تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[سود]:

صفحة 33 - الجزء 5

  والأَسْوَدُ: الحَيَّةُ العَظِيمةُ وفيها سَوادٌ، والجمع أَسْوَداتٌ، وأَساوِدُ⁣(⁣١)، وأَساوِيدُ، غَلَبَ غَلَبَةَ الأَسماءِ. والأُنثى: أَسْوَدَةٌ، نادرٌ.

  وإِنما قيل للأَسْودِ: أَسْوَدُ سالِخٌ، لأَنه يَسْلُخُ جِلْدَه في كُلِّ عامٍ. وأَما الأَرقَمُ فهو الّذي فِيه سَوادٌ وبياضٌ. وذُو الطُّفْيَتَيْنِ: الّذِي له خَطَّانِ أَسْودانِ.

  قال شَمِرٌ: الأَسودُ: أَخْبَثُ الحَيَّاتِ، وأَعظمُها، وأَنكاها⁣(⁣٢)، وهي من الصِّفة الغالبة، حتّى استُعْمِل استعمالَ الأَسماءِ وجُمِعَ جَمْعَها، وليس شيْءٌ من الحَيَّاتِ أَجرأَ منه، وربما عارَضَ الرُّفْقَةَ، وتَبِعَ الصَّوْتَ، وهو الّذِي يَطلُبُ بالذَّحْلِ، ولا يَنجو سَلِيمُه. ويقال: هذا أَسْودُ، غَيْرُ مُجْرًى.

  والأَسودُ: العُصْفُورُ، كالسَّوَادِيَّةِ والسُّودانَةِ والسُّودانِيَّة، بضمّ السِّين فيهما، وهو طُوَيْئِرٌ كالعُصْفور، قَبْضَةَ الكَفِّ، يأْكل التَّمْرَ، والعِنَبَ، والجرادَ.

  والأَسود من القَومِ: أَجَلُّهُم.

  وفي حديثِ ابنِ عُمَرَ: «ما رأَيتُ بعْدَ رَسولِ الله ÷ أَسودَ مِن مُعَاوِيَةَ، قيل: ولا عُمَرَ؟!. قال: كانَ عُمَرُ خَيْراً منه، وكان هو أَسْوَدَ مِن عُمَرَ!» قيل: أَراد أَسْخَى وأَعطى للمال. وقيل: أَحْلَمَ منه.

  ومن المجاز: ما طَعَامُهُمْ إِلّا الأَسْوَدانِ، وهما: التَّمْرُ والماءُ قاله الأَصمعيُّ والأَحمَرُ؛ وإِنما الأَسودُ التَّمْرُ، دون الماءِ، وهو الغالبُ على تَمْر المدينةِ، فأُضِيفَ الماءُ إِليه، ونُعِتَا جَميعاً بِنَعت واحد إِتْبَاعاً. والعَربُ تفعل ذلك في الشَّيْئيْنِ يَصْطَحِبانِ ويُسَمَّيان⁣(⁣٣) معاً بالاسْمِ الأَشْهرِ منهما، كما قالوا: العُمرَانِ، لأَبي بَكْر وعُمَرَ، والقَمَرَانِ، للشَّمْس والقمر.

  وفي الحديث أَنَّهُ أَمَرَ بقَتْلِ الأَسْوَدَيْنِ». قال شمِر: أَراد بالأَسوَدينِ: الحَيَّة والعَقْرَبَ، تغْلِيباً. واسْتادُوا بَنِي فُلانٍ اسْتِيَاداً، إذا قَتلُوا سَيِّدَهُم، كذا قاله أَبو زيد، أَو أَسَرُوه، أَو خَطبُوا إِليهِ، كذا عن ابن الأَعرابيِّ، أَو تَزوَّج سيِّدةً من عقائلِهم، عنه أَيضاً، واستادَ القوْمَ، واستادَ فيهم: خَطَب فيهم سَيِّدَةً، قال:

  تَمَنَّى ابنُ كُوزٍ والسَّفَاهَةُ كاسْمِهَا ... لِيَسْتَادَ مِنَّا أَنْ شَتَوْنَا لَياليَا

  أَراد: يتزوَّجُ مِنَّا سَيِّدةً لِأَنْ أَصابَتْنَا سَنَةٌ. وقيل اسْتَادَ الرَّجلُ، إِذا تَزَوَّجَ في سادةٍ.

  ومن المجاز: يقال: كَثَّرْتُ سَوَادَ القَوْمِ بِسَوادِي، أَي جَماعَتَهم بشَخْصي. السَّوادُ: الشَّخْصُ، لأَنه يُرَى مِن بَعيدٍ أَسْوَدَ. وصرَّحَ أَبو عبيد بأَنه شَخْصُ كُلِّ شَيْءٍ من مَتاع وغيرِهِ، والجمع أَسْوِدَةٌ، وأَساوِدُ جَمْعُ الجمْعِ وأَنشد الأَعشى:

  تَنَاهَيْتُمُ عَنَّا وقد كَانَ فِيكُمُ ... أَساوِدُ صَرْعَى لم يُوسَّدْ قَتِيلُها⁣(⁣٤)

  يعني بالأَساوِدِ شُخوصَ القَتْلَى.

  وقال ابنُ الأَعرابيّ في قولهم: لا يُزَايِلُ سَوادِي بَياضك، قال الأَصمعيّ: معناه لا يُزايِلُ شخْصِي شَخْصَك. السَّوادُ، عند العرب: الشَّخْصُ، وكذلك البياضُ.

  وفي الحديث: «إِذا رَأَى أَحَدُكُمْ سَواداً بِلَيْل فلا يَكُنْ أَجْبَنَ السَّوَادَيْن فإِنَّه يَخافُكَ كما تَخَافُهُ» أَي شَخْصاً وعن أَبي مالِكٍ: السَّوادُ: المالُ ولفُلانٍ سَوادٌ، المالُ الكَثِيرُ، ويقال: سَوادُ الأَميرِ: ثَقَلُه.

  ومن المَجَاز: السَّوادُ من البَلْدَةِ: قُرَاها، وقد يقال: كُورَة كذا وكذا، وسَوادُهَا، أَي⁣(⁣٥) ما حوالَيْ قَصَبَتِها وفُسْطَاطِهَا، من قُرَاهَا ورَسَاتِيقها. وسَوادُ البصرةِ والكُوفَة: قُرَاهما.


(١) اقتصر في الصحاح على الأساود، قال: لأنه اسم، ولو كان صفة لجمع على فُعْلٍ.

(٢) التهذيب: وأمكرها.

(٣) التهذيب واللسان: يسميان دون واو.

(٤) بالأصل «لم يسوّد قتيلها» وما أثبت عن التهذيب والصحاح وهو الوجه المناسب فالقتيل لا يسوّد أي يصير سيداً، ويوسد أي توضع تحت رأسه وسادة، يريد دفنه، فصرعى الاعداء لم يدفنوا لكنهم تركوا في الخلاء تنهشهم الطيور والحيوان.

(٥) بالأصل «إلى» وما أثبت عن التهذيب. وبهامش المطبوعة المصرية: «قوله إلى ما حوالي كذا في اللسان ولعله: أي ما حوالي» وهو ما أثبت.