تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[ملح]:

صفحة 212 - الجزء 4

  قال الأَزهَريّ: وأَنشدنا أَبو عَمْرٍو في مَضَح، لبكْرِ بن زَيدٍ القُشيريّ:

  لا تَمضَحنْ عِرْضِي فإِنِّي ماضِحُ

  عِرْضَك إِنْ شاتَمْتَني وقادحُ

  يريدُ أَنّه يُهلِك مَن شاتَمه ويَفعلُ به ما يُؤدِّي إِلى عَطَبهِ، كالقَادِح في الشَّجَرَةِ⁣(⁣١).

  وقال شُجاعٌ: مَضَحَ عنه ونَضَحَ: ذَبَّ ودَفَعَ.

  وفي نوادر الأَعراب: مَضَحتِ الإِبلُ ونَضَحَت ورَفَضت، إِذا انتَشَرَتْ. ومَضَحَتِ المزَادَةُ: رَشَحَتْ، كنَضَحَت.

  ومَضَحَت الشَّمْسُ ونَضَحَت، إِذا انتَشَرَ شُعَاعُها على الأَرْض.

  [مضرح]: المَضْرَحُ والمَضْرَحِيّ، والأخير أكثر: الصَّقْرُ الطَّوِيلُ الجَنَاحِ. وفي الكفاية: المَضْرَحِيّ: النَّسْر، وقال أَبو عُبيدٍ: الأَجدَلُ والمَضْرحيّ والصَّقْرُ والقُطَامِيّ واحدٌ.

  وقد مَرّ للمصنّف في ضَرح فراجِعْه. وإِنّمَا أَعاده هنا نظراً إِلى أَصالة الميمِ في قول بعض أَهل اللُّغَةِ، وتقدّم لنا الكلام هناك.

  [مطح]: مَطَحَه كمنَعَه: ضَرَبَه بيَدِه، يَمْطَحه مَطْحاً، وربما كُنيَ به عن النِّكاح.

  ومَطَحَ المرأَةَ: جَامَعَهَا. قال الأَزهَريّ: أَمّا الضَّرْبُ باليد مَبسوطَةً فهو البَطْح. قال: وما أَعرِف المَطْح، إِلّا أَن تكون الباءُ أُبدِلت ميماً.

  وامتَطَحَ الوَادِي: ارتَفَعَ وكَثُرَ ماؤُه وسالَ سَيْلَا عريضاً، كتَبطَحَ وتَمطَّحَ.

  [ملح]: المِلْح، بالكسر، م أَي معروف، وهو ما يُطيَّب به الطَّعَامُ: وقد يُذكّر، والتَّأْنِيث فيه أَكثَرُ، كذا في العُبَاب.

  وتصغيره مُلَيْحَة. وقال الفَيّوميّ: جمعها مِلاحٌ كشِعْب وشعاب.

  ومن المجاز المِلْح: الرَّضَاعُ وقد رُوِي فيه الفَتْحُ أَيضاً، كذا في المحكم، ونقله في اللّسَان، وقد مَلَحَت فُلانةُ لفُلانٍ، إِذا أَرْضَعَت [له]⁣(⁣٢)، تَمْلَح وتَمْلُح. وقال أَبو الطَّمَحَان، وكانَتْ له إِبِلٌ يَسْقِي قَوْماً من أَلبانها ثم إِنّهم أَغاروا عليها فأَخذُوها:

  وإِنّي لأَرجُو مِلْحَها في بُطونِكمْ

  وما بَسَطَتْ مِنْ جِلْدِ أَشعَثَ أَغْبَرَا⁣(⁣٣)

  وذلك أَنّه كَان نَزل عليه قَومٌ فَأَخذُوا إِبلَه فقال: أَرجو أَن تَرَعَوْا ما شَرِبْتم من أَلبان هذه الإِبل، وما بَسَطَتْ منْ جُلُودِ قَومٍ كأَنَّ جلُودَهم قد يَبِست فسَمِنُوا منها.

  وفي حديث وَفْدِ هَوَازِنَ «أَنَّهم كلَّموا رسول الله ÷ في سَبْيِ عشائرِهم فقال خَطيبُهم: إِنّا لو كُنّا مَلَحْنا للحارِث بن أَبي شَمِرٍ أَو للنُّعمان بن المنذرِ ثم نَزَل مَنزِلَك هذا منّا لحَفِظَ ذلك لنا وأَنت خيرُ المكْفُولِين، فاحْفَظُ ذلك.

  قال الأَصمعيّ في قوله مَلَحْنَا، أَي أَرْضَعْنا لهما. وإِنَّمَا قال الهَوَازِنّي ذلك لأَنّ رَسُولَ الله ÷ كان مُسْتَرْضَعاً فيهم، أَرْضَعَتْه حَليمةُ السَّعدِيّة.

  والمِلْح: العِلْم. والْمِلْح أَيضاً العُلَمَاءُ، هكذا في اللِّسان وذكَرَهما ابن خالوَيه في كتابه الجامِعِ للمشترك، والقَزّازُ في كتابه الجامع.

  ومن المجاز: المِلْح الحُسْنُ، من المَلَاحَة، وقد مَلُح يَملُح مُلُوحةً ومَلاحةً ومِلْحاً، أَي حَسُن. ذكرَه صاحب المُوعب واللَّبْليّ في شرح الفصيح، والقَزّاز في الجامع.

  ومن المجاز: مَلَحَ القِدْرَ إِذا جَعَلَ فيها شيئاً من مِلْح، وهو الشَّحْمُ. وفي التهذيب عن أَبي عَمرٍو⁣(⁣٤): أَمْلَحْت القِدْرَ، بِالأَلف، إِذا جَعلْتَ فيها شيئاً من شَحْمٍ.

  والمِلْح أَيضاً: السِّمَنُ القليل، وضبطَه شيخنا بفتْح السين وسكون الميم، وجعلَه مع ما قبله عطْف تفسيرٍ ثمّ


(١) القادح عيب يصيب الشجرة في ساقها.

(٢) زيادة عن الأساس.

(٣) قال ابن بري صوابه أغبر بالخفض والقصيدة مخفوضة الروي. قال: ورأيت في حواشي نسخ الصحاح أن ابن الاعرابي أنشد هذا البيت في نوادره:

وما بسطت من جلد أشعثَ مقترِ

وهو ما أشار إِليه الصاغاني في التكملة أَيضاً قال: والقافية مكسورة ... وقيل البيت:

أمالوا ذراها واستحلوا حرامها

على كل حي منهم حبسُ أشهرِ

(٤) كذا بالأصل واللسان، وفي التهذيب: أبو عبيد عن أبي زيد: أملحت القدر ...