فصل النون مع الدال المهملة
  الضَّالّةَ أُشِيدُها إِشادَةً إِذَا عَرَّفْتهَا، وقال الأَصمعيّ: كُلُّ شيْءٍ رَفَعْتَ به صَوْتَك فقد أَشَدْتَ به، ضالَّةً كانتْ أَو غَيْرَها، وقال كُراع في المُجَرَّد، وابنُ القَطَّاع في الأَفْعَال: وأَنْشَدْتُهَا، بالأَلف: عَرَّفْتُها لا غَيْرُ.
  وأَنْشَدَ الشِّعْرَ: قَرَأَه ورفَعه وأَشَادَ بذِكْرِه، كنَشَدَه.
  وأَنْشَدَ بِهِم: هَجَاهُمْ. وفي الخَبَر أَنّ السَّلِيطِيِّين قالوا لِغَسَّان: هذا جَرِيرٌ يُنْشِدُ بنا، أَي يَهْجُونا.
  وتَنَاشَدُوا: أَنْشَدَ بعضُهم بعضاً، وأَمّا قولُ الأَعشى:
  رَبِّي كَرِيمٌ لا يُكَدِّرُ نِعْمَةً ... وإِذَا تُنُوشِدَ في المَهَارِقِ أَنْشَدَا
  قال أَبو عُبَيْدَة(١): يعني النُّعْمانَ بن المُنْذِر، إِذا سُئل بِكَتْبِ الجَوَائِز أَعْطَى، و «تُنُوشِدَ» في مَوْضِع نُشِدَ، أَي سُئل، [والنَّشدَةُ، بالكَسْرِ: الصَّوْت](٢) والنَّشِيد: رَفْعُ الصوْتِ قال أَبو منصور: وإِنما قيل للطَّالِب ناشِدٌ لِرَفْعِ(٣) صَوْتِه بالطَّلَبِ، وكذلك المُعَرِّفَ يَرْفَعُ صَوتَه بالتعرِيف يُسَمَّى(٤) مُنْشِداً، ومن هذا إِنشادُ الشِّعْرِ إِنما هو رَفْعُ الصَّوْتِ، وقولهم نَشَدْتُك باللهِ وبالرَّحِم معناه: طَلَبْتُ إِليك بالله وبِحَقِّ الرَّحِمِ بِرَفْعِ نَشِيدِي، أَي صَوْتِي، قال(٥): وقولهم: نَشَدْت الضالَّةَ، أَي رفَعْتُ نَشِيدي، أَي صَوْتِي بِطَلَبِها.
  ومن المَجاز: النَّشِيد: الشِّعْرُ المُتَنَاشَدُ بينَ القَوْم يُنْشِدُه بعضُهم بعْضاً، كالأُنْشُودَةِ، بالضمِّ، ج أَنَاشِيدُ، وجَمْعُ النَّشِيدِ النَّشَائدُ.
  واسْتَنْشَدَ فُلاناً الشِّعْرَ فأَنْشَدَه: طَلَبَ منه إِنْشَادَه، وهو مَجازٌ.
  ومنه أَيضاً: تَنَشَّدَ الأَخْبَارَ: أَرَاغَها لِيَعْلَمَهَا مِن حَيْثُ لا يَعْلَمُها الناسُ. ومُنْشِدٌ كمُحْسِنٍ: ع بَيْنَ رَضْوَى جَبَلِ جُهَيْنَة والساحِلِ، قال الراعي:
  إِذا ما انْجَلَتْ عَنْهُ غَدَاةً ضَبَابَةٌ ... غَدَا(٦) وَهْوَ في بَلْدٍ خَرَانِقِ مُنْشِدِ
  وَجَبَلٌ مِن حَمْرَاءِ المَدِينةِ على ثَمَانِيَةِ أَمْيَالٍ من طَرِيق الفُرْعِ، وإِيّاه أَرادَ مَعْنُ بنْ أَوْسٍ المُزَنِيّ بقوله:
  فَمُنْدَفَعُ الغُلّانِ مِنْ جَنْبِ مُنْشِدٍ ... فَنَعْفُ الغُرَابِ خُطْبُه وأَسَاوِدُهْ
  ومُنْشِدٌ: ع آخَرُ في جِبَال طَيِّيءٍ، قال زَيْدُ الخَيْلِ يَتَشَوَّقَهُ وقد حضَرَتْه الوَفاةُ:
  سَقَى الله مَا بَيْنَ القُفَيْلِ فَطَابَةٍ ... فَمَا دُونَ أَرْمَامٍ فَمَا فَوْقَ مُنْشِدِ
  * ومما يستدرك عليه:
  الناشِدُون: الذين يَنْشُدُونَ الإِبلَ ويَطْلُبُونَ الضَّوَالَّ فيأْخُذُونها ويَحْبِسُونَهَا على أَرْبَابِهَا.
  ونَشَدْتُ فُلاناً أَنْشُدُه نَشْداً فَنَشَدَ، أَي سأَلْتُه بالله، كأَنّك ذَكَّرْتَه إِيَّاه فتَذَكَّر. وفي حديثِ عُثْمَانَ «فأَنْشَدَ له رِجالٌ» أَي أَجَابُوه، يقال: نَشَدْتُه فأَنْشَدَنِي وأَنْشَدَ لِي. أَي سأَلْتُه فأَجَابَنِي، وهذه الأَلف تُسَمَّى أَلِفَ الإِزالَةِ. يقال: قَسَطَ الرجلُ، إِذا جَارَ، وأَقْسَط، إِذا عَدَلَ، كأَنَّه أَزَالَ جَوْره وأَزالَ نَشِيدَه.
  ونَاشَدَه الأَمْرَ وناشَدَه فيه، وفي الخَبَر أَنّ أُمَّ قيْسِ بنِ ذَرِيحٍ(٧) أَبْغَضَت لُبْنَى فناشَدَتْه في طَلاقِها. وقد يَجُوز أَن يَكُون عُدِّيَ بِفِي، لأَن في نَاشَدْت مَعْنَى طَلَبْت ورَغِبْت وتَكَلَّمْت.
  ونَشَدَ: طَلَبَ، قال الأُقَيْشِرُ الأَسَدِيُّ:
  ومُسَوِّفٍ نَشَدَ الصَّبُوحَ صَبَحْتُه ... قَبْلَ الصَّبَاحِ وقَبْلَ كُلِّ نِدَاءِ
  والمُسوِّف: الجائِعُ يَنْظُر يَمْنَةً ويَسْرةً، وقال الجعدِيُّ:
(١) اللسان: أبو عبيد.
(٢) زيادة عن القاموس، ونبه إلى ذلك بهامش المطبوعة المصرية، وقد وضعت العبارة كلها خارج الأقواس في المطبوعة الكويتية، على أنها ليست في القاموس، وهو خطأ.
(٣) التهذيب: لرفعه صوته.
(٤) في التهذيب: فسُميّ.
(٥) القائل: هو أبو العباس كما في اللسان.
(٦) ديوانه ص ٨٥ وفيه «رأى» بدل «غدا» وضبطت فيه خرانق بفتح القاف، وما أثبتناه عن اللسان.
(٧) الأصل «دريح» بالدال، خطأ.