[جرد]:
  ومن المَجاز: فَرَسٌ أَجْرَدُ وكذلك غَيره من الدّوابّ: قَصيرُ الشَّعَرِ، وزاد بعضُهم: رَقِيقُه. وقد جَرِدَ، كفَرِحَ، وانجَرَدَ. وذلك من علاماتِ العِتْق والكرَمِ. وقَولهم أَجْرَدُ القوائِمِ، إِنَّمَا يُريدونَ أَجْرَدَ شَعرِ القوائمِ، قال:
  كأَنّ قُتُودي والقِيانُ هَوَتْ به
  من الحَقْبِ جَرداءُ اليَديْن وَثِيقُ(١)
  وتَجرَّدَ الفَرسُ وانجَردَ: تَقدَّمَ الحَلْبةَ فخرَجَ منها، ولذلك قيل: نَضَا الفَرسُ الخَيْلَ، إِذا تقدّمَها، كأَنَّه أَلقاها عن نَفْسِه كما يَنضُو الإِنسانُ ثَوْبَهُ عنه.
  والأَجْرَدُ: السَّبَّاقُ، أَي الّذي يَسبِق الخَيلَ ويَنجردُ عنها لسُرْعَته، عن ابن جنّي، وهو مَجاز.
  ومن المَجَاز أَيضاً جرَدَ السَّيْفَ من غَمده كنَصَرَ، وجَرّده تجريداً: سَلَّه. وسَيْفٌ مُجَرَّد: عُريانُ. وجرَّدَ الكِتَابَ والمُصحفَ تَجريداً: لم يَضْبِطْه، أَي عَرّاه من الضَّبط والزِّيادات والفَواتِح. ومنه قَولُ عبدِ الله بن مسعودٍ وقد قرأَ عنده رَجلٌ فقال: أَستعيذ بالله من الشَّيطان الرجيم، فقال: «جَرِّدُوا القُرْآنَ ليَرْبُوَ فيه صَغِيرُكم(٢)، ولا يَنأَى عنه كَبيرُكُم ولا تُلْبِسُوا به شيئاً ليسَ منه» وكان إِبراهِيم يقول: أَراد بقوله جَرِّدُوا القرآنَ من النّقْط والإِعراب والتعجيم وما أَشبهَها.
  وقال أبو عبيد(٣) أَراد لا تَقْرِنُوا به شيئاً من الأَحاديث الّتي يَرْويها أَهلُ الكِتَاب، ليكون وحدَه مُفرداً.
  وعن ابن شُميل: جَرَّدَ فُلانٌ الحَجَّ تَجريداً، إِذا أَفْردَه ولم يَقْرِنْ، وكذا تَجَرَّدَ بالحَجّ. قال السُّيُوطي: لم يَحْكِ ابنُ الجَوزيّ والزَّمخشريّ سواه كما نقله شيخنا.
  وجَرَّدَ الرَّجلُ تجرِيداً: لَبِسَ الجُرُودَ، بالضّمّ، اسمٌ للخُلْقَانِ من الثِّياب، يقال: أَثوابٌ جُرُودٌ. قال كُثَيّر عزَّةَ:
  فلا تَبْعَدَنْ تَحتَ الضَّرِيحةِ أَعْظُمٌ
  رَمِيمٌ وأَثْوابٌ هُناك جُرُودُ
  والتَجَرُّد التَّعَرِّي. ويقال امرأَةٌ بضَّةُ الجُرْدَة، بضمّ الجيم، والمُجرَّدِ، كمعظَّم والمُتجَّرِدِ، بفتح الراء المشدّدة وكسرها، والفتح أَكثرُ، أَي بَضّةٌ عند التّجرُّد. وفي صفته ÷ «أَنّه كان أَنْوَرَ المتَجَرَّدِ» أَي ما جُرِّدَ عنه الثِّيابُ من جَسَده وكُشِفَ، يريد أَنّه كان مُشْرِقَ الجَسَدِ. والمُتَجرَّدُ على هذا مَصدرٌ. ومثْل هذا رَجُلُ حَرْبٍ أَي عند الحَرْب، فإِنْ كَسَرْتَ الرّاءَ أَردْتَ الجِسْمَ. وفي التّهذيب: امرأَة بَضّةُ المُتجرَّدِ، إِذا كانَت بَضّةَ البَشَرَةِ إِذَا جُرِّدَت من ثَوبِها.
  وتَجَرَّد العَصِيرُ: سَكَنَ غَلَيَانُه. وتَجردَّتِ السُّنْبُلَةُ وانْجَرَدَتْ: خَرَجَتْ من لَفَائِفِها، وكذلك النَّوْرُ عن كِمَامه.
  ومن المَجاز: تجرّدَ زيدٌ لأَمْره، إِذا جَدَّ فيه، ومنه تَجَرَّدَ للعِبادة. وجَرَّدَ للقِيَام بكذا. وكذلك تجرَّدَ في سَيْرِه وانجَردَ، وكذلك قالوا: شَمَّرَ في سَيرهِ.
  وتَجرَّدَ بالحَجّ: تَشَبّهَ بالحاجّ، مأْخُوذٌ ذلك من حديث عُمَرَ «تجرَّدُوا بالحجّ وإِنْ لم تُحْرِموا».
  قال إِسحاق بن منصور: قلْت لأَحمدَ: ما قَوْلُه تَجرَّدوا بالحَجّ؟ قال: تَشبَّهُوا بالحاجّ وإِن لم تكونوا حُجّاجاً.
  ومن المَجاز خَمْرٌ جَرْدَاءُ: صافِيَةٌ، منجرِدَةٌ عن(٤) خُثاراتِها وأَثفَالِهَا، عن أَبِي حنيفةَ. وأَنشد للطِّرِمّاح:
  فلمّا فُتَّ عنها الطِّينُ فاحَتْ
  وصَرَّحَ أَجْرَدُ الحَجَرَاتِ صَافِي
  وانْجَرَدَ بِه السَّيْلُ، هكذا باللّام في سائِر النُّسخ، والصَّواب على ما في الأَساس واللّسَان وغيرهما من كُتب الغريب: انجَرَدَ به(٥) السَّيْر: امْتَدَّ وطالَ من غير لَيٍّ على شَيءٍ. وقالُوا: إِذا جَدَّ الرَّجُلُ في سَيْرِه فمضَى يقال: انجَرَدَ فذَهَبَ، وإِذا جدَّ(٦) في القِيام بأَمْرٍ قيل: تَجرَّد.
  وانجَرَدَ الثَّوْبُ: انسَحَق ولأنَ كجرَدَ.
  وفي حديث أَبي بكرٍ «ليسَ عِندَنَا من مالِ المُسْلِمين إِلّا جَرْدُ هذه القَطيفةِ» أَي الّتي انجَردَ خَمْلُهَا وخَلَقَتْ.
(١) في التهذيب: كأن قتودي والفتان ... من الذرو ... وثيق. والفتان: غشاء الرحل.
(٢) اللام في ليربو من صلة جردوا. قاله ابن الاثير، والمعنى اجعلوا القرآن لهذا، وخصوه به واقصروا عليه دون النسيان الإِعراض عنه، لينشأ على تعلمه صغاركم ولا يتباعد عن تلاوته وتدبّره كباركم. (عن النهاية).
(٣) بهامش المطبوعة المصرية: «قوله أبو عبيد الذي في اللسان: ابن عيينة فليحرر».
(٤) اللسان: من.
(٥) الأساس والصحاح: بنا.
(٦) اللسان: وإِذا أجدَّ.