تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

فصل النون مع الدال المهملة

صفحة 279 - الجزء 5

  الضَّالّةَ أُشِيدُها إِشادَةً إِذَا عَرَّفْتهَا، وقال الأَصمعيّ: كُلُّ شيْءٍ رَفَعْتَ به صَوْتَك فقد أَشَدْتَ به، ضالَّةً كانتْ أَو غَيْرَها، وقال كُراع في المُجَرَّد، وابنُ القَطَّاع في الأَفْعَال: وأَنْشَدْتُهَا، بالأَلف: عَرَّفْتُها لا غَيْرُ.

  وأَنْشَدَ الشِّعْرَ: قَرَأَه ورفَعه وأَشَادَ بذِكْرِه، كنَشَدَه.

  وأَنْشَدَ بِهِم: هَجَاهُمْ. وفي الخَبَر أَنّ السَّلِيطِيِّين قالوا لِغَسَّان: هذا جَرِيرٌ يُنْشِدُ بنا، أَي يَهْجُونا.

  وتَنَاشَدُوا: أَنْشَدَ بعضُهم بعضاً، وأَمّا قولُ الأَعشى:

  رَبِّي كَرِيمٌ لا يُكَدِّرُ نِعْمَةً ... وإِذَا تُنُوشِدَ في المَهَارِقِ أَنْشَدَا

  قال أَبو عُبَيْدَة⁣(⁣١): يعني النُّعْمانَ بن المُنْذِر، إِذا سُئل بِكَتْبِ الجَوَائِز أَعْطَى، و «تُنُوشِدَ» في مَوْضِع نُشِدَ، أَي سُئل، [والنَّشدَةُ، بالكَسْرِ: الصَّوْت]⁣(⁣٢) والنَّشِيد: رَفْعُ الصوْتِ قال أَبو منصور: وإِنما قيل للطَّالِب ناشِدٌ لِرَفْعِ⁣(⁣٣) صَوْتِه بالطَّلَبِ، وكذلك المُعَرِّفَ يَرْفَعُ صَوتَه بالتعرِيف يُسَمَّى⁣(⁣٤) مُنْشِداً، ومن هذا إِنشادُ الشِّعْرِ إِنما هو رَفْعُ الصَّوْتِ، وقولهم نَشَدْتُك باللهِ وبالرَّحِم معناه: طَلَبْتُ إِليك بالله وبِحَقِّ الرَّحِمِ بِرَفْعِ نَشِيدِي، أَي صَوْتِي، قال⁣(⁣٥): وقولهم: نَشَدْت الضالَّةَ، أَي رفَعْتُ نَشِيدي، أَي صَوْتِي بِطَلَبِها.

  ومن المَجاز: النَّشِيد: الشِّعْرُ المُتَنَاشَدُ بينَ القَوْم يُنْشِدُه بعضُهم بعْضاً، كالأُنْشُودَةِ، بالضمِّ، ج أَنَاشِيدُ، وجَمْعُ النَّشِيدِ النَّشَائدُ.

  واسْتَنْشَدَ فُلاناً الشِّعْرَ فأَنْشَدَه: طَلَبَ منه إِنْشَادَه، وهو مَجازٌ.

  ومنه أَيضاً: تَنَشَّدَ الأَخْبَارَ: أَرَاغَها لِيَعْلَمَهَا مِن حَيْثُ لا يَعْلَمُها الناسُ. ومُنْشِدٌ كمُحْسِنٍ: ع بَيْنَ رَضْوَى جَبَلِ جُهَيْنَة والساحِلِ، قال الراعي:

  إِذا ما انْجَلَتْ عَنْهُ غَدَاةً ضَبَابَةٌ ... غَدَا⁣(⁣٦) وَهْوَ في بَلْدٍ خَرَانِقِ مُنْشِدِ

  وَجَبَلٌ مِن حَمْرَاءِ المَدِينةِ على ثَمَانِيَةِ أَمْيَالٍ من طَرِيق الفُرْعِ، وإِيّاه أَرادَ مَعْنُ بنْ أَوْسٍ المُزَنِيّ بقوله:

  فَمُنْدَفَعُ الغُلّانِ مِنْ جَنْبِ مُنْشِدٍ ... فَنَعْفُ الغُرَابِ خُطْبُه وأَسَاوِدُهْ

  ومُنْشِدٌ: ع آخَرُ في جِبَال طَيِّيءٍ، قال زَيْدُ الخَيْلِ يَتَشَوَّقَهُ وقد حضَرَتْه الوَفاةُ:

  سَقَى الله مَا بَيْنَ القُفَيْلِ فَطَابَةٍ ... فَمَا دُونَ أَرْمَامٍ فَمَا فَوْقَ مُنْشِدِ

  * ومما يستدرك عليه:

  الناشِدُون: الذين يَنْشُدُونَ الإِبلَ ويَطْلُبُونَ الضَّوَالَّ فيأْخُذُونها ويَحْبِسُونَهَا على أَرْبَابِهَا.

  ونَشَدْتُ فُلاناً أَنْشُدُه نَشْداً فَنَشَدَ، أَي سأَلْتُه بالله، كأَنّك ذَكَّرْتَه إِيَّاه فتَذَكَّر. وفي حديثِ عُثْمَانَ «فأَنْشَدَ له رِجالٌ» أَي أَجَابُوه، يقال: نَشَدْتُه فأَنْشَدَنِي وأَنْشَدَ لِي. أَي سأَلْتُه فأَجَابَنِي، وهذه الأَلف تُسَمَّى أَلِفَ الإِزالَةِ. يقال: قَسَطَ الرجلُ، إِذا جَارَ، وأَقْسَط، إِذا عَدَلَ، كأَنَّه أَزَالَ جَوْره وأَزالَ نَشِيدَه.

  ونَاشَدَه الأَمْرَ وناشَدَه فيه، وفي الخَبَر أَنّ أُمَّ قيْسِ بنِ ذَرِيحٍ⁣(⁣٧) أَبْغَضَت لُبْنَى فناشَدَتْه في طَلاقِها. وقد يَجُوز أَن يَكُون عُدِّيَ بِفِي، لأَن في نَاشَدْت مَعْنَى طَلَبْت ورَغِبْت وتَكَلَّمْت.

  ونَشَدَ: طَلَبَ، قال الأُقَيْشِرُ الأَسَدِيُّ:

  ومُسَوِّفٍ نَشَدَ الصَّبُوحَ صَبَحْتُه ... قَبْلَ الصَّبَاحِ وقَبْلَ كُلِّ نِدَاءِ

  والمُسوِّف: الجائِعُ يَنْظُر يَمْنَةً ويَسْرةً، وقال الجعدِيُّ:


(١) اللسان: أبو عبيد.

(٢) زيادة عن القاموس، ونبه إلى ذلك بهامش المطبوعة المصرية، وقد وضعت العبارة كلها خارج الأقواس في المطبوعة الكويتية، على أنها ليست في القاموس، وهو خطأ.

(٣) التهذيب: لرفعه صوته.

(٤) في التهذيب: فسُميّ.

(٥) القائل: هو أبو العباس كما في اللسان.

(٦) ديوانه ص ٨٥ وفيه «رأى» بدل «غدا» وضبطت فيه خرانق بفتح القاف، وما أثبتناه عن اللسان.

(٧) الأصل «دريح» بالدال، خطأ.