فصل العين مع الدال، المهملتين
  للتَّخْطئةِ وَجْهٌ والحديثُ ذَكَرَه السُّيوطيُّ في «الجامِع»، رَواه الطَّبرانِيُّ عن ابن حَدْرَدٍ، هكذا في النُّسَخِ، وفي بعضٍ: ابن أَبِي حَدْرَد. وهو الصّواب وهو: عبدُ اللهِ بنُ أَبي حَدْرَدٍ الأَسْلَمِيُّ. أَخرجَه الطَّبرانِيُّ، وأَبو الشَّيخ، وابن شاهِين، وأَبو نُعَيمٍ، كُلُّهم مِن حديثِ يَحيَى بنِ أَبي زائدةَ، عن ابن أَبي سَعِيدٍ المَقْبُرِيّ، عن أَبيه عن القَعْقاع، عن ابن أَبي حَدْرَدٍ. قال الهَيْثَميُّ: عبدُ اللهُ بنُ أَبي سَعِيدٍ ضَعِيفٌ. وقال العِراقيُّ: ورَواه أَيضاً البَغَوِيُّ، وفيه اختلاف. ورواه ابنُ عَدِيٍّ مِن حَدِيثِ أَبي هُرَيْرَةَ. والكُلُّ ضَعِيفٌ. وأَوردَه ابنُ الأَثِيرِ، فقال: وفي حديث عُمر: «واخْشَوْشِنُوا» بالنون، كما في الرَّواية المشهورة، وفي بعضها: بالموحَّدةِ. وفي رِواية أُخُرَى: «تَمَعَّزُوا» بالزاي، من المَعْزِ، وهو الشِّدَّةُ والقُوَّةُ.
  وقد بَسَطَه ابنُ يَعِيشَ في «شَرْحِ المُفَصَّلِ».
  ويقال: تَمَعْدَدَ الغُلامُ، إِذا شَبَّ وغَلُظَ قال الراجِزُ:
  رَبَّيْتُه حتَّى إِذَا تَمَعْدَدَا
  وفي «شرح الفصيح» لأَبي جَعفَرٍ: والمُعَيْدِيُّ فيما قالَه أَبو عُبَيْدٍ، حاكِياً عن الكِسَائيِّ تَصْغِيرُ المَعَدِّيّ، هو رَجُلٌ مَنْسوبٌ إِلى مَعَدٍّ. وكانَ يَرَى التَّشْدِيدَ في الدَّالِ، فيقُولُ: المُعَيِدِّيّ. قال أَبو عُبَيْدٍ: ولم أَسْمَعْ هذا من غَيْرِهِ، قال سيبويه: وإِنَّمَا خُفِّفَت الدَّالُ من المُعَيْدِيّ استثقالاً للتَّشْدِيدَيْنِ(١)، أَي هَرَباً من الجَمْعِ بينَهُمَا مع ياءِ التَّصْغِيرِ. قال سِيبَوَيْهِ: وهو أَكثَرُ في كَلامِهِمْ من تَحْقِيرِ مَعَدِّيٍّ في غيرِ هذا المَثَلِ، يَعْنِي أَنَّهُم يُحَقِّرُونَ هذا الاسمَ إِذا أَرادُوا بِهِ المَثَلَ. قال سيبويه: فإِنْ حَقَّرتَ «مَعدِّيّ، ثَقَّلْتَ الدَّالَ، فقلتَ: مُعَيِدِّيّ.
