فصل العين مع الدال، المهملتين
  ويقال: هو من عُودِ صِدْقٍ وسَوْءٍ، على المَثل، كقولهم: من شَجرةٍ صالحةٍ.
  وفي حديثِ حُذيفةَ. «تُعْرَضُ الفِتَنُ على القُلوب عَرْضَ الحَصيرِ عَوْداً عَوْداً».
  قال ابنُ الأَثير هكذا الرِّوَايَةُ، بالفَتْح، أَي مرَّة بعد مرَّة، ويُرْوَى بالضّمّ، وهو واحِد العِيدانِ يعني ما يُنْسَجُ به الحصِيرُ من طاقَاته، ويُروَى بالفتْح مع ذال معجمة، كَأَنَّه استعاذَ من الفِتَن.
  والعُودُ، بالضّمّ: ذو الأَوتار الأَربعةِ الّذِي يُضْرَب به، غَلَب عليه الاسم لكَرَمِه، قال ابن جِنِّي: والجمع عِيدانٌ.
  وفي حديث شُريح: «إِنَّما القَضاءُ جَمْرٌ فادْفَع الجَمْرَ عنك بِعُودَيْنِ»، أَراد بالعُودَيْن: الشَّاهِدَيْنِ، يريد اتَّقِ النارَ بِهِما واجعَلْهما جُنَّتَكَ، كما يَدْفَع المُصطلِي الجَمْرَ، عن مكانه بُعودٍ أَو غيرِه، لئلّا يَحْتَرِق، فمثَّلَ الشاهِدَينِ بهما، لأَنه يَدفَع بهما الإِثمَ والوَبَالَ عنه، وقيل: أَراد تَثَبَّتْ في الحُكْمِ واجْتَهِدْ فيما يَدْفعُ عنكَ النّارَ ما استطعْتَ.
  وقال الأَسْوَدُ بن يَعْفُرَ:
  ولقَد عَلِمْتُ سِوَى الّذِي نَبَّأْتِنِي ... أَنَّ السَّبِيلَ سَبِيلُ ذي الأَعواد
  قال المفضِّل. سَبِيلُ ذِي الأَعوادِ، يريد المَوْتَ، وعَنَى بالأَعْوَادِ: ما يُحْمَل عليه المَيتُ. قال الأَزهَرِيُّ: وذلك أَن البَوادِيَ لا جَنَائِزَ لهم، فهم يَضُمُّون عُوداً إِلى عُودٍ، ويَحْمِلُون المَيتَ عليها إِلى القَبْر.
  وقال أَبو عدنان: هذا أَمرٌ يُعوِّدُ النّاسَ عليَّ، أَي يُضَرِّيهم بِظُلْمي. وقال: أَكرَهُ تَعوُّدَ النَّاسِ عليَّ فيَضْرُوا بِظُلْمِي. أَي يَعْتَادُوه(١).
  وفي حديثِ معاوِيَةَ: «سَأَله رجلٌ، فقالَ: إِنَّكَ لَتَمُتُّ بِرَحِمٍ عَودةٍ، فقال: بُلَّهَا بِعَطَائِك حتَّى تَقْرُبَ» أَي بِرَحِمٍ قديمةٍ بعيدِة النَّسبِ. وعوَّدَ الرَّجلُ تَعويداً إِذا أَسَنَّ، قاله ابن الأَعرابيّ، وأَنشد:
  فقُلْنَ قد أَقْصَرَ أَو قَدْ عَوَّدَا
  أَي صار عَوْداً [كبيراً](٢). قال الأَزهريُّ: ولا يقال: عَوْد لِبعيرٍ أَو شاةٍ. وقد تقدَّم.
  وقال أَبو النّجْم:
  حتَّى إِذا اللَّيْلُ تَجَلَّى أَصحَمُهْ ... وانْجَابَ عن وَجْهٍ أَغَرَّ أَدْهَمُهْ
  وتَبِعَ الأَحمَرَ عَوْدٌ يَرْجُمُهْ(٣)
  أَراد بالأَحْمَرِ الصُّبْحَ، وأَراد بالعَوْد: الشَّمْسَ.
  قال ابن بَرِّيّ: وقول الشّاعِر:
  عَوْدٌ على عَوْدٍ على عَوْدٍ خَلَقْ
  العَوْد الأَوّل: رَجُلٌ مُسِنٌّ، والثاني: جَمَلٌ مُسِنٌّ، والثالِث: طَرِيقٌ قَدِيم.
  والعَوْد: اسم فَرَسِ مالِك بنِ جُشَم.
  وفي الأَساس: عادَ عليهم الدّهْرُ: أَتى. [عليهم](٤) وعادت الرَّياحُ والأَمطارُ على الدَّارِ حتى دَرَسَتْ.
  ويقال: ركب الله عودا على عود(٥)، إِذا هاجَت الفتنةُ، ورَكِبَ السهمُ القَوسَ للرَّمْيِ.
  وفي شرح شيخنا: وبَقِي عليه من مَباحِث عاد: له ستّةُ أَمكنةٍ، فيكون اسماً، وفعلاً [تامًّا و](٦) ناقصاً [وحرفاً] بمعنى إِنَّ، وحرفا بمنزلَة هل وجواب الجملةِ المتضمّنَةِ معنى النَّفْيِ، مَبْنِيًّا على الكسر، متصلاً بالمضمَرات.
  الأول: يكون هذا اللفظ اسماً متمكِّناً جارياً بتصاريف الإِعراب، نحو: وعاداً وثموداً.
  الثاني: فِعْلاً تاماًّ بمعنَى: رَجَعَ أَو زارَ.
(١) قوله: فيضروا ... يعتادوه لا وجه فيه لحذف نون الرفع من يضروا ويعتادوا، فصواب العبارة فيضرون ... أي يعتادونه، وعبارة التهذيب أوضح وفيه: أكره أن يتعودَ ... فيضروا معطوف على يتعود، وهو منصوب.
(٢) زيادة عن التهذيب واللسان.
(٣) في التهذيب: يزحمه بالزاي.
(٤) زيادة عن الأساس.
(٥) بهامش المطبوعة المصرية: «قوله: ركب الله الخ كذا بالنسخ والذي في الأساس الذي بيدي: ركب والله عود عوداً.
(٦) زيادة عن المطبوعة الكويتية، وبهامشها: «زيادة يقتضيها السياق، ويدل عليه تفصيل الشارح فيما بعد».