تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[نفد]:

صفحة 281 - الجزء 5

  والنَّضِيدة أَيضاً: ما حُشِيَ مِن المَتَاعِ وأَنشد:

  وقَرَّبتْ خُدَّامُها الوسائِدَا ... حتَّى إِذا ما عَلَّوُا النَّضَائِدَا

  قال: والعرب تقول لجماعة ذلك: النَّضَدُ.

  وفي المثَل: «أَثْقَلُ مِن نَضَادِ» كقَطَامِ: جَبلٌ بالعالِيةِ، وفي بعض النُّسخ: بالطَّائف. وفي اللسان: بالحِجاز، يُذَكَّر ويُؤَنَّثُ، قال الأَصمعيُّ وذَكرَ النِّيرَ: وثَمَّ جَبَلٌ لِغَنِيٍّ أَيضاً يقال له