تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[كبد]:

صفحة 216 - الجزء 5

  وإِذَا عَلِمْتَ ذلك فقولُ شيخَنا: قلتُ هو مستدرك، لأَنه المَعْرُوف أَوَّلَ المادَةَ، فهو غَفْلَةٌ ظاهِرَةٌ وسَبْقُ قلَمٍ واضِحٌ، ليسَ بِسَديدٍ، ولَيتَ شِعْرِي كيف لمْ يَرَ فَرْقاً بين الَّلحْمَةِ السوداءِ وبين الجَوْفِ بِكمالِه، ولكنَّها عَصَبِيَّةٌ ظاهِرَةٌ، والله يُسَامِح الجَمِيعَ بِمَنِّه وكَرَمِه.

  والكَبِدُ: وَسَطُ الشَّيْءِ ومُعْظَمُه، وفي الحديث «في كَبِدِ جَبَلٍ» أَي في جَوْفِه مِنْ كَهْفٍ أَو شِعْب. وفي حديث موسى والخَضِرِ عليهما وعلى نَبِيِّنا الصلاة والسلامُ: «فوَجَدْتُه عَلَى كَبِدِ البَحْرِ»، أَي على أَوْسَطِ مَوْضِعٍ مِنْ شاطِئهِ. وانْتَزَعَ سَهْماً فوضَعَه في كَبِدِ القِرْطَاسِ. ودَارُه كَبِدُ نَجْدٍ: وَسَطُها، كُلُّ ذلك مَجازٌ ومن المَجاز: الكَبِدُ مِنَ القَوْسِ: ما بَيْنَ طَرَفَيْ عِلَاقَتِهَا. وفي التهذيب: هو فُوَيْقَ مَقْبِضِها حيثُ يَقَعُ السَّهْمُ، يقال: ضَع السَّهْمَ على كَبِدِ القَوْسِ، وهي ما بَيْنَ طَرَفَيْ مَقْبِضِها ومَجْرَى السَّهْمِ منها.

  قال الأَصمعيُّ: في القَوْسِ كَبِدُهَا، وهو ما بين طَرَفَيِ العِلَاقَةِ، ثمّ الكُلْيَةُ تَلِي ذلك، ثم الأَبْهَرُ يَلِي ذلك، ثمّ الطَّائِفُ، ثمّ السِّيَةُ، وهو ما عُطِفَ مِن طَرَفَيْهَا، أَو قَدْرُ ذِرَاعٍ مِن مَقْبِضِهَا، وقيل: كَبِدَاهَا: مَعْقِدَا سَيْرِ عِلَاقَتِهَا.

  وكَبِدٌ: جَبَلٌ أَحمَرُ لِبَني كِلَابٍ، قال الراعي:

  غَدَا وَمِنْ عَالِجٍ خَدٌّ يُعَالِجُهُ ... عَنِ الشِّمَالِ وعَنْ شَرْقِيِّه كَبِدُ⁣(⁣١)

  وفي مُعْجَم البَكْرِيّ أَنَّه هَضْبَةٌ حمْرَاءُ بالمَضْجَع مِن دِيَارِ كِلَابٍ⁣(⁣٢) ومن المجاز: الكَبِدُ: الجَنْبُ، وفي الحديث «فوَضَع يَدَه عَلَى كَبِدِي»، وإِنما وضَعَها على جَنْبِه مِنَ الظَّاهِر، وقيل: أَي ظاهِر جَنْبِي مّما يَلِي الكَبِدَ. وفي الأَساس: ووَضَع يَدَه عَلَى كَبِده: على ما يُقَابِلُ الكَبِدَ، مِن جَنْبِه الأَيْسَرِ. والكَبِدُ لَقَبُ أَبي زيد عَبْدِ الحَميد بن الوَليد بن المُغِيرة مَوْلَى أَشْجَع المُحَدِّث، روَى عن مَالِكِ والهَيْثَمِ بنِ عَدِيٍّ.

  وكان أَخْبَارِياًّ عَلَّامةً، قال ابن يُونس: سُمِّيَ كَبِداً لِثِقَلِهِ.

  ودَارَةُ كَبِدٍ لبني كِلَابٍ لأَبي بَكْرِ بن كِلابٍ، وهي الهَضْبَة الحَمْرَاءُ المذكورة.

  وكَبِدُ الوِهَاد: ع بِسَمَاوَة كَلْبِ، وضبطه الصاغانِيُّ بكسر الكافِ وسكون الباءِ⁣(⁣٣).

  وكَبِدُ قُنَّةَ موضع لِغَنِيِّ بن أَعْصُرٍ.

  وكَبِدُ الحَصَاةِ لَقُب شاعِر.

  والكَبَدُ، بالتحريك: عِظَمُ البَطْنِ من أَعْلَاه. وكَبَدُ كُلِّ شَيْءٍ: عِظَمُ وَسَطِه وغِلَظُه، كَبِدَ كَبَداً وهو أَكْبَدُ.

  والكَبَدُ: الهَوَاءُ، وقال اللِّحْيَانيُّ: هو الهَوَاءُ واللُّوحُ والسُّكَاكُ والكَبَدُ⁣(⁣٤).

  والكَبَدُ: الشِّدَّةُ والمَشَقَّةُ، وهو مَجازٌ، وبه فُسِّر قولُه تعالى {لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ فِي كَبَدٍ}⁣(⁣٥) وقال الفّرَاءُ: يقول: خَلَقْنَاه مُنْتَصِباً مُعْتَدلاً. [ويقال: {فِي كَبَدٍ} أَي أَنه خُلِقَ يُعَالِجُ ويكابِدُ أَمْرَ الدُّنْيا وأَمْرَ الآخِرَةِ]⁣(⁣٦) وقيل: خُلِق مُنْتَصِباً يَمْشِي على رِجْلَيْه، وغيرُه مِن سائرِ الحَيَوَانِ غيرُ مُنتصِبٍ، وقيل: {فِي كَبَدٍ}: خُلِقَ في بَطْنِ أُمِّه ورَأْسُه قِبَلَ رَأْسِها، فإِذا أَرَادَتِ الوِلَادَةَ انْقَلَبَ الوَلَدُ⁣(⁣٧) إِلى أَسْفَل، قال المُنْذِرِيّ: سمِعْت أَبَا طَالِبٍ يقول: الكَبَدُ: الاستواءُ والاستِقَامَةُ. وقال الزَّجَّاجُ: هذا جَوابُ القَسَمِ، المَعْنَى: أُقْسِمُ بهذه الأَشياءِ أَمْرَ⁣(⁣٨) الدُّنْيَا والآخِرَةِ.

  والكَبَدُ: وَسَطُ الرَّمْلِ وَوَسَطُ السَّمَاءِ ومُعْظَمُهَا، كالكُبَيْدَاءِ والكُبَيْدَاةِ، هكذا بالهاءِ المُدَوَّرَة، كما في سائر النُّسخ، والصواب بالمُطَوَّلَة كما في الصحاح وغيره.

  والكَبْدَاءِ والكَبْدِ بفتح فسكون فيهما، كذا هو مضبوط،


(١) ديوانه ص ٦٨ وبهامش المطبوعة المصرية: «قوله يعالجه الذي في اللسان: يعارضه. ونقل بهامشه عن ياقوت:

عدا ومن عالج ركن يعارضه ... عن اليمين ... الخ».

وفي المطبوعة الكويتية «شرقية» تحريف. وفي الديوان يعارضه بدل يعالجه.

(٢) لم ترد العبارة في معجم ما استعجم، لكنها وردت في معجم البلدان، وفيه «في» بدل «من».

(٣) ضبطت في التكملة «كبِدَ» بفتح الكاف وكسر الباء ضبط قلم.

(٤) ضبطناه من اللسان، وضبطت في التهذيب بكسر الباء، وكلاهما ضبط قلم.

(٥) سورة البلد الآية ٤.

(٦) زيادة عن التهذيب واللسان.

(٧) الأصل واللسان، وفي التهذيب: الرأس.

(٨) الأصل واللسان، وفي التهذيب: «يكابد أمره في».