  قال ابنُ التيانِيّ: يعني إِذا كان اسمَ رَجُلٍ ولم تُرِدْ به المَثَلَ، وليس من باب أُسَيْدِيٍّ في شيْءٍ، لأَنَّه إِنَّمَا حُذِفَ من أُسَيْدِيٍّ، كَرَاهَةَ تَوالِي الياآتِ، والكَسَرَات، فحُذِفَتْ باء مكسورةٌ، وإِنَّمَا حُذِفَتْ من معدِّيّ دالٌ ساكنةٌ لا يا ولا كَسْرةٌ، فعُلِمَ أَن لا عِلَّةَ لِحَذْفِهِ إِلَّا الخِفَّةُ، وأَنَّهُ مَثَلُ، كذا تُكُلِّم به، فوجَبَ حِكَايَتُهُ. وقال ابنُ دُرُسْتَويْهِ: الأَصلُ في المُعَيْدِيّ تشدِيدُ الدَّالِ، لأَنَّه في تقديرِ المُعَيْدِدِيِّ فكُرِهَ إِظهارُ التَّضْعِيفِ، فأُدْغِمَ الدَّالُ الأُولَى في الثانيةِ، ثم استُثْقِلَ تشديدُ الدَّالِ، وتَشْدِيدُ الياءِ بعدَها، فخُفِّفَت الدّالُ، فقيل: المُعَيْدِيّ، وَبَقِيَت الياءُ مُشَدَّدةً. وهكذا قاله أَبو سَعِيدٍ السِّيرافِيُّ، وأَنشدَ قولَ النَّابِغَةِ:
  ضَلَّتْ حُلُومُهُمُ عَنْهُمْ وغَرَّهُمُ ... سَنُّ المُعَيْدِيّ في رَعْيٍ وتَغْرِيبِ
  وهذا المَثَلُ على ما ذَكره شُرَّاحُ الفَصِيحِ فِيه روايتانِ، وتَتَولَّدُ منهما رِوَايَاتٌ أُخَرُ، كما سيأْتِي بيانُها، إِحداهُما: تَسْمَعُ - بضَمّ العينِ، وحذف أَنْ، وهو الأَشْهَرُ(٢)، قالَه أَبو عُبَيْدٍ. ومِثْلُه قولُ جَمِيلٍ:
  جَزِعْتُ حِذارَ البَيْنِ يومَ تَحَمَّلُوا ... وحَقَّ لمِثْلِي يا بُثَيْنةُ يَجْزَعُ
  أَراد: أَن يَجْزَعَ، فلَمَّا حَذَف «أَن» ارتفَع الفِعْلُ، وإِن كانتْ محذوفَةً من اللفظِ فهي مُرادةٌ، حتَّى كأَنَّهَا لم تُحْذَفْ. ويدلّ على ذلك رفعُ تَسْمَعُ بالابتداءِ، على إِرادة أَنْ. ولو لا تقديرُ أَن لم يَجُزْ رفعُه بالابتداءِ.
  ورُوِيَ بنصْبِها على إِضمارِ أَن، وهو شاذٌّ يُقتَصر على ما سُمعَ منه، نحو هذا المَثَل، ونحو قولِهم: خُذ اللِّصَّ قبلَ يأْخُذَكَ، بالنصب ونحو: أَفَغَيْرَ اللهِ تَأْمُرونِّي أعْبُدَ(٣) بالنصب في قراءَةٍ.
  قال شيخُنا: وكونُ النصبِ بعد أَنْ، محذوفةً، مقصوراً على السَّماع، صَرَّح به ابنُ مالِكٍ في مواضِعَ من مصنَّفاتِه.
  والجوازُ مَذهبُ الكوفّيين ومَن وافَقَهُم - بالمُعَيْدِيّ قال الميدانيُّ وجماعةٌ: دخَلتْ فيه الباءُ، لأَنه على معنَى تُحَدَّث به، وأَشار الشِّهاب الخَفاجيُّ وغيرُه إِلى أَنَّه غيرُ مُحْتَاجٍ للتأْويلِ، وأَنَّهُ مُسْتَعْمَلٌ كذلك. وسَمِعْت بكذا، من الأَمرِ المشهورِ. قال شيخُنا، وهو كذلك، كما تَدلُّ له عباراتُ الجُمْهورِ، خَيْرٌ خَبَرُ تَسْمَع. والتقديرُ أَن تَسمعَ أَو سماعُكَ بالمُعَيْدِيِّ أَعظم مِن أَن تراهُ(٤)، أَي خَبَرُهُ أَعظمُ من رُؤْيتِهِ.
(١) الأصل والقاموس والصحاح، وفي اللسان: «الشديدتين» وبهامشه: «... والقصد الدال المشددة والياء المشددة».
(٢) في أمثال الميداني ١/ ١٢٩ ويروى لأن تسمع، وأن تسمع، ويروى تسمع، والمختار: أن تسمع.
(٣) سورة الزمر الآية ٦٤.
(٤) في الفاخر: «لا أن تراه» وفي الميداني والضبي فكالأصل والقاموس.