[نصح]:
  العِبَارَة عن معنَى هذه الكَلمة، كما قالوا في الفَلَاح. وفي شَرْح الفصيح للَّبْليّ: النّصيحة: الإِرشادُ إِلى ما فيه صَلاحُ المَنْصوحِ له، ولا يكون إِلّا قَولاً، فإِن استُعْمِل في غَير القَول كان مجازاً. والنُّصْح: بَذْلُ الاجتهادِ في المَشورةِ، وهو النَّصِيحَة أَيضاً، عن صاحِب الجَامع. هذا زبدةُ كلامهم في النّصيحة انتهى.
  قلْت: وهذا الّذي نقله شيخُنَا من أَنَّ النُّصح تَصفيةُ العسَل عند الأَكثرِ، قد رَدّه المصنّف في البصائر وقال: النُّصْح: الخلوص مُطلقاً، ولا تَقييد له بالعَسلِ ولا بغَيره.
  وقال في محلٍّ آخرَ: النَّصِيحة كلمةٌ جامعَةٌ، مُشتقَّة من مادّة ن ص ح الموضوعة لمعنيَينِ: أَحدهما الخُلوص والنّقَاء، والثاني الالْتئامُ والرِّفَاءُ، إِلى آخِرِ ما قال.
  ونَصَحَ الشيْءُ: خَلَصَ، وكلُّ شيْءٍ خَلَصَ فقد نَصَحَ.
  ومن المجاز: نَصَحَ الخيّاطُ الثَّوْبَ والقَمِيصَ: خَاطَهُ، يَنْصَحه نَصْحاً، أَو أَنْعَمَ خِياطَتَه(١)، كَتَنَصَّحَهُ. ونَصَحَ الرَّجلُ الرِّيَّ نَصْحاً، إِذا شَرِبَ حَتّى رَوِيَ. وفي بعض الأُمّهات(٢) «حتى يَرْوَى» قال:
  هذا مقامِي لك حتَّى تَنْصَحِي
  رِيًّا وتَجْتَازِي بَلاطَ الأَبطَحِ
  ويُروَى «حتّى تَنْضَحي» بالضاد المعجمة، وليس بالعالي.
  ومن المجاز قال النضْر: نَصَحَ الغَيْثُ البَلَدَ(٣) نَصْحاً: سَقَاه حتَّى اتَّصَلَ نَبْتُه فلم يكُنْ فيه فَضَاءٌ ولا خَلَلٌ. وقال غيرُه: نَصَحَ الغَيْثُ البِلادَ ونَصَرَهَا(٤) بمعنًى واحدٍ.
  ومن المجاز قولُهم: رجُلٌ ناصحُ الجَيْبِ: نَقِيُّ الصَّدْرِ ناصِحُ القلب، لا غِشَّ فِيه. وفي الجامع للقزّاز: النُّصْحُ: الاجتهادُ في المَشُورَةِ، وقد يستعار فيقال: فلانٌ ناصحُ الجَيْبِ، أَي ناصِحُ القَلْبِ، ليس في قَلْبه غِشٌّ. وقيل: ناصِحُ الجَيبِ مثل قولهم: طاهرُ الثَّوْب، وكلُّه على المثَل. قال النابغة:
  أَبْلِغِ الحَارِثَ بنَ هِنْدٍ بأَنّي
  ناصِحُ الجَيْبِ باذلٌ للثَّوَابِ
  ومن المجاز: سقاني ناصِحَ العَسَلِ، أَي ماذِيَّه.
  والنَّاصح: العَسَل الخالِصُ. وفي الصّحاح عن الأَصمعيّ: هو الخَالِصُ من العَسَل وغيرِهَا(٥)، مثْل الناصِع. ووجدْت في هامشه ما نَصُّه: العربُ تُذكِّر العسَلَ وتُؤَنّثه، والتأْنِيث أَكثرُ، كذا قال الأَزهريّ في كتابه، انتهى. قال ساعدة بن جُؤَيّة الهذليّ يَصِف رَجلاً مَزَجَ عَسَلاً صافياً بماءٍ حتّى تَفرَّق فيه:
  فأَزالَ مُفرِطَهَا بأَبيضَ نَاصحٍ
  من ماءِ أَلْهَاب بهنَّ التَّأْلَبُ(٦)
  وقال أَبو عمرو: النَّاصِح: النَّاصِعُ في بيت ساعدةَ.
  قال: وقال النَّضرُ: أَرادَ أَنّه فَرّقَ بين خالِصِها ورَديئها بأَبيضَ مُفْرَط، أَي بماءِ غدِير مملوءٍ.
  والناصِح الخَيّاطُ، كالنَّصَّاح والنَّاصِحِيّ. وقميصٌ منصوحٌ و [آخَرُ](٧) مُنْصَاحٌ [أَي منشق].
  والناصِح: فَرَسُ الحَارث بن مَرَاغَةَ أَوْ فَضَالَةَ بنِ هِنْد، وفَرَسُ سُوِيدِ بن شَدّادٍ.
  ومن المجاز: صَلِّبْ نِصَاحَكَ. النِّصَاح ككِتَابِ: الخَيْطُ، وبه سُمِّيَ الرَّجلُ نِصَاحاً. والسِّلْكُ يُخَاط به، ج نُصُحٌ بضمتين، ونِصَاحةٌ، الكسرة في الجميع غير الكسرة في الواحد، والأَلف فيه غير الأَلف، والهاءُ لتأْنيثِ الجميعِ.
  ونِصَاحٌ: والدُ شَيْبَة القارِئ، وكان أَبو سعد الإِدريسيّ يقوله بفتح فتشديد، قاله الحافظ ابن حجر.
  والمِنْصَحَةُ، بالكسر: المِخْيَطَة كالمِنْصَح، بغير هاءٍ، وهي الإِبرة، فإِذا غلُظَت فهي الشَّعيرة(٨).
  ومن المجاز: المُتَنَصَّحُ: المَتَرقَّعُ(٩) كلاهما على صيغةِ
(١) وهي عبارة الأساس، وزيد فيه: ولم يترك فيه فتقاً ولا خللاً.
(٢) وهي عبارة التهذيب واللسان.
(٣) التهذيب واللسان والتكملة: البلاد ... نبتها.
(٤) الأصل والتهذيب والتكملة وفي اللسان (دار المعارف): نضرها ..
(٥) الصحاح: وغيره.
(٦) في التهذيب واللسان والتاج (فرط):
فأزال ناصحها بأبيض مفرط.
وفي التهذيب «عليه» بدل «بهن».
(٧) زيادة عن الأساس.
(٨) كذا بالأصل واللسان، وفي التهذيب واللسان (شغز): الشغيزة).
(٩) في القاموس: المرقع، وفي إِحدى النسخ منه: المترقع كالأصل.