تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[نضخ]:

صفحة 319 - الجزء 4

  والنَّوْذَخُ: الجَبَانُ.

  [نسخ]: نَسخَه به، كَمَنَعَه، ينسَخُه، وانتَسَخَه: أَزَالَهُ به وأَدالَهُ. والشيءُ يَنسَخ الشيْءَ نَسْخاً، أَي يُزِيله ويكون مكانَه. والعرب تقول: نَسَخَت الشَّمسُ الظِّلَّ وانتَسَخَتْه: أَزالَتْه، والمعنَى أَذْهَبَت الظِّلَّ وَحلَّتْ مَحلَّه، وهو مَجَازٌ.

  ونَسْخُ الآيَةِ بالآيَةِ: إِزالَةُ حُكْمِها. والنَّسْخ: نَقْلُ الشَّيْءِ من مَكانٍ، إِلى مَكَانٍ وهو هو. ونسخَه: غَيَّرَهُ. ونَسَخَت الرِّيحُ آثَارَ الدِّيَار: غَيَّرَتْهَا. ونَسَخَه: أَبْطَلَه، وأَقَامَ شيئاً مُقَامَه.

  وقال الَّليث: النَّسْخ: أَن تُزِيل⁣(⁣١) أَمْراً كان من قبلُ يُعْمَل به ثم تَنْسَخَه بحادِثٍ غيرِه. وقال الفَرّاءُ: النَّسْخُ أَنْ تَعْمَلَ⁣(⁣٢) بالآيةِ ثُمَّ تَنزِل آيَةٌ أُخرَى فتَعمَلَ بها وتَتْركَ الأُولَى. وفي التنزيل: {ما نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِها نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْها أَوْ مِثْلِها}⁣(⁣٣) والآيَةُ الثّانِيَة ناسخةٌ والأُولَى مَنسوخَة. وقرأَ ابن عامرٍ ما نُنْسِخْ من آية بضمّ النّون من أَنسَخَ رُباعيّا⁣(⁣٤).

  قال أَبو عليّ الفارسيّ: الهَمْزَة للوجُود كأَحْمَدْتُه: وجَدْتُه: مَحموداً. وقال الزمخشَريّ: الهَمْزَة للتعدية. حقّقَه شيخنا.

  وقال ابن الأَعرابيّ: النَّسْخ تَبديلُ الشَّيْءِ مِن الشيْءِ وهو عيرُه. والشَّيءَ، عن الفَّرَاءِ وأَبي سَعِيد: نَسخَه الله قِرْداً ومَسَخَه قِرْداً بمعنى واحدٍ.

  ونَسَخَ الكِتَابَ: كَتَبَهُ عن مُعَارَضَةٍ. وفي التهذيب: النَّسخ اكتِتابُك كِتَاباً عن كِتَابٍ حَرْفاً بحرْف، كانْتَسَخَه واسْتَنْسَخَه، والكاتب: ناسخ ومُنْتَسِخ.

  والمكتوب المَنْقُولُ منه: النُّسْخَة، بالضّمّ، وهو الأَصْل المُنتَسَخُ منه. وفي التنزيل {إِنّا كُنّا نَسْتَنْسِخُ ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ}⁣(⁣٥) أَي نستنسِخ ما تَكتُب الحَفَظَةُ فيثبتُ عند الله تعالى. وفي التهذيب: أَي نأْمُر بنَسْخِه وإِثباته.

  ونَسَخَ ما في الخَلِيَّة: حَوَّلَه إِلى غَيْرِهَا.

  والتَّنَاسُخُ والمُنَاسَخَةُ في الفرائض والمِيرَاثِ: مَوْتُ وَرَثَةٍ بَعْدَ وَرَثةٍ وأَصْلُ المِيرَاث قائمٌ لم يُقْسَمْ وهو مَجاز، وكذلك تَناسُخُ الأَزْمِنَة، وهو تَدَاوُلُهَا، وفي الحديث «لم تكن نُبُوَّةٌ إِلّا تَنَاسَخَتْ»، أَي تَحوَّلتْ من حالٍ إِلى حالٍ، أَي أَمْر الأُمّةِ وتغايُر أَحوالِها، وهو مَجاز. أَو انقراضُ قَرْنٍ بَعْدَ قَرْنٍ⁣(⁣٦) آخَرَ. ومنه الفِرقَةُ التَّنَاسُخِيَّةُ، وهي طائفةٌ تقولُ بتناسُخِ الأَرواحِ وأَنْ لا بَعْثَ، وهو مَجاز.

  وبَلْدَةٌ نَسِيخَةٌ ونُسَخِيَّةً كجُهَنِيَّة: بعيدةٌ.

  والنُّسُوخ بالضّمّ: ة بالقَادِسِيَّة.

  [نضخ]: نَضَخَه، كمَنَعَه: رَشَّه، أَو كنَضَحَهُ، قال أَبو زيد: النَّضْخُ الرّش، مثْل النَّضْح، وهما سَواءٌ تقول: نَضَخْت أَنْضَخُ، بالفَتْح، قال الشاعر:

  به مِن نِضَاخ الشَّوْلِ رَدْعٌ كأَنّه

  نُقَاعَةُ حِنَّاءٍ بماءِ الصَّنَوْبرِ

  وقال القُطَاميّ:

  وإِذَا تَضَيَّفُنِي⁣(⁣٧) الهُمومُ قَرَيْتُهَا

  سُرُحَ اليَدَيْن تُخَالِسُ الخَطَرَانَا

  خَرَجاً كأَنّ مِن الكُحَيلِ صُبَابَةً

  نُضِخَتْ مَغابِنُها بها نَضَخَانَا

  أَو النَّضْخ دُونَه، أَي دون النّضْح، وقيل: النَّضْخ: ما كان على غيرِ اعتمادٍ، والنَّضْح: ما كان على اعتمادٍ. قال الأَصمعيّ: ما كان مِن فِعْل الرَّجُل فهو بالحَاءِ غَير معجمة وأَصابه نَضْخٌ، بالخَاءِ مُعجمةً، وهو أَكبَرُ من النَّضْحِ. قال أَبو عُبيد: وهو أَعجَبُ إِليَّ من القَول الأَوّل. وقال أَبو عُثمانَ التَّوّزيّ: قد احتُلِف في أَيّهما⁣(⁣٨) أكثرُ، والأَكثرُ أَنّه بالمعجمة أَقلُّ من المهملة.

  وفي حديث النَّخَعيّ «لم يَكُنْ يَرَى بنَضْخِ البَوْلِ بَأْساً»، يعني نَثْره⁣(⁣٩) وما تَرشَّشَ منه، ذَكرَه الهَرويّ بالمعجمة.

  ونَضَخَ المَاءُ: اشتَدَّ فَوَرَانُهُ في جَيشَانه وانفجارِه مِنْ


(١) التهذيب واللسان: تزايل.

(٢) في التهذيب: بالياء في الموضعين.

(٣) سورة البقرة الآية ١٠٦.

(٤) والقراءة الجيدة «{ما نَنْسَخْ ...} بفتح النون (عن التهذيب).

(٥) سورة الجاثية الآية ٢٩.

(٦) وضعت كلمة «قرن» بالأصل خارج الأقواس، وهي من أصل القاموس.

(٧) عن الصحاح، وبالأصل «تضيقني».

(٨) يعني النضخ والنضح. قال: النضخ الأثر يبقى في الثوب وغيره، والنضح بالحاء غير معجمة: الفعل.

(٩) بهامش المطبوعة المصرية: «قوله نثره، الذي في اللسان والنهاية: «نشره».