[نرد]:
  قال: أَحْسَبُه قال(١) هذا، وغيرُه أَرادَ بالنَّاشِدِ أَيضاً رَجُلاً قد ضَلَّتْ دَابَّتُه فهو يَنْشُدُها أَي يَطْلُبها لِيَتَعَزَّى بذلك، وأَمَّا لَيْثُ [بن](٢) المُظَفّر فإِنه جَعل الناشِدَ: المُعَرِّفَ في هذا البَيتِ، قال: وهذا مِن عَجِيب كلامِهم أَنْ يَكون الناشدُ: الطالبُ والمُعَرِّف جَميعاً، وقال ابنُ سِيده: الناشِد في بَيْتِ أَبي دُوَادٍ: المُعَرِّف وقيل الطَّالِب، لأَن المُضِلَّ يَشْتَهِي أَن يَجِدَ مُضِلًّا مِثْلَه لِيَتَعَزَّى به، وهذا كقَولهم: الثكْلَى تُحِبُّ الثَّكْلَى.
  ونَشَدَ فُلَاناً: عَرَفَه، بتخفيف الراءِ، مَعْرِفَةً، ورُوِيَ، عن المُفَضَّل الضَّبِّيِّ أَنه قال: زَعَمُوا أَنّ امرأَةً قالتْ لابنَتِها: احْفَظِي بَيْتَكِ ممَّن لا تَنْشُدِين أَي لا تَعرِفين.
  ونَشَدَ باللهِ: اسْتَحْلَفَ، قال شيخُنَا: وقد أَطلَقَه المصنِّفُ، وقَيَّدَه الأَكْثَرُ من النحاةِ واللُّغَوِيِّين بأَن فيه مع اليَمينِ استعطافاً. ونَشَدَ فُلَاناً نَشْداً: قال له: نَشَدْتُكَ الله، أَيْ سأَلْتُك باللهِ. في التهذيب: قال الليثُ: نَشَد يَنْشُد فُلانٌ فُلاناً إِذا قال: نَشَدْتُك بالله والرَّحِم، وتقول: ناشَدْتُك الله.
  وفي المحكم: نَشَدْتُك اللهَ نَشْدَةً ونِشْدَةً نِشْدَاناً: استَحْلَفْتُك بالله. وأَنْشُدُك بالله إِلَّا فَعَلْتَ: أَسْتَحْلِفُك بالله.
  ونَشْدَكَ الله، بالفتح، أَي بفتح الدال أَي أَنْشُدُكَ بالله، وقد نَاشَدَه مُنَاشَدَةً ونِشَاداً، بالكسر: حَلَّفَه، يقال: نَشَدْتُك الله وأَنْشُدُك الله وبالله، وناشَدْتك الله وبالله، أَي سأَلْتُك، وأَقْسَمْتُ عليك، ونَشَدْتُه نِشْدَةً ونِشْدَاناً ومُنَاشَدَةً، وتَعْدِيَتُه إِلى مَفْعولينِ إِمَّا لأَنّه بمنزلةِ دَعَوْتُ، حيث قالوا: نَشَدْتُكَ الله، وباللهِ، كما قالوا: دَعَوْتُه زيداً وبِزَيدٍ، إِلا أَنهم ضَمَّنُوه مَعْنَى ذَكَّرْت، قال: فأَمّا أَنْشَدْتُك بالله فخَطَأٌ، وقال ابنُ الأَثير(٣): النِّشْدَة مَصْدَرٌ، وأَمَّا نِشْدَك، فقيل إِنه حَذَفَ منها التاءَ وأَقامَهَا مُقَامَ الفِعْلِ، وقيل هو بِناءٌ مُرْتَجَلٌ، كقِعْدَك الله، وعَمْرَكَ الله، قال سِيبويهِ: قولُهم عَمْرَكَ اللهَ وقِعْدَكَ الله، بمنزلةِ نِشْدَكَ الله، وإِن لم يُتَكَلَّم بِنِشْدَكَ(٤)، ولكن زعَم الخَليلُ أَن هذَا تَمْثِيلٌ تُمثِّلَ(٥) به، قال: ولعلَّ الرَّاوِيَ قد حَرَّفَ الرِّوَايَة عن نَنْشُدُكَ(٦) الله(٧) فحُذِف الفِعْلُ الذي هو أَنْشُدُك الله، ووُضِعَ المَصْدَرُ مَوْضِعَه مُضَافاً إِلى الكاف الذي كان مفعولاً أَوَّل، كذا في اللسانِ. وفي التوشيح: نَشَدْتُك الله، ثُلاثِيًّا، وغَلطَ مَن ادَّعَى فيه أَنه رُبَاعِيٌّ، أَي أَسأَلُك بالله، فضُمِّن مَعْنى أُذَكِّرُك، بحذف الباءِ، أَي أُذَكِّرُك رافِعاً نِشْدَتي، أَي صَوْتِي، هذا أَصْلُه، ثم اسْتُعْمِل في كُلِّ مَطلوبٍ مُؤَكَّدٍ ولو بلا رَفْعٍ. ونقل شيخُنَا عن شَرْحِ الكافِيَة: الباءُ هي أَصْلُ الحُرُوف الخافِضة للقَسَم، ولها على غَيْرِهَا مَزَايَا، منها استعمالُهَا في القَسَمِ الطَّلَبِيِّ، كقولهم في الاستعطاف: نَشَدْتُك الله أَو باللهِ، بمعنى ذَكَّرْتُك اللهَ مُسْتَحْلِفاً، ومثله عَمَرْتُكَ اللهَ معنًى واستعمالاً، إِلا أَن عَمَرْتُك مُسْتَغْنٍ عن الباءِ، وأَصْلُ نَشَدْتُك اللهَ: طلَبْتُ مِنْكَ باللهِ، وأَصلُ عَمَرْتُك الله: سَأَلْت [الله](٨) تَعْمِيرَك، ثُمّ ضُمِّنا مَعنَى استَحْلَفْت مَخْصُوصَيْنِ بالطَّلبِ، والمُسْتَحْلَف عليه بَعْدَهما مُصَدَّرٌ بِإِلَّا أَو بِمَا بمعناها، أَو باستفهامٍ أَو أَمْرٍ أَو نَهْيٍ، قال شيخُنَا: في قوله وأَصْلُ نَشدْتُك الله طَلَبْتُ، إِيماءٌ إِلى أَنّه مأْخُوذٌ من نَشَدَ الضالَّةَ إِذا طَلَبَهَا، وصَرَّح به غيرُه، وفي المشارقِ للقَاضِي عِيَاض: أَصْلُ الإِنشاد رَفْعُ الصَّوْتِ، ومنه إِنشاد الشِّعْر، وناشَدْتك الله وناشَدْتُك(٩) معناه سأَلْتُك بالله، وقيل: ذَكَّرْتُك بالله، وقيل: هما مِمَّا تقدَّم، أَي سأَلْتُ الله بِرَفْعِ صَوْتِي، ومثل هذا الآخِرِ قولُ الهَرَوِيّ مُقْتَصِراً عليه وفي المحكم أَنْشَدَ الضَّالَّةَ: عَرَّفَهَا، واسْتَرْشَدَ عَنْهَا، ضِدٌّ وفي الحديث في حَرَم مَكّة: «لا يُخْتَلَى خَلَاهَا، ولا تَحِلُّ لُقَطَتُها إِلَّا لِمُنْشِدٍ».
  قال أَبو عُبَيْد: المُنْشِد: المُعَرِّف، قال: والطالِبُ هو الناشِدُ، وحكَى اللِّحيانيُّ في النوادر: نَشَدْتُ الضَّالّةَ إِذا طَلَبْتُها، وأَنْشَدْتُها ونَشَدْتُها، بغير أَلِفٍ، إِذا عَرَّفْتها، قال: ويقال: أَشَدْت
(١) في التهذيب: أحسبه قال، هو أو غيره، أنه قال:
(٢) زيادة عن التهذيب، وسقطت كلمة «ليث» منه.
(٣) بهامش المطبوعة المصرية: «قوله: وقال ابن الأثير الخ عبارة اللسان: وفي حديث أبي سعيد أن الأعضاء كلها تكفّر اللسان تقول: نِشْدَكَ اللهَ فينا. قال ابن الأثير الخ».
(٤) هذا ضبط اللسان، بفتح الدال، بهامش المطبوعة الكويتية: «بفتح الدال على الحكاية».
(٥) عن اللسان وبالأصل «يمثل» وضبطت في النهاية: تَمثَّل.
(٦) عن النهاية، وبالأصل «نشدك الله».
(٧) بهامش المطبوعة المصرية: «وفي اللسان بعد هذه العبارة: أو أراد سيبويه والخليل قلّة مجيئه في الكلام لا عدمه أو لم يبلغهما مجيئه في الحديث، فحذف الفعل ..» وفي النهاية فكاللسان.
(٨) زيادة عن المطبوعة الكويتية.
(٩) بهامش المطبوعة المصرية: «قوله وناشدتك الله وناشدتك، لعله: وناشدتك الله ونشدتك»