فصل القاف مع الدال المهملة
  وأَبو الأَسود، وقيل: أَبو عَمْرو، وقيل أَبو سَعِيدٍ(١) مِقْدَادُ بنُ عَمْرٍو، ابنُ الأَسْوَدِ الكِنْدِيّ، وعَمْرٌو هو أَبوه الأَصليُّ الحقيقيُّ الذي وَلَدَه، وأَما الأُسودُ فكان حالَفَه وَتَبَنَّاه لمَّا وَفَدَ مَكَّةَ، فنُسِب إِليه نِسْبَة وَلاءٍ وَتَرِيبَةٍ، لا نِسْبَةَ وِلادَةٍ، وهو المِقْدادُ بن عَمْرِو بن ثَعْلَبَةَ بن مالِكِ بن ربيعةَ بنِ عامرِ ابن مَطْرُودٍ(٢) البَهْرَانِيّ وقيل: الحَضْرَمِيّ، قال ابن الكَلْبيّ؛ كان عَمرو بن ثَعْلَبةَ: أَصابَ دماً في قَوْمِه فلَحِق بحَضرَموتَ، فحالَفَ كِنْدَةَ، فكان يقال له الكِنْدِيّ، وتزوَّجَ هناكَ امرأَةً، فَوَلَدَتْ له المِقْدَادَ، فلما كَبِرَ المقدادُ وَقَعَ بينه وبين أَبي شِمْرِ بن حُجْرِ الكِنديّ مُنَافَرَةٌ، فضَرَب رِجْلَه بالسّيف وهَرَب إِلى مَكّةَ، فحالَفَ الأَسودَ بن عبدِ يَغوثَ الزُّهْرِيَّ، وكتبَ إِلى أَبيه فقدِمَ عليه، فتَبَنَّى الأَسْوَدُ المِقْدَادَ، وصارَ يقالُ له: المِقدادُ بنُ الأَسودِ، وغلَبَ عِليه، واشتهرَ به، فلما نَزَلَتْ {ادْعُوهُمْ لِآبائِهِمْ}(٣) قيل له: المقداد بن عمرٍو، صَحَابِيٌّ تَزَوَّجَ ضُبَاعَةَ بنتَ الزُّبَيْرِ بن عَبْدِ المطَّلِب ابنةَ عمِّ النّبيِّ ÷، وهَاجَرَ الهِجْرتينِ، وشَهِدَ بَدْراً والمَشَاهِدَ بعدَهَا. والأَسْوَدُ بن عَبْدِ يَغُوثَ الزُّهْرِيُّ رَبَّاهُ أَو تَبَنَّاه فنُسِبَ إِليه كما أَشرنا إِليه آنفاً، وقد يَلْحَن فيه قُرَّاءُ الحَدِيث ظَنًّا منهم أَنَّه أَي الأَسودَ جَدُّه، أَي إِذا ذُكِرَ في عَمود نَسبهِ بعدَ أَبيه عَمرٍو، كما ذَكَرَه المصنِّفُ، كأَنَّهُم يَجْعَلُون ابنَ الأَسود نعْتاً لعمرٍو، وهو غَلَطٌ، كما قال، إِنما ابنُ الأَسوَدِ نعتٌ للمقدادِ، بُنُوَّةُ تَرْبِيَة وحِلْفٍ لا بُنُوَّةُ وِلادةٍ، كما هو مشهور.
  والقَيْدُودُ: الناقَةُ الطَّوِيلةُ الظَّهْرِ. ج قَيَادِيدُ، يقال: اشتقاقُه من القَوْدِ مثل الكَيْنُونة من الكَوْنِ، كأَنَّهَا في مِيزَانِ فَيْعُولٍ، وهي في اللَّفظ فَعْلُولٌ، وإِحدَى الدالَيْنِ من القَيْدُودِ زائدةٌ، وقال بعضُ أَهلِ التصريف: إِنما أَرادَ تَثْقِيل فَيْعُولٍ، بمنزلَةِ حَيْدٍ وحَيْدُودٍ، وقال آخرون: بل تُرِك على لَفْظِ كُونُونَة(٤) فلما قَبُحَ دخُولُ الواوينِ والضَّمَّات حَوَّلوا الواوَ الأُولَى ياءً لِيُشَبِّهُوها بِفَيْعُولٍ، ولأَنه ليس في كلام العربِ بناءٌ على فُوعُولٍ حَتّى أَنهم قالوا في إِعراب نَوْرُوز نَيْرُوز فِراراً من الواوِ، كذا في اللسان. وتَقَدَّدَ الشيْءُ: يَبِسَ.
  وتَقَدَّدَ القَوْمُ: تَفَرَّقُوا قِدَداً.
  وتَقَدَّدَ الثَّوْبُ: تَقَطَّعَ وبَلِيَ.
  وتَقَدَّدَتِ النَّاقَةُ: هُزِلَتْ بعْضَ الهُزَالِ، أَو تَقدَّدَتْ: كانَتْ مَهزُولةً فسَمِنَتْ، وعن ابن شُمَيل: ناقَةٌ مُتَقَدِّدَة: إِذا كانتْ بين السِّمَنِ والهُزَالِ، وهي التي كانت سَمِينَةً فَخَفَّتْ(٥)، أَو كانت مَهزولةً فابتَدَأَتْ في السِّمَنِ.
  ومن المَجاز: اقْتَدَّ الأُمورَ: اشتقَّها ودَبَّرَها، وفي بعض الأُمَّهاتِ: تَدَبَّرَهَا ومَيَّزَها.
  ومن المَجاز: اسْتَقَدَّ له: اسْتَمَرَّ.
  واسْتَقَدَّ الأَمْرُ: اسْتَوَى.
  واسْتَقَدَّتِ الإِبلُ: استقَامَتْ على وَجْهٍ واحِدٍ واستَمَرَّتْ على حالِها.
  وقَدْ، مُخَفَّفة كلمةٌ معناها التَّوقُّع، حَرْفِيَّة واسْمِيَّة، وهي أَي الاسميّة على وَجْهَيْنِ: الأَوّلُ اسمُ فِعْلٍ مُرَادِفَةٌ لِيَكْفِي قال شيخنا: فهي بمنزِلة الفِعْل الذي(٦) تَنوب عنه، فتلْزَمُها نُون الوِقَايَة نحو قولك: قَدْكَ(٧) دِرْهَمٌ، وقَدْ زَيْداً دِرْهَمٌ، أَي يَكْفِي(٨)، فالاسمُ بعدَها يلْزَم نَصْبُه مفعولاً، كما في يَكفِي.
  والثاني اسْمٌ مُرَادِفٌ لِحَسْبُ، وتُسْتَعْمَل مَبْنِيَّةً غَالِباً، أَي عند البصريّين، على السُّكون، لشَبهها بقَد الحَرفيّة في لفظها، وبكثير(٩) من الحروف الموضوعة على حَرفينِ كعَنْ وبَلْ ونحوهما مثل قَدْ زَيْدٍ دِرْهَمٌ، بالسكون أَي بسكون الدّالِ على أَصلِه مَحْكِيًّا وتُستعمل مُعْرَبَةً أَي عند الكوفيّين نحو قَدُ زَيْدٍ دِرْهَمٌ، بالرفع أَي برفع الدال(١٠).
  وأَمّا قَدْ الحَرْفِيَّةُ فإِنها مُخْتَصَّة بالفِعْل، أَعمّ من أَن
(١) في أسد الغابة: كنيته أبو معبد وقيل أبو الأسود.
(٢) انظر أسد الغابة، وفيه البهراوي بدل البهراني. نسبة إلى بهراء بن عمرو بن الحاف بن قضاعة.
(٣) سورة الأحزاب الآية ٥
(٤) عن اللسان، وبالأصل «كينونة».
(٥) الأصل واللسان، وفي التكملة: فخسفت.
(٦) بالأصل «التي».
(٧) في احدى نسخ القاموس: «قدني» ومثلها في المغني لابن هشام (ط بيروت دار الفكر ص ٢٢٦).
(٨) في المغني: كما يقال: يكفي زيداً درهم، ويكفيني درهم.
(٩) في المغني: ولكثير من الحروف في وضعها.
(١٠) عبارة المغني: ومعربة وهو قليل، يقال: قد زيدٍ درهمٌ بالرفع، كما يقال: حسبه درهمٌ بالرفع، وقدي درهمٌ بغير نون كما يقال: حسبي.