تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[عصلد]:

صفحة 110 - الجزء 5

  ولو قال: العَضُد، كنَدُسٍ، وكَتِفٍ وعُنُقٍ، ويُثَلَّث، ويِحَرَّك لكان أَوْفَق لقاعدتِهِ، وأَمْيلَ لطريقتِه، وفيه تقديم الأَفصحِ المشهورِ على غيرِه، مع أَنَّ التَّثليث إِنَّمَا هو تخفيفٌ أَو إِتباعٌ على قياسِ أَمثالِه من المضمومِ الأَوسَطِ، أَو المكسورِ، وأَوردَه شيخُنَا أَيضاً ولم يَتعرَّضْ لقول ثعلبٍ، كما أَغفَلَ المصباحُ السادسةَ.

  وفي حديثِ أُمِّ زَرْعٍ: «وملأَ مِن شَحْمٍ عَضُدَيَّ» العَضُد من الإِنسان وغيرِه: السّاعِدُ وهو ما بَيْنَ المِرْفَقِ إِلى الكَتِفِ ولم تُرِدْه خاصَّةً، ولكنَّهَا أَرادَت الجَسَدَ كُلَّه، فإِنه إِذا سَمِنَ العَضُدُ سَمِنَ سائِرُ الجَسَدِ.

  والعَضْدُ بفتح فسكون، من الطريق: الناحِيَة كالعِضادة، بالكسر وعَضُدُ الإِبط، وعَضَدُه كنَدُسٍ، وجَبَلٍ: ناحِيَتُه، وقيل: كلُّ ناحِيَةٍ: عَضُدٌ وعَضَدٌ.

  وأَعضادُ البَيت: نَواحِيه، ويقال إِذا نَخَرَت⁣(⁣١) الرِّيحُ من هذه العَضُدِ أَتاكَ الغَيْثُ، يَعنِي ناحِيَة اليَمَنِ.

  ومن المجاز: العَضُد: الناصِر والمُعِينُ، على المَثَلِ بالعَضُد من الأَعضاد، وفي التنزيل: {وَما كُنْتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُداً}⁣(⁣٢) أَي أَعْضاداً، أَي أَنْصَاراً، وعَضُدُ الرَّجلِ: أَنصارُه وأَعوانُه، وإِنَّما أَفْردَ لتَعتَدِلَ رؤُوسُ الآيِ بالإِفرادِ، ويقال: فلانٌ عَضُدُ فُلانٍ وعِضَادَتُه ومُعاضِدُه، إِذا كان يُعاوِنه ويُرافِقُه. وهو مَجاز.

  ويقال هم عَضُدِي وأَعْضادِي أَيضاً، قال الأَحرد:

  مَن كانَ ذَا عَضُدٍ تُدْرَكْ ظُلامَتُهُ ... إِنَّ الذَّلِيلَ الذِي ليستْ لَهُ عَضُدُ⁣(⁣٣)

  ويقال فَتَّ فُلانٌ في عَضُدِه وأَعْضَاده، أَي كَسَرَ من نِيَّاتِ أَعوانِهِ، وفَرَّقَهم عنه، «وفي» بمعْنَى «مِنْ»⁣(⁣٤)، ويقال قَدَحَ في ساقِهِ، يعْنِي نَفْسَه. وأَعْضَادُ الحَوْضِ والطَّرِيقِ وغيرِه ما يُشَدُّ - بالبناءِ للمعلوم والمجهول، وبالسين المهملة والمعجمة - حَوَالَيْهِ مِن البناءِ، الواحدُ عَضَدٌ وعَضُدٌ.

  وعَضُدُ البناءِ كالصَّفائِحِ المنصوبةِ حَوْلَ شَفِيرِ الحَوْض، وعَضُدُ الحَوْضِ من إِزائِهِ إِلى مُؤَخَّرِه، وإِزاؤُه: مَصَبُّ الماءِ فيه. وقيل عَضُدُه: جانِبَاه، عن ابن الأَعرابيِّ، والجمع: أَعضادٌ وحَوْضٌ مُثَلِّمُ الأَعضادِ، وهو مَجاز، قال لَبِيدٌ يَصِفُ الحَوْضَ الذي طالَ عهدُه بالوَارِدَةِ:

  راسِخُ الدِّمْنِ على أَعضادِهِ ... ثَلَمَتْهُ كُلُّ رِيحٍ وسَبَلْ

  ويجمع أَيضاً على عُضُودٍ، قال الراجز:

  فارْفَتَّ عُقْرُ الحَوْضِ والعُضُودُ ... من عَكَرَاتٍ وَطَؤْها وَئِيدُ

  والعَضْدُ والعَضِيدُ: الطَّرِيقَةُ من النَّخْلِ، وفي الحديث: «أَنَّ سَمُرةَ كانت له عَضُدٌ من نَخْلٍ في حائِطِ رَجُلٍ من الأَنصار» حكاه الهَرَوِيُّ في «الغَرِيبَيْن» أَراد طَريقةً من النخْل، وقيل: إِنما هو عَضِيدٌ من النَّخْلِ. وقال غيره: العَضِيد: النَّخْلَةُ التي لها جِذْعٌ، يَتَنَاولُ منه المُتَناوِلُ، ج: عِضْدانٌ كغِرْبانٍ، قال الأَصمعيُّ: إِذا صار للنَّخْلَةِ جِذْعٌ يَتَنَاوَلُ منه المُتَناوِلُ فتِلْك النخلةُ العَضيدُ⁣(⁣٥)، فإِذا فاتَت اليَدَ فهي جَبَّارةُ.

  ومن المجاز: ما لِسَمُرَتِهِ عاضِد، ولا لسِدْرته خاضِد، يقال: عَضَدَهُ أَي الشَّجَرَ يَعْضِدُهُ، من حَدِّ ضرب، عَضْداً، فهو معضودٌ وعَضِيد: قَطَعَهُ بالمِعْضَدِ. وفي حديث تحريمِ المدينَةِ: «نَهَى أَنْ يُعْضَدَ شَجَرُهَا» أَي يُقْطَع. وفي حديث آخَرَ: «لَوَدِدْتُ أَنِّي شجرةٌ تُعْضَدُ»: وعن ثعلب: عَضَدَ الشَّجَرَةَ: نَثَرَ وَرَقَها لإِبِله، واسم ذلك الوَرَقِ: العَضَدُ.

  ومن مَجاز المَجاز: عَضَدَه كنَصَره عَضْداً: أَعَانَهُ ونَصَرَهُ، وفي كتب الأَمثال ما يَقْتَضِي أَنه صارَ مُتَعارَفاً كالحقيقة، قالوا: عَضَدَه إِذا صارَ له عَضُداً، أَي مُعِيناً وناصِراً، وأَصلُ العَضُد في اليَدَيْنِ، فاستُعِيرَ للمُعِينِ، ثم استَعْمَلوا مِن معناه الفِعْلَ، ثم شاعَ حتَّى صارَ حَقِيقَةً عُرْفِيَّةً.


(١) كذا، وفي التهذيب «نحرت» بالحاء المهملة، وفي التكملة: «تحرّت».

(٢) سورة الكهف الآية ٥١.

(٣) بهامش المطبوعة المصرية: «قوله تدرك هو مضبوط في التكلمة بالتاء مبنياً للمجهول وبالياء مبنياً للمعلوم».

(٤) سيرد قولٌ لامرئ القيس شاهداً قريباً:

ثلاثين حولاً في ثلاثة أحوال

(٥) في المطبوعة الكويتية: العضيدة تحريف.