِها أَوْ طَعْمُ غَضٍّ ... مِنَ التُّفَّاحِ هَصَّرَه اجْتِنَاءُ
  وهذا البيت في الصحاح:
  كأَنَّ سَبِيئَةً فِي بَيْتِ رأْس
  قال ابن بَرّيّ: وصوابُه «مِنْ بَيْتِ رَأْسٍ، وهو موضعٌ بالشأْم(٤).
  ويقال: أَسْبَأَ لأَمْر الله وذلك إِذا أَخْبَتَ له قَلْبُه. كذا في لسان العرب(٥) وأَسبأ على الشَّيءِ: خَبَتَ أَي انْخَضَع له قَلْبُهُ والمَسْبَأُ كَمَقْعَدِ: الطَّرِيقُ في الجَبَل.
  وسَبِيءُ كأَمير الحَيَّةِ وسَبِيُّها يُهمز ولا يهمز: سِلْخُها بكسر السين المهملة، كذا في نُسختنا، وفي بعضها على صيغة الفِعْلِ، سَبَأَ الحَيَّةَ كمنع: سَلَخَها، وصحَّحها شيخُنا، وفيه تأَمُّلٌ ومخالفةٌ للأُصول.
  وقالوا في المثل: تَفَرَّقُوا، كذا في المحكم، وفي التهذيب: ذَهَبُوا، وبهما أَورده الميادنيُّ في مَجمع الأَمثال أَيْدي سَبَا وأيادِي سَبَا يُكتب بالأَلف لأَن أَصله الهمز، قاله أَبو عليٍّ القالي في الممدود والمقصور، وقال الأَزهريُّ: العربُ لا تهمز سَبَا في هذا الموضع، لأَنه كَثُر في كلامهم فاستثقلوا فيه الهمْزَ، وإِن كان أَصلُه مهموزاً، ومثلَه قال أَبو بكر بن الأَنباريّ وغيرُه، وفي زهر الأَكم: الذَّهَابُ مَعلومٌ، والأَيادي جَمْعُ أَيْدٍ، والأَيْدِي بمعنى الجَارِحة وبمعنى النِّعْمة وبمعنى الطَّرِيق: تَبَدَّدُوا قال ابنُ مالك: إِنه مُركَّب تَركيب خَمْسَةَ عَشَرَ، بَنَوْهُ على السُّكُونِ أَي تكلَّموا به مبنيًّا على السكون كخمسةَ عشرَ، فلم يجمعوا بين ثِقَلِ البناءِ وثِقَلِ الهَمزة، وكان الظاهر بَنَوْهُما أَو بنَوْهَا، أَي الأَلفاظ الأَربعة، قاله شيخُنا وليس بتَخفيف عن سَبَإٍ لأَن صورةَ تخفيفه(٦) ليست على ذلك وإِنما هو بدلٌ وذلك لكثرته في كلامهم، قال العجَّاج:
  مِنْ صادِرٍ أَوْ وارِدٍ أَيْدِي سبا
  وقال كُثيِّر:
  أَيَادِي سَبَا يَا عزَّ ما كُنْتُ بَعْدَكُمْ ... فَلَمْ يحْلَ للْعيْنَيْنِ بَعْدَكِ مَنْزِلُ
  ضُرِبَ المَثَلُ بهم لأَنه لمَّا غَرِقَ مَكَانُهم وذَهبَتْ جَنَّاتُهم أَي لما أشرف مَكَانُهم على الغَرق وقَرُبَ ذهابُ جَنَّاتِهم قَبْلَ أَن يَدْهَمهم السَّيْلُ، وأَنهم(٧) توجهوا إِلى مكة ثم إِلى كل جِهَةٍ برأْيِ الكاهِنةِ أَو الكاهِن، وإِنما بَقِيَ هناك طائفةٌ منهم فقط تَبَدَّدُوا في البِلادِ فلحق الأَزدُ بِعُمَان(٨)، وخُزَاعةُ بِبَطن
(١) زيادة عن الترمذي.
(٢) في القاموس «السبئية».
(٣) في اللسان: «واللظأ: الشيء الثقيل»، وهي كذلك في التهذيب بالظاء المشالة. وفي القاموس (لظأ): اللظأ كجبل: الشيء القليل.
(٤) في معجم البلدان: بيت رأس اسم لقريتين، ينسب إليها الخمر، احداهما بالبيت المقدس، والأخرى من نواحي حلب.
(٥) في اللسان: وأسبأ لأمر الله: أخبت، وأسبأ على الشيء: خبت له قلبه.
(٦) اللسان: تحقيقه.
(٧) بهامش المطبوعة المصرية: قوله وأنهم الخ، هكذا بالنسخ وليتأمل.
(٨) في سيرة ابن هشام ١/ ١٤: ونزلت أزد عُمان عُمانَ، (يفرقهم عن أزد السراة الذين نزلوا السراة).