تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

فصل العين مع الدال، المهملتين

صفحة 118 - الجزء 5

  اللُّغةِ أَن ليسَ في كلام العَربِ يَفْعِيلٌ، إِلّا يَعْقِيد، ويَعْضِيد، قال: وهذا مَرْدُودٌ عليه.

  والعَقِيدُ كأَمير: المُعاقِدُ وهو الحَلِيفُ، قال أَبو خِرَاشٍ الهُذَلِيُّ:

  كَمْ مِن عَقِيدٍ وجارٍ حَلَّ عِنْدَهُمُ ... وَمِنُ مُجَارٍ بعَهْدِ الله قد قَتَلُوا

  والعِنْقادُ، بالكسر، والعُنْقُودُ، من العِنَبِ والأَراكِ والبُطْمِ ونَحْوِهِ: م، أَي معروف، والأَوّل لُغَةٌ في الثَّانِي، قال الراجز:

  إِذْ لِمَّتِي سَوْدَاءُ كالعِنْقادِ

  وجمعُ العُنْقُودِ: عَنَاقِيدُ. وعَقَّدْته، أَي العسلَ تَعْقِيداً أَغلَيْتُه حتّى غَلُظَ رواه بعضُهم، كأَعْقَدتُهُ فهو مُعْقَد.

  قال الكِسائيّ: ويقال للقَطِران والرُّبِّ، ونحْوِه: أَعقَدْتُه حتَّى تَعَقَّدَ وفي المحكم: عَقَدَ العَسَلُ والرُّبُّ ونحوُهما يَعْقِدُ، وانعَقَدَ، وأَعقَدْتُه فهو مُعْقَدٌ وعَقِيدٌ: غَلُظَ.

  وعَقَّدْت البِنَاءَ تَعقيداً: جَعلْتُ له عُقُوداً، أَي طاقاتٍ مَعْقُودةً كالأَبوابِ.

  واستَعْقَدَت الخِنْزِيرَةُ اسْتَحْرَمَتْ.

  وأَعوذُ باللهِ من المُعَقِّدِ [المُعَقِّدُ،]⁣(⁣١) كمُحَدِّثٍ: الساحِرُ.

  وفي كلامِهِ تَعْقِيدٌ، وهو مُعَقَّد كمُعَظَّمٍ: الغامِضُ من الكَلامِ، وعَقَّدَ كلامَه: أَعْوَصَه وعَمَّاه.

  وتَعَقَّدَ الدِّبْسُ: غَلُظَ، وقد أَعْقَدَه. وتَعَقَّدَت قَوْسُ قُزَحَ في السّماءِ: صارَتْ كَعَقْدٍ مَبْنِيٍّ وكذا تَعَقَّدَ السَّحَابُ، إِذا صارَ كالعَقْدِ المَبْنِيِّ.

  واعتَقَدَ الرَّجُلُ، مثل اعتَفَدَ بالفاءِ. هكذا رَواه ابنُ بُزُرْج بالقاف، وقد تقدّم قريباً، واعتَقَدَ ضَيْعَةً، ومالاً: اقْتَنَاهما⁣(⁣٢).

  وفي الأَساس: اعتقَدَ فُلانٌ عُقْدةً [إِذا]⁣(⁣٣) اشتَرى ضَيْعَةً أَو اتَّخَذَ مالاً، من عَقَارٍ أَو غَيْرِه. وتَعَاقَدُوا: تَعَاهَدُوا، من العَقْدِ، وهو العَهْدُ.

  وتعاقَدَت الكِلابُ: تَعَاظَلَتْ. ويقال: مالَهُ مَعْقُودٌ، أَي عَقْدُ رَأْيٍ، وفي الحديث: «أَنَّ رَجُلاً كان يُبايعُ وفي عُقُدَتِهِ ضَعْفٌ» أَي في رَأْيِهِ ونَظَرِه في مَصالِحِ نَفْسِهِ.

  والعَقِيدُ، والمُعَاقِدُ: المُعَاهِدُ، وقد عاقَدَه، إِذا عاهَده، ويقال: عَهِدْت إِلى فُلانٍ في كذا وكذا، وتأْوِيلُه: أَلْزَمْتُه ذلِكَ، فإِذا قُلْت: عاقَدْتُه، أَو عَقَّدْت عليه، فتأْوِيله أَنَّك أَلْزمْتَه ذلك باستيثاقٍ. وفي حديثِ ابنِ عَبَّاسٍ في قوله تعالى: {والَّذِينَ عَاقَدَتْ أَيمانُكُمْ}⁣(⁣٤): المُعَاقدة: المعاهَدةُ والمِيثاقُ والأَيْمانُ جَمْعُ يَمِينِ القَسَمِ أَو اليَدِ.

  ويقال: هُو عِقِيدُ الكَرَمِ، وعَقِيدُ اللُّؤْمِ.

  ويقال: تَحَلَّلَتْ عُقَدُهُ، إِذا سَكَنَ غَضَبُهُ، وهو مَجازٌ.

  والمِعْقَادُ: خَيْطٌ يُنْظَمُ فِيهِ خَرَزَاتٌ تُعَلَّقُ في عُنُقِ الصَّبِيِّ، نقله الصاغانيُّ، كالعِقْدِ، بالكسر.

  وعُقْدَانُ بالضَّمّ: لَقَبُ الفَرَزْدَقِ الشاعِرِ، لَقَّبه به جَرِيرٌ إِمَّا علَى التَّشْبِيهِ له بالكَلْبِ الأَعْقَدِ الذَّنْبِ وإِما على التَّشْبِيهِ بالكَلْبِ المُتَعَقِّد مَع الكَلْبَةِ إِذا عاظَلَها، فقال:

  وما زِلْتَ يا عُقْدَانُ صاحِبَ سَوْءَةٍ ... يُنَاجِي بها نَفْساً لَئيماً ضَمِيرُها

  وقال أَبو منصور: لَقَّبه عُقْدَان لقِصَرِهِ، وفيه يقول:

  يا لَيْتَ شِعْرِي ما تَمَنَّى مُجاشِعٌ ... ولم يَتَّرِكْ عُقْدَانُ للقَوْسِ مَنْزَعَا

  أَي أَعْرَق في النَّزْعِ، ولم يَدَع للصُّلْحِ مَوْضِعاً.

  والتَّعَقُّدُ في البِئْرِ: أَن يَخْرُجَ أَسْفَلُ الطَّيِّ ويَدْخُلَ أَعلاه إِلى جِرَابِهَا، أَي اتِّسَاعِ البِئْرِ، قاله الأَحمرَ.

  * ومما يستدرك عليه:

  التَّعْقادُ: العَقْدُ، وأَنشد ثَعلبٌ:

  لا يَمْنَعَنَّكَ مِنْ بُغا ... ءِ الخير تَعْقادُ التَّمَائِمْ


(١) سقطت من الأصل، وزدناها من القاموس.

(٢) في الصحاح: اقتناها.

(٣) زيادة عن الأساس.

(٤) قراءة ابن عباس لقوله تعالى: {وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمانُكُمْ} الآية ٣٣ من سورة النساء. وثمة قراءة أخرى عقّدت بالتشديد معناه التوكيد والتغليظ.