تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[عقد]:

صفحة 115 - الجزء 5

  الجَدْبِ، وقال شَمِرٌ: قال محمّد بن أَنس: كانوا إِذا اشْتَدَّ بهم الجُوعُ، وخافُوا أَن يَمُوتُوا، أَغلَقُوا عليهم باباً، وجَعَلُوا حَظِيرَةً من شَجَرَةٍ⁣(⁣١)، يَدْخُلون فيها لِيَمُوتُوا جُوعاً. قال: ولَقِيَ رَجُل جارِيَةً تَبْكِي، فقال لها: مالَكِ؟ فقالَتْ: نُرِيدُ أَن نَعْتَفِدَ قال: وقال النَّظَّار بنُ هاشمٍ الأَسَدِيّ:

  صاحَ بهمْ على اعْتِفَادٍ زَمانْ ... مُعْتَفَدٌ قَطَّاعُ بيْنِ الأَقْرانْ

  قال شَمِر: وَجدتُه في كتاب ابن بُزُرْج: اعتَقَد الرجُلُ، بالقاف⁣(⁣٢)، وذلك أَن يُغْلِقَ عليه باباً، إِذا احتاجَ، حَتَّى يَمُوتَ.

  واعتَفَدَ كذا: اعتَقَدَهُ، وسيأْتي.

  [عقد]: عَقَدَ الحَبْلَ والبَيْعَ والعَهْدَ يَعْقِدُهُ عَقْداً فانعَقَدَ: شَدَّةُ.

  والذي صَرَّحَ به أَئِمَّةُ الاشتِقَاقِ: أَنَّ أَصلَ العَقْدِ نَقِيض الحَلِّ، عَقَدَه يَعْقِده عَقْداً وتَعْقَاداً، وعَقَّده، وقد انْعَقد، وتَعَقَّدَ، ثم اسْتُعْمِل في أَنْوَاعِ العُقُودِ من البُيوعاتِ، والعُقُود⁣(⁣٣) وغيرها، ثم استُعْمِل في التصميم والاعتقادِ الجَازِمِ. وفي اللِّسَان: ويقال: عَقَدْتُ الحَبْلَ فهو مَعْقُود، وكذلك العَهْد، ومنه عُقْدةُ النِّكَاح، وانعقَد [عَقْدُ]⁣(⁣٤) الحَبْلِ انعقاداً. ومَوْضِعُ العَقْدِ من الحَبْل: مَعْقِد، وجَمْعُه: المَعَاقِدُ. وعَقَدَ العَهْدَ، واليَمِينَ، يَعْقِدُهما عَقْداً وعَقَّدهما: أَكَّدَهما. قال أَبو زَيْدٍ في قولِه تَعالى {وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمانُكُمْ}⁣(⁣٥) وعَاقَدَت أَيمانُكُم. وقد قُرِئ: عَقَّدت، بالتَّشْدِيد، معناه التَّوكِيدُ والتَّغْلِيظُ، كقولِهِ تعالَى {وَلا تَنْقُضُوا الْأَيْمانَ بَعْدَ تَوْكِيدِها}⁣(⁣٦) وقال إِسحاقُ بن فَرج: سَمِعت أَعرابِيًّا يقول: عَقَدَ فُلانٌ عُنُقَهُ إِليه، أَي إِلى فُلان، إِذا لَجَأَ إِليه وَعكَدَها كذلك. وعَقَدَ الحاسِبُ يَعْقِد عَقْداً: حَسَبَ. والعَقْدُ بفَتح فسكونٍ: الضَّمَانُ والعَهْدُ جمْعُه: العُقُود.

  وقوله تعالى {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ}⁣(⁣٧) قيل: هي العُهُودُ، وقيل: هي الفَرائِضُ الّتي أُلْزِمُوها. وقال الزَّجَّاج {أَوْفُوا بِالْعُقُودِ}، خاطَبَ الله المؤمِنين بالوَفَاءِ بالعُقُودِ الّتي عَقَدَهَا الله تعالى عليهم، والعُقُودِ الّتي يَعْقِدُهَا بعضُهم على بعضٍ، على ما يُوجِبُه الدِّينُ.

  والعَقْدُ: الجَمَلُ المُوَثَّقُ الظَّهْرِ، قال النابِغَة:

  فكيفَ مَزَارُهَا إِلَّا بعَقْدٍ ... مُمَرٍّ ليس يَنْقُضُه الخَؤُونُ

  والعَقَدُ، بالتَّحْرِيكِ، قَبيلةٌ مِن بَجِيلَةَ أَو اليَمَنِ، يَعْنِي قيساً، ذَكَرَهَا ابنُ الأَثِير، منها بِشْرُ بنُ مُعَاذٍ العَقَدِيّ. وأَبو عامرٍ عبدُ المَلِك بنُ عَمْرو بنِ قَيْسٍ البَصْرِيُّ قال الحاكم: يُنْسَب إِلى العَقَد مَولَى الحارِث⁣(⁣٨) بن عُبَادِ بن قَيْسِ بن ثَعْلَبةَ ابنِ بَكْرِ بن وائلٍ، ومثله قال ابنُ عبد البَرِّ والرّشاطيّ، وأَبو عليّ الغَسَّانيّ، وكلُّهم اتَّفَقُوا على أَنه عَقَدِيٌّ، وأَنَّه مِن قَيْسٍ فتحصَّلَ من أَقوالِهمِ تَرْجِيحُ القَوْلِ الأَخِيرِ. والله أَعلم.

  والعقَد: عُقْدَةٌ في الِّلسَانِ وهو الالْتِواءُ والرَّتَجُ.

  وعَقِدَ الرَّجلُ كفَرِحَ فهو أَعْقَدُ وعَقِدٌ: في لِسَانِه عُقْدَة، وعقِدَ لسانُه يَعْقَدُ عَقَداً.

  وقال ابنُ الأَعرابيِّ: العَقَد تَشَبُّثُ ظَبْيَةِ الَّلعْوَةِ بِبُسْرَةِ قَضِيبِ الثَّمْثَمِ، هكذا أَورَدَه في نوادِرِه. وقد فَسَّرَه الصاغانيُّ، وقلَّدَه المصنِّف بقوله: أَي تَشَبُّثُ حَيَاءِ الكَلْبةِ بِرأْسِ قَضِيبِ الكَلْبِ فإِنَّ الثَّمْثَم كلْبُ الصَّيْدِ، واللَّعْوة: الأُنثَى وظَبْيَتُها: حَياؤُهَا.

  والعَقَدَة بهاءٍ: أَصْلُ الِّلسانِ وهو ما غَلُظَ منه. وكذلك العَكَدَةُ.

  والعَقِدُ، ككَتِفٍ وجَبَلٍ: ما تَعَقَّدَ من الرَّمْلِ وتَرَاكَمَ، واحدُهما بهاءٍ، والجمع أَعقادٌ. وقيل: العَقَدُ تَرَطُّب الرَّمْلِ من كثْرةِ المَطَرِ.


(١) التكملة: من شجرٍ.

(٢) في اللسان: «اعتقد الرجل، بالقاف، وآطَمَ وذلك ...»

(٣) بهامش المطبوعة المصرية: «قوله والعقود هو تكرار والصواب حذفه».

(٤) زيادة عن اللسان.

(٥) سورة النساء الآية ٣٣.

(٦) سورة النحل الآية ٩١.

(٧) سورة المائدة الآية ١.

(٨) انظر جمهرة ابن حزم ص ٣١٩.