تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

فصل العين مع الدال، المهملتين

صفحة 97 - الجزء 5

  مَعْدُودَاتٍ أَدلُّ على القِلَّةِ، لأَنَّ كُلَّ قلِيلٍ⁣(⁣١) يُجْمَعُ بالأَلِفِ والتاءِ، نحو دُرَيْهِماتٍ، وحَمَّامَاتٍ. وقد يَجُوزُ أَن تَقَعَ الأَلِفُ والتَّاءُ للتَّكْثِير.

  والعِدَّةُ. مَصْدَرٌ كالعَدِّ، وهي أَيضاً: الجماعةُ، قَلَّتْ أَو كَثُرَتْ، تقول: رأَيتُ عِدَّةَ رِجالٍ وعِدَّةَ نِساءٍ وأَنفَذْتُ عِدَّةَ كُتُبٍ، أَي جَماعة كُتُبٍ.

  وفي الحديث: «لم تَكُنْ للمُطَلَّقَةِ عِدَّةٌ فأَنْزلَ اللهُ تعالى العِدَّة للطَّلاقِ» وعِدَّةُ المَرْأَةِ المُطَلَّقةِ والمُتَوفَّى زَوْجُها: هي ما تَعُدُّه مِن أَيَّامِ أَقْرائِها، أَو أَيَّامِ حَمْلها، أَو أَربعة أَشْهُرٍ وعَشْر ليالٍ. وعِدَّتُها أَيضاً: أَيامُ إِحْدَادِها على الزَّوْجِ وإِمساكِها عن الزِينةِ، شُهُوراً كان أَو قراءً، أَو وَضْعَ حَمْلٍ حَمَلَتْه من زَوْجِها، وقد اعتَدَّت المرأَةُ عِدَّتَها من وَفَاةِ زَوْجِها أَو طَلاقِهِ إِيَّاها. وجَمْعُ عِدَّتِها عِدَدٌ. وأَصْلُ ذلك كُلِّه مِن العَدِّ. وقد انْقَضَتْ عِدَّتُها.

  وَعِدَّانُ الشَّيْءِ، بالفتح والكسر، ولو قال: وعَدَّان الشيْءِ، ويُكْسَر كان أَخْصَر: زَمَانُهُ وعَهْدُهُ، قال الفَرَزْدَقُ، يخاطب مِسْكيِناً الدارِمِيَّ، وكان قد رَثَى زِيَادَ ابنَ أَبِيه:

  أَمِسْكِينُ أَبكَى اللهُ عَينكَ إِنّمَا ... جَرَى في ضَلَالٍ دَمْعُها فتَحَدَّرا⁣(⁣٢)

  أَقولُ له لَمَّا أَتانِي نَعِيُّهُ ... بِهِ لا بِظَبْيٍ بالصَّرِيمةِ أَعْفَرا

  أَتَبْكِي امْرَأً من آلِ مَيْسانَ كافِرًا ... ككِسْرَى على عِدَّانِه أَوْ كَقَيْصَرَا

  وأَنا على عِدَّانِ ذلكَ أَي حِينِه وإِبَّانِهِ، عن ابن الأَعرابِيّ.

  وأَوردَه الأَزهريُّ في عَدَنَ، أَيضاً. وجِئْتُ على عِدَّانِ تَفْعَلُ ذَلِكَ [وعَدَّانِ تَفْعَل ذلك]⁣(⁣٣) أَي حِينِه. أَو معنى قولهم: كان ذلك في عِدَّانِ شَبَابِه، وعِدَّانِ مُلْكه، هو أَوَّلُهُ وأَفْضَلُهُ وأَكثرُه. قال الأَزهريُّ: واشتقاقُ ذلك من قولِهِم: أَعَدَّهُ لأَمْرِ كذا: هَيَّأَهُ له، وأَعْدَدتُ للأَمْرِ عُدَّته، ويقال: أَخَذَ للأَمْر عُدَّتَهُ وعَتَادَه، بِمَعنًى، قال الأَخفشُ: ومنه قولُه تعالَى: {جَمَعَ مالاً} وَعَدَّدَهُ⁣(⁣٤) أَي جَعَلَهُ عُدَّةً للدَّهْرِ، ويقال: جَعَلَه ذا عَدَدٍ. واستَعَدَّ له: تَهَيَّأَ، كأَعَدَّ، واعْتَدَّ، وتَعَدَّدَ، قال ثَعْلبٌ: يُقَالُ: استَعْدَدتُ للمَسائل، وتَعدَّدْتُ. واسم ذلك: العُدَّةُ.

  ويقال: هُم يَتَعَادُّونَ، ويَتَعَدَّدُون على أَلْفٍ، أَي يَزِيدُون عليه في العَدَدِ، وقيل: يَتَعَدَّدُون عليه: يَزِيدُون عليه في العَدَد، ويَتعادُّونَ: إِذا اشتَركُوا فيما يُعادُّ به بَعْضُهُم بَعضاً من المَكَارِمِ.

  والمَعَدَّانِ: مَوْضِعُ دَفَّتَي السَّرْجِ على جَنْبَيْهِ من الفَرَسِ، تقولُ: عَرِقَ مَعَدَّاه، وأَنشدَ اللِّحْيَانِيُّ:

  كَزِّ القُصَيْرَى مُقْرِفِ المَعَدِّ

  وقال: عَدَّه مَعَدًّا، وفَسَّرَه ابنُ سيده وقال: المَعَدُّ هُنا: الجَنْبُ، لأَنَّه قد قال: كَزّ القُصَيْرَى، والقُصَيْرَى عُضْوٌ، فمُقَابَلَةُ العُضْوِ بالعُضْوِ خَيْرٌ من مُقَابَلَتِهِ بالعِدَّةِ.

  ومَعَدُّ بنُ عَدْنَانَ: أَبو العَرَبِ، والمِيمُ زائدةٌ، أَو المِيمُ أَصْلِيَّةٌ، لقولهم: تَمَعْدَدَ، لِقِلَّةِ تَمَفْعَلَ في الكلام، وهذا قولُ سِيبويهِ، وقد خُولِفَ فيه.

  وتَمَعْدَدَ الرَّجُلُ، أَي تَزَيَّا بِزِيِّ مَعَدٍّ، في تَقَشُّفِهِم، أَو تَنَسَّبَ هكذا في النُّسخ. وفي بعضها⁣(⁣٥): أَو انْتَسَبَ إِليهِمْ أَو تكلَّم بكَلامِهِمْ أَو تَصَبَّرَ عَلَى عَيْشِهِمْ، ونقَلَ ابنُ دِحْيَةَ في «كتاب التَّنْوِير» له، عن النُّحاةِ: أَنَّ الأَغلبَ على مَعَدٍّ، وقُرَيْشٍ، وثَقِيفٍ، التذكيرُ والصَّرْفُ، وقد يُؤَنَّثُ ولا يُصْرَفُ. قاله شيخُنا.

  وقولُ الجَوْهَرِيِّ: قال عُمَرُ، ¥. الصَّوابُ: قالَ رسولُ الله، ÷: «تَمَعْدَدُوا واخْشَوْشِنُوا وانتَضِلُوا، وامشُوا حُفاةً» أَي⁣(⁣٦) تَشَبَّهُوا بِعَيْشِ مَعَدٍّ، وكانُوا أَهلَ تَقَشُّفٍ وغِلْظَةٍ⁣(⁣٧) في المَعَاشِ، يقول كُونُوا مِثْلَهُمْ ودَعُوا التَّنَعُّمَ وزيَّ الأَعاجِمِ.

  وهكذا هو في حديث آخَرَ: «عَلَيْكُم باللِّبْسَةِ المَعَدِّيَّةِ».

  وفي «الناموس» و «حاشية سَعْدِي چلبى» وشرْحِ شَيْخِنا: لا يَبْعُدُ أَن يكونَ الحديثُ جاءَ مرفُوعاً عن عُمَر، فليس


(١) في المطبوعة الكويتية: «تقليل» تحريف.

(٢) في المطبوعة الكويتية: «فتحدر».

(٣) زيادة عن اللسان.

(٤) سورة الهمزة الآية ٢.

(٥) وهي عبارة اللسان، «وتنسب» عبارة الصحاح.

(٦) هذا أحد قولّي أبي عبيد، والقول الآخر: يقال هو من الغلظ، ومنه قيل للغلام إِذا شب وغلظ قد تمعْدَدَ، وسترد العبارة مستقلة قريباً.

(٧) الصحاح: أهل قشف وغلظ.