[صدد]:
  وصَدَّ يَصُدُّ، بالضّمّ، ويَصِدُّ، بالكسر، صَدًّا وصَدِيداً: عَجَّ وضَجَّ. وفي التنزيل: {وَلَمّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلاً إِذا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ}(١) أَي يَضِجُّون وَيعِجُّون، وقد قُرِئ: يَصُدُّون أَي يُعْرِضُون. قال الأَزهريّ(٢) تقول صَدَّ يصُدُّ وَيصِدُّ، مثل شَدَّ يَشُدّ ويَشِدّ، والاختيار: {يَصُدُّونَ}، بالكسر.
  وهي قراءَة ابن عباس. وعلى قوله في تفسيره العَمَلُ. قال أَبو منصور: يقال صَدَدْتُ فُلاناً عن أَمرِهِ أَصُدُّه صَدًّا فَصَدَّ يَصُدُّ، يستوِي فيه لَفْظُ الواقعِ واللازِمِ، فإِذا كان المعنَى يَضِجُّ وَيعِجُّ فالوَجْهُ الجَيِّدُ صَدَّ يَصِدُّ، مثل ضَجَّ يَضِجُّ.
  ونقل شيخنا عن شروح اللامِيَّة: أَن صَدَّ اللازِمَ، سواءٌ كان بمعنى ضَجَّ أَو أَعرَضَ، فمضارِعُهُ بالوَجْهَيْن، الكسر على القِيَاس، والضّمّ على الشُّذوذ. قال: وكلامُ المصنِّف يقتضِي أَن الوَجْهَيْن في معنَى ضَجَّ فقط. وليس كذلك.
  وعن اللّيث: يقال هذه الدار على صَدَدِ هذه، ودارِي صَدَدَ دارِهِ محرَّكَةً، أَي قُبَالَتَهُ وقُرْبَهُ، كذا في النُّسْخ، بتذكير الضمير والصواب تأْنِيثُه(٣)، كما في سائر الأُمهات نُصِبَ على الظَّرْفِ، قال أَبو عُبَيْد، قال ابن السِّكِّيت، الصَّدَدُ، هذا، وبِصَدَهِ، وعلى صَدَدِهِ، أَي قُبَالَتَهُ.
  والصَّدِيدُ: ماءُ الجُرْحِ الرَّقِيقُ المختلِطُ بالدَّمِ قبل أَن تَغْلُظَ المِدَّة. وفي الحديث: «يُسْقَى مِن صَدِيدِ أَهْلِ النَّارِ».
  قال ابن الأَثير: هو الدَّمُ والقَيْحُ الّذِي يَسِيل من الجَسَدِ.
  وقال ابن سِيده: الصَّدِيدُ: القَيْحُ الّذِي كأَنَّه ماءٌ وفيه شُكْلَةٌ.
  والصَّدِيدُ في القرآن: ما يَسِيلُ من جُلودِ أَهْلِ النَّار. وقال اللَّيْث: [الصديد](٤) الدّمُ المُخْتلِط بالقَيْحِ في الجُرْحِ.
  وقيل: الصَّدِيدُ: الحَمِيمُ إِذا أُغْلِيَ حَتَّى خَثُرَ أَي غَلُظ، نقله الصاغانيّ.
  والتَّصْدِيدُ: التَّصْفِيقُ. والتَّصدُّدُ: التَّعَرُّض، هذا هو الأَصل، وتُبْدَلُ الدالُ ياءً، فيقال التَّصَدِّي والتَّصْدِيَهُ قال الله ø: {وَما كانَ صَلاتُهُمْ عِنْدَ الْبَيْتِ إِلّا مُكاءً وَتَصْدِيَةً}(٥) فالمُكَاءُ: الصَّفِيرُ، والتَّصْدِيةُ: التَّصْفِيقُ: وقيل للتَّصْفِيق: تَصِديةٌ، لأَن اليَدَيْن تَتصافَقانِ، فيقابِل صَفْقُ هذِه صَفْقَ الأُخرى وصَدُّ هذه صَدَّ الأُخرَى، وهما وَجْهاها.
  وعن ابن سيده: التَّصْدِيَةُ: التَّصْفِيقُ والصَّوتُ، على تحويل التّضعيف. قال: ونظيره: قَصَّيْتُ أَظْفَارِي. في حروف كثيرة. قالَ: قد عَملَ فيه سيبويه باباً. وقد ذَكَرَ منه يَعقُوبُ وأَبو عبيدٍ أَحرُفاً.
  وفي التهذيب: يقال صدَّى يُصَدِّي: تَصْدِيةً، إِذا صَفَّقَ.
  وأَصله: صَدَّدَ(٦) يُصدِّدُ، فكثُرَت الدّالات، فقُلِبَت إِحداهُنَّ ياءٌ، كما قالوا: قَصَّيْتُ أَظْفَارِي، والأَصلُ: قَصَصْتُ. قال: قال ذلك أَبو عُبَيْدٍ، وابنُ السِّكِّيت، وغيرهما. وذهَبَ أَبو جعفر الرُّسْتُمِيُّ، إِلى أَن التَّصْدِيَةَ من الصَّدَى، وهو الصَّوتُ، ولم يُستَعمل من الصَّدَى فِعْلٌ. والحَمْل على المُستعمَل أَوْلَى.
  قال شيخُنَا: هو كلامٌ ظاهرٌ، وفي كلام المصنِّف لَفٌّ ونَشْرٌ مُشَوَّشٌ.
  وقول الله تعالى: {أَمّا مَنِ اسْتَغْنى فَأَنْتَ لَهُ تَصَدّى}(٧) معناه: تَتَعرَّض له، وتَمِيل إِليه وتُقْبِل عليه، يقال تَصَدَّى فَلانٌ لفُلان، إِذا تَعَرَّضَ له. والأَصْل تَصدَّدَ. وقال الأَزهريّ: ويجوز أَن يكون معنى قوله: {فَأَنْتَ لَهُ تَصَدّى} أَي تَتَقَرَّب إليه، من الصَّدَدِ وهو القُرْبُ، كما تقدَّم.
  والصُّدَّاد، كَرُمَّانٍ: الحَيَّةُ، عن الصاغانيّ، ودُوَيْبَةٌ من جنْس الجُرْذَانِ، أَو سامُّ أَبْرَصَ، وقد جاءَ في كلامِ قَيْس وفَسّره به أَبو زيد، وتَبِعَه ابنُ سيده، وقيل: الوَزَعُ، أَنشد يعقوب:
  مُنْجَحِراً مُنْجَحَرَ الصُّدَّادِ
  ثم فَسَّرَه بالوَزَغِ ج: صَدَائِدُ، على غير قياس.
  والصُّدَّاد أَيضاً: الطَّريق إِلى الماءِ.
  والصِّدَاد، ككِتَابٍ: ما اصْطَدَّتْ به المرأَةُ، وهو أَي الصِّدَاد: السِّتْرُ، كذا في نوادر الأَعراب.
(١) سورة الزخرف الآية ٥٧.
(٢) العبارة في التهذيب: قال: والعرب تقول، والقائل كما يفهم من عبارته هو الفراء.
(٣) بهامش المطبوعة المصرية: «قوله والصواب الخ لعل التذكير باعتبار أن الدار مكان وهو واقع كثيراً في كلامهم».
(٤) زيادة عن التهذيب.
(٥) سورة الأنفال الآية ٣٥
(٦) الأصل واللسان نقلا عن الأزهري، وفي التهذيب: صدّ.
(٧) سورة عبس الآيتان ٥، ٦.