تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

فصل الكاف مع الدال المهملة

صفحة 217 - الجزء 5

  والصواب والكَبِد ككَتِف، وفي الصحاح: وكُبَيْدَاتُ السماءِ كأَنَّهم صَغَّرُوها كُبَيْدَة ثم جَمَعوا. وكَبَدُ السماءِ: وسَطها الذي تقوم فيه الشمسُ عند الزَّوالِ، فيقال عند انْحطاطها: زالَتْ ومَالَتْ. قلت: وقولهم: بَلَغَتْ كَبِدَ السَّمَاءِ وكُبَيْدَاتِ السماءِ مَجَازٌ، كما في الأَساس. وقال الليث: كَبَدُ السماءِ: ما استقْبَلكَ مِن وَسَطِها، يقال: حَلَّق الطائرُ حتى صار في كَبَدِ السماءِ وكُبَيْدَاءِ السماءِ، إِذا صَغَّرُوا جعَلوها⁣(⁣١) كالنَّعْتِ، وكذلك يقولون في سُوَيْدَاءِ القَلْبِ، قال: وهما نادِرَتانِ حُفِظَتا عن العرب هكذا. قلت: وكلام الأَئمَّة، صَريحٌ في أَنّ كَبِد الرّمل وكَبِد السماءِ ككَتِفٍ، وهذا خلافُ ما مشَى عليه المُصنّف، فلينظر ذلك مع تأَمُّلٍ، وأَشار إِليه شيخنا كذلك في شرحه، وذَهبَ إِلى ما أَشَرْتُ إِليه، وتَوقَّف في كونِ كَبدِ السماءِ مُحَرَّكة اللهم إِلّا أَن يجعلَ قوله فيما بعد: والكَبِد بفتح فكسر، كما لا يخفَى، والله أَعلم، ثم رأَيتُ الصاغانيَّ ذكَرَ في تكملته أَن كَبَدَ السماءِ، بالتحريك، لغةٌ في كسْرِ الباءِ.

  وتَكَبَّدَتِ الشَّمْسُ: صَارَتْ في كُبَيْدَائِها. وفي الصحاح: في كَبِدِهَا كَكَبَّدَتْ تَكْبِيداً. في التهذيب: كَبَّدَ النَّجْمُ السَّمَاءَ، أَي تَوسَّطَها.

  وتَكَبَّدَ الأَمْرَ: قَصَدَهُ، ومنه قولُه:

  يَرُومُ البِلادَ أَيَّهَا يَتَكَبَّدُ

  ومن المَجاز تَكبَّدَ اللَّبَنُ وغيرُه من الشَّراب: غَلُظَ وخَثُرَ، واللَّبَنُ المُتَكَبِّدُ: الذي يَخْثُر حتَّى يَصيرَ كأَنَّه كَبِدٌ يَترَجْرَجُ.

  وسُودُ الأَكبادِ: الأَعْدَاءُ، قال الأَعشى:

  فَمَا أُجْشِمْتُ مِنْ إِتْيَانِ قَوْمٍ ... هُمُ الأَعْدَاءُ فالأَكْبَادُ سُودُ

  يَذْهبون إِلى أَنَّ آثارَ الحِقْدِ أَحْرَقَتْ أَكْبَادَهُم حتى اسْوَدَّت، كما يُقَال لهم صُهْبُ السِّبَالِ وإِن لم يَكُونوا كذلك، والكَبِدُ مَعْدِنُ العَدَاوَةِ.

  والكَبْدَاءُ: رَحَى اليَدِ، وهي التي تُدَارُ باليَدِ، سُمِّيَت كَبْدَاءَ لما في إِدَارَتِها مِن المَشَقَّةِ، قال:

  بُدِّلْتُ مِنْ وَصْلِ الغَوَانِي⁣(⁣٢) البِيضِ ... كَبْدَاءَ مِلْحَاحاً عَلَى الرَّمِيضِ⁣(⁣٣)

  تَخْلأُ إِلَّا بِيَدِ القَبِيضِ⁣(⁣٤)

  يَعْنِي رَحَى اليَدِ، أَي في يَدِ رَجُلٍ قَبِيضِ اليَدِ خَفِيفِها.

  وقال الآخر، وهو راجزُ بني قَيْسٍ:

  بِئْسَ الغِذَاءُ لِلْغُلامِ الشَّاحِبِ⁣(⁣٥) ... كَبْدَاءُ حُطَّتْ⁣(⁣٦) مِنْ ذُرَا كَوَاكِبِ

  أَدَارَهَا النَّقَّاشُ كُلَّ جَانِبِ

  يَعْنِي رَحًى. والكَوَاكِبُ: جِبَالٌ طِوَالٌ⁣(⁣٧).

  والكَبْدَاءُ: القَوْسُ يَمْلأُ الكَفَّ مَقْبِضُها، وهو مَجاز، وقيل: قَوْسٌ كَبْدَاءُ: غَلِيظَةُ الكَبِدِ شَدِيدَتُها. وفي الأَساس: قَوْسٌ كَبْدَاءُ: يَمْلأُ عِجْسُها⁣(⁣٨) الكَفَّ والكَبْدَاءُ: المَرْأَةُ الضَّخْمَةُ الوَسَطِ البَطِيئةُ السَّيْر، وقيل: امرأَةٌ كَبْدَاءُ بَيِّنةُ الكَبَدِ، بالتحريك.

  والرَّجُلُ أَكْبَدُ، وهو الضَّخْمُ الوَسَطِ، ولا يكون إِلَّا بَطِئَ السَّيْرِ.

  والكَبْدَاءُ: الرَّمْلَةُ العَظيمةُ الوَسَطِ، وناقَةٌ كَبْدَاءُ، كذلك، قال ذو الرُّمَّة:

  سِوَى وَطْأَةٍ دَهْمَاءَ مِنْ غَيْرِ جَعْدَةٍ ... ثَنَى⁣(⁣٩) أُخْتَهَا عَنْ غَرْزِ كَبْدَاءَ ضامِرِ

  ومن المَجاز كابَدَهُ مُكَابَدَةً وكِبَاداً، الأَخير بالكسر: قَاسَاهُ، والاسم الكابِدُ كالكاهِل والغارب، قال ابنُ سِيده: أَعْنِي به أَنّه غيرُ جارٍ على الفِعْلِ، قال العَجَّاج:


(١) اللسان: حملوها.

(٢) التهذيب: الحسان.

(٣) التهذيب: «الرضيض».

(٤) في التهذيب: إلّا في يد.

وبهامش المطبوعة المصرية: «سقط قبل قوله كبداء الخ» مشطور ونصه في التكملة:

وبالرداح الجسرة النهوض

(٥) في التهذيب والتكملة بئس طعام الصبية السواغب ونبه بهامش المطبوعة المصرية إلى رواية المشطور في التكملة.

(٦) في التهذيب: جاءت.

(٧) في التهذيب: وكواكب: جبل معروف بالبادية.

(٨) عن الأساس، وبالأصل: «عجيسها».

(٩) عن الديوان ص ٢٩٣ والتهذيب، وبالأصل «تني».