تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[غرد]:

صفحة 150 - الجزء 5

  يُغَرِّدُ بالأَسْحَارِ في كُلِّ سُدْفَةٍ ... تَغَرُّدَ مِرِّيحِ النَّدَامى المُطَرِّبِ

  فهو غِرْدٌ، بالكسر، وقال الأَصمعيُّ: التَّغْريدُ: الصَّوْتُ، وغَرَّدَ الطائِرُ، فهو غَرِدٌ على النَّسَبِ، قال ابنُ سيده: وغِرْدٌ: أُرَاه مُتَغَيِّراً من غَرِدٍ. وقال اللَّيثُ: كُلُّ صائِتٍ طَرَّبَ الصَّوتَ فهو غَرِدٌ، والتَّغْرِيدُ مثْلُه، قال سُوَيْدُ بن كُرَاع العُكْلِيّ:

  إِذا عَرَضَتْ دَاوِيَّةٌ مُدْلَهِمَّةٌ ... وغَرَّدَ حَادِيها فَرَيْنَ بِها فَلقَا

  وحكَى الهَجَرِيُّ: سمعْت قُمْرِيًّا فأَغْرَدنِي، أَي أَطْرَبنِي بتَغْرِيده، وقيل: كلُّ مُصَوِّتٍ مُطَرِّبٍ بصوتِه: مُغَرِّدٌ وغِرِّيدٌ، كسِكِّيتٍ، وغريدٌ، كأَمير أَو حِذْيَم، وقال الهُذَلِيُّ:

  يُغَرِّدُ رَكْباً فَوْقَ حُوصٍ سَوَاهِم ... بِها كُلُّ مُنجابِ القَمِيصِ شَمَرْدَلِ

  وفيه دلالةٌ على أَن يُغَرِّدُ يَتَعَدَّى كَتَعَدِّي يُغَنِّي. وقد يَجُوز أَن يكونَ على حذفِ الجارِّ وإِيصالِ الفِعْلِ.

  واسْتَغْردَ الرَّوضُ الذُّبابَ: دَعَاهُ بنَغْمَتِهِ، هكذا بالنون والغَيْن، عندنا في النُّسْخة. وفي غيرِهَا من النُّسخ: بالعينِ المهملة⁣(⁣١)، أَي نضارته إِلى أَنْ يُغَنِّي ويُغَرِّدَ فيه. ورَوْضٌ مُسْتَغْرِد: ناعِمٌ، قال أَبو نُخَيْلَة:

  واسْتَغْرَدَ الرَّوْضُ الذُّبَابَ الأَزْرَقَا

  والغَرْدُ، بفتح فسكون: الخُصُّ بالضّمّ.

  والغَرْدُ: بِنَاءٌ للمُتَوَكِّلِ على الله العَبَّاسيِّ بِسُرَّ مَنْ رَأَى.

  والغَرْدُ ضَرْبٌ من الكَمْأَةِ، قيل: هي الصِّغارُ منها.

  وقيل: هي الرَّدِيئةُ منها، كالغَرْدَةِ، بالفتح أَيضاً والغِرْدَةِ، والغِرْدِ، بكسرِهما، والغَرَدِ محرَّكةً، والغَرَدَةِ، وأَنشد أَبو الهَيْثم:

  لو كُنْتُمُ صُوفاً لكُنْتُمْ قَرَدَا ... أَو كنتُمُ لَحْماً لكنتُمْ غَرَدا

  والغَرَادِ والغَرَادَةِ، بفتحهما، والمُغْرُودِ، بالضم. قال أَبو الهيثم: وهو مُفْعولٌ نادِرٌ، وقال الفَرّاءُ: ليس في كلامِ العرب مُفْعُول، مضَمومَ الميم، إِلّا مُغْرودٌ، لضَرْبٍ من الكَمْأَةِ، ومُغْفورٌ: واحِدُ المَغافير⁣(⁣٢) وهي شَيْءٌ يَنْضَحه العُرْفُطُ، حُلْوٌ كالنَّاطِف، ويقال: مُغْثُورٌ، ومُنْخُورٌ للمُنْخُرِ، مُعْلُوق، لواحِد المَعَاليق. ونقل شيخُنَا عن «الممتع» لابن عُصْفُور في «الأَبنية» أَن مُفْعُولاً، أَي بالضّمّ، غَريبٌ شاذُّ، نحو مُغْرودٍ، ومُعْلوقٍ. وذكر في أَحكامِ زيادةِ الميم أَنّ مِيم مُغْرُودٍ أَصْلٌ لِفَقْد مُفْعول دون فُعلول.

  ج غِرَدَةٌ، كعِنَبةٍ، وغِرَادٌ، بالكسر، وجَمْع الغَرَادَةِ غَرَادٌ، وجمع مُغْرود مَغَارِيدُ، قال:

  يَحُجُّ مَأْمُومَةً في قَعْرِها لَجَفٌ ... فَاسْتُ الطَّبِيبِ قَذَاهَا كالمَغَارِيدِ

  وقال أَبو عُبَيْد: هي المُغْرودةُ، فرُدَّ ذلك عليه، وقيل: إِنما هو المُغْرود، ورواه الأَصمعيُّ المَغْرُود من الكَمْأَة بفتح الميم. كذا في اللسانِ.

  وأَرضٌ مَغْرُوداءُ: كَثِيرتُها أَي المَغَارِيدِ.

  واغرَنْداهُ واغرَنْدَى عليه إِذا عَلَاه بالشَّتْمِ، والضَّرْبِ، والقَهْرِ، وغَلَبَهُ، كاسْرَنْداهُ واعْرَنْدَاه. وقال أَبو عُبَيد: تَثَوَّل على القَوم تَثَوُّلاً، واغْرَنْدَى عليهم اغْرِنداءً، واغْلَنْتَى اغْلِنْتَاءً⁣(⁣٣)، وإِذا غَلَبَهم وعَلَاهم بالشَّتْمِ والضَّرْبِ والقَهْر.

  والمُغْرَنْدِي: الّذِي يَغْلِبُك ويَعْلُوك، قال:

  قَد جَعَلَ النُّعَاسُ يَغْرَنْدينِي ... أَدْفَعُه عنّي ويَسْرَنْدِيني

  قال ابنُ جِنّي: إِن شِئْتَ جعَلْت رَوِيَّه النونَ، وهو الوجهُ.

  وإِن شِئتَ جعلتَه الياءَ، وليس بالوَجْهِ. وفي شرح شيخِنا: قال علماءُ الصَّرفِ: هو من باب اسْلَنْقَى، ومذهَبُ سيبويه أَنَّه لا يَتَعَدَّى. وخالَفه أَبو عُبَيدٍ وأَبو الفَتْحِ، وأَنشدُوا البيتَ.

  وقال الزُّبَيْدِيّ: هو مصنوعٌ وأَثبتَه ابنُ دُرَيْدٍ وغيرُه.

  * ومما يستدرك عليه:

  قولهم: طائِرٌ مُسْتَمْلَحُ الأَغاريدِ.


(١) وهي عبارة اللسان.

(٢) عن التهذيب، وبالأصل «المغافر».

(٣) بالأصل: «واعلنتى اعلنتاء» وما أثبت عن اللسان (غرند).