تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[فرد]:

صفحة 158 - الجزء 5

  ولا أَدري من أَين جاءَ به الليثُ. والفَرْدُ: الوِتْر، وج أَفرادٌ وفُرَادَى، على غيرِ قياسٍ، كأَنَّه جمع فَرْدَانَ كسَكْرَى وسَكْرَان، وسُكَارَى. وبعضُهم أَلحقَه بالأَلفاظ الثّلاثةِ الّتي ذكرت في: فرخ⁣(⁣١).

  والفَرْد: الجانِبُ الوَاحِدُ من اللَّحْيِ، كأَنَّهُ يُتَوَهَّم مُفْرَداً، والجَمْع أَفرادٌ، قال ابن سيده: وهو الّذي عَنَاه سيبويِه بقوله: نحو فَرْدٍ وأَفرادٍ، ولم يَعْنِ الفَرْدَ الّذِي هو ضِدّ الزَّوجِ، لأَن ذلك لا يكاد يُجْمَع.

  والفَرْد من النِّعَالِ: السِّمْطُ التي لم تُخْصَفْ طاقاً على طاقٍ ولم تُطارَقْ، وفي الحديث: «جاءَ رَجُلٌ يشكو رَجُلاً من الأَنصارِ شَجَّه، فقال:

  يا خَيْرَ مَن يَمْشِي بِنَعْلٍ فَرْدِ ... أَوْهَبَهُ لِنَهْدَةٍ ونَهْدِ

  أَراد النَّعْلَ الّتي هي طاقٌ واحدٌ، وهم يُمدَحُون بِرِقَّةِ النِّعَال، وإِنما يَلْبَسُهَا مُلوكُهم وسادتُهم⁣(⁣٢). أَراد: يا خَيْرَ الأَكابِرِ من العَرَب، لأَنَّ لُبْس النِّعَال لهم دون العَجَم. كذا في اللِّسَان.

  ويقال: شْيءٌ فارِدٌ وفَرْدٌ، بفتْح فسكون وفردٌ، كجَبَلٍ، وكَتِفٍ، ونَدُسٍ وعُنُقٍ وسَحْبَانَ وحَلِيمٍ وقَبُولٍ: مُتَفَرِّدٌ⁣(⁣٣)، ويُنْشَد بيتُ النابغة:

  مِنْ وَحْشِ وجْرَةَ مَوْشِيٍّ أَكارِعُهُ ... طاوِى المَصِيرِ كَسَيْفِ الصَّيْقَلِ الفَرَدِ⁣(⁣٤)

  بفتح الرّاءِ، وضمّها، وكسرها مع فتح الفاءِ، وبضمتين، وكذلك: ثَوْر فارِدٌ وفَرَدٌ وفَرُدٌ وفَرِدٌ وفَرِيد بمعنَى مُنفردٍ.

  وشَجَرةٌ فارِدٌ وفارِدَةٌ: مُتَنَحِّيَةٌ انفردَت عن سائرِ الأَشجارِ، قال المسيَّب بن عَلَسٍ:

  في ظِلِّ فارِدَةٍ مِنَ السِّدْرِ⁣(⁣٥)

  وسِدْرَةٌ فارِدَةٌ: انفردَت عن سائر السِّدْرِ. وظَبْيَةٌ فارِدٌ: مُنْفَرِدةٌ، انْقَطَعَتْ عن القطِيعِ، وناقَةُ فارِدةٌ، ومِفْرَادٌ، وفَرُودٌ كصَبُورٍ، إِذا كانت تَنْفَرِدُ وتَتَنَحَّى في المَرْعَى⁣(⁣٦) والمَشْرُوب.

  والذَّكَر فارِدٌ لا غَيْرُ.

  وأَفرادُ النُّجومِ وفُرُودُها: الّتي تَطْلُع في آفاقِ السَّماءِ، وهي الدَّرَارِيُّ، سُمَّيَت بذلك لتَنَحِّيها وانفرادِهَا من سائِر النُّجومِ.

  وعن ابن الأَعرابيِّ: فَرَّدَ الرَّجلُ تَفْرِيداً، إِذا تَفَقَّهَ، واعتزَلَ النَّاسَ، وخَلَا لِمُرَاعَاة الأَمْرِ والنَّهْيِ، ومنه الحديثُ: «طُوبَى للمُفَرِّدِينَ» وهي روايةٌ من الحديث المرويِّ عن أَبي هُريرة، ¥: «أَنَّ رَسُولَ الله، ÷، كان في طَرِيقِ مكَّةَ على جَبَلٍ، يقال له: بُجْدَانُ فقال: سِيرُوا، هذا بُجْدَانُ، سَبَقَ المُفَرِّدُون، قالوا: يا رسولَ الله، ومن المُفَرِّدُون؟ قال: الذَّاكِرُون الله كثيراً والذاكرات». هكذا رواه مُسْلِمٌ في صَحِيحِه.

  ويقال أَيضاً: هُم المُهْتَرُون⁣(⁣٧) بِذِكْرِ الله تعالى كما جاءَ ذلك في روايةٍ أُخْرَى، ونصُّها: «قال: الذين أُهْتِرُوا في ذِكر الله. يَضَعُ الذِّكْرُ عنهم أَثقالَهُمْ، فيأْتُون يَومَ القِيَامَةِ خِفَافاً» وهم أَي المُفَرِّدون أَيضاً على قول القُتَيْبِيِّ في تفسير الحديث: الهَرْمَى الذين قد هَلَكَتْ، كذا في النسخ، وفي بعضها: هَلَكَ لِداتُهُمْ، بالكسرِ، أَي من الناسِ، وذَهَب القَرْنُ الّذي كانوا فيه، وَبقواهم يَذْكُرون الله ø. وفي بعض النسخ: هَلَكت لَذّاتُهم. قال أَبو منصور: وقولُ ابنِ الأَعرَابِيِّ في التَّفْرِيد عندي أَصْوَبُ من قول القُتَيْبِيّ.

  وراكِبٌ مُفَرِّدٌ: ما مَعَهُ غَيْرُ بَعِيرِهِ. وفي الأَساس: بَعَثُوا في حاجَتِهِم راكِباً مُفَرِّداً: لا ثانِيَ مَعَه.

  وفَرِدَ بالأَمرِ، مثلّثَةَ الرّاءِ، الفتحُ هو المشهور، قال ابنُ سِيدَه: وأُرى اللِّحْيَانيَّ حكَى الكَسْرَ والضّمَّ. وَأَفْرَدَ، وانفَرَدَ، واستَفْرَدَ، إِذا تَفَرَّدَ بِهِ⁣(⁣٨)، وقال أَبو زَيْدٍ: فَرَدْتُ بهذا الأَمْرِ أَفرُدُ به فُرُوداً، إِذا انفرَدْت به⁣(⁣٩).


(١) هي (عن هامش المطبوعة الكويتية: حمل وأحمال، وزند وأزناد، وفرخ وأفراخ.

(٢) اللسان: وساداتُهم.

(٣) في إحدى نسخ القاموس: «منفرد».

(٤) أي هو منقطع القرين لا مثل له في جودته.

(٥) الجمهرة ٢/ ٢٥٢ وصدره:

نظرت إليك بعين جازئةٍ

(٦) اللسان: المراعي.

(٧) بهامش المطبوعة المصرية: «قوله المهترون كذا في نسخ الشارح ووقع في نسخة المتن المطبوعة: المهتزون ولعلها رواية أو تصحيف» وفي نسخة ثانية من القاموس: المستهترون.

(٨) اللسان: انفرد به.

(٩) التهذيب: تفرّدت به.