تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[حدبد]:

صفحة 416 - الجزء 4

  وفي حديثِ صَعْصَعَةَ: «فرُفعَ لي بَيْتٌ حَرِيدٌ» أَي مُنْتبِذٌ مُتْنَحٍّ⁣(⁣١) عن النّاسِ.

  وحَرِدَ عَلَيه كضَرَبَ وسَمِعَ، حَرَداً، محرّكةً، وحَرْداً، كلاهما: غَضِبَ، وفي التهذيب⁣(⁣٢): الحَرْد، جَزْمٌ، والحَرَدُ، لغتان، يقالَ: حَرِد الرجلُ إِذا اغتاظَ فتحرَّشَ بالّذِي غاظَه وهَمَّ به، فهو حارِدٌ وَحرِدٌ، وأَنشد:

  أُسُودُ شَرًى لاقَتْ أُسُودَ خَفِيَّةٍ

  تَسَاقَيْنَ سُمًّا كُلُّهُنَّ حَواردُ

  قال ابن سِيدَه: فأَمَّا سيبويه، فقال: حَرِدَ حَرْداً ورجل حَرِدٌ وحاردٌ [غضْبانُ]⁣(⁣٣) قال أَبو العباس، وقال أَبو زيد، والأَصمعيّ، وأَبو عُبَيْدَةَ: الذي سمِعْنَا من العرب الفُصحاءِ، في الغضب: حَرِدَ يَحْرَد حَرَداً، بتحريك الرّاءِ، قال أَبو العَبّاس: وسأَلْت ابنَ الأَعرابيّ عنها فقال: صَحِيحَةٌ، إِلّا أَن المُفَضَّل رَوَى أَنّ من العَرب من يقول: حَرِدَ حَرَداً وحَرْداً، والتسكين أَكثر، والأُخْرَى فَصيحةٌ، قال: وقَلَّمَا يَلْحَن النّاسُ في اللُّغَة.

  وفي الصّحاح: الحَرَدُ: الغَضَبُ، وقال أَبو نْصَرٍ أَحمَدُ بنُ حاتمٍ، صاحبُ الأَصمعيّ: هو مُخَفَّف، وأَنشد للأَعْرَج المَغْنِيّ⁣(⁣٤):

  إِذا جِيادُ الخَيْلِ جاءَت تَرْدِي

  مَمْلوءَةً من غَضَبٍ وحَرْدِ

  وقال الآخر:

  يَلُوكُ من حرْد عَلَيَّ الأُرَّما

  وقال ابن السّكّيت: وقد يُحَرَّك فيقال منه: حَرِدَ، بالكسر، فهو حارِدٌ وحَرْدانُ، ومنه قيل: أَسَدٌ حارِدٌ، ولُيوثٌ حَوارِدُ.

  وقال ابن بَرِّيّ: الَّذِي ذَكَرَه سيبويه: حَرِدَ يَحْرَدُ حَرْداً، بسكونِ الراءِ، إِذا غَضِبَ، قال: وهكذا ذَكَرَه الأَصمعيّ وابن دريد وعليُّ بن حَمْزَة، قال: وشاهده قولُ الأَشهَبِ بن رُمَيْلةَ:

  أُسودُ شَرًى لَاقَتَ أُسُودَ خَفِيَّةٍ

  تَسَاقَوْا على حَرْدٍ دِمَاءَ الأَساوِدِ

  والحِرْدُ، بالكسر: قِطْعَةٌ من السَّنَامِ، قال الأَزهَرِيّ: ولم أَسمعْ بهذا لغير اللّيْث، وهو خطأٌ، إِنما الحِرْدُ: المِعَى.

  والحِرْد. بالكسر: مَبْعَرُ البَعِيرِ والنّاقَةِ، كالحِرْدَة، بالكسر أَيضاً. وهذه نقلها الصاغانيّ، والجمع حُرُودٌ.

  وأَحرادُ الإِبل: أَمعاؤُهَا، وخَلِيقٌ أَن يكون واحدُها حِرْدا كوَاحِدِ الحُرودِ الّتي هي مَبَاعِرُهَا، لأَن المَبَاعِرَ والأَمعاءَ متقارِبَةٌ.

  وقال الأَصمعيّ: الحُرُودُ مَباعِرُ الإِبلِ، واحِدُهَا حِرْدٌ وحِرْدَةٌ، قال شَمِرٌ: وقال ابنُ الأَعرابيّ: الحُرُود: الأَمعاءُ، قال: وأَقرَأَنَا لابنِ الرِّقاعِ⁣(⁣٥):

  بُنِيتْ على كَرِش كأَنَّ حُرُودَها

  مُقُطٌ مُطَوَّاةٌ أُمِرَّ قُوَاهَا

  وزيادُ بن الحَرِد، كَكَتِف، مَولَى عمْرِو بن العاصِ، روى عن سَيِّده المذكورِ.

  وحاردَتِ الإِبِلُ حِرَاداً: انقَطعَتْ أَلبانُها أَو قلَّتْ⁣(⁣٦)، أَنشد ثعلب:

  سَيَرْوِي عقيلاً رِجْلُ ظَبْيٍ وعُلْبَةٌ

  تَمطَّتْ به مَصلوبةٌ لم تُحارِدِ⁣(⁣٧)

  واستعاره بعضهم للنساءِ فقال:

  وبِتْنَ علَى الأَعضادِ مُرْتفِقاتِها

  وحارَدْنَ إِلَّا ما شَرِبْن الحَمائِمَا

  ييقول: انقَطعَتْ أَلبانُهنّ إِلّا أن يَشرَبْن الحَمِيمَ، وهو الماءُ يُسَخِّنَّه فيشْرَبْنَهُ، وإِنَّمَا يُسَخِّنَّهُ لأَنهنّ إِذا شَرِبْنَه بارِداً على غيرِ مأْكُول عَقَرَ أَجوافَهُنّ.

  ومن المجاز: حَارَدَت السَّنَةُ: قَلَّ ماؤُها ومَطَرُهَا، وقد


(١) عن اللسان، وبالأصل «متنحي».

(٢) في التهذيب المطبوع: الحَرَد لغتان.

(٣) زيادة عن اللسان.

(٤) واسمه عدي بن عمرو بن سويد، وقيل فيه المعني بدلاً من المغني انظر المرزباني ص ٢٥١.

(٥) في اللسان ابن الرقاع بفتح الراء تحريف.

(٦) التهذيب: وقلّت.

(٧) مصلوبة: موسومة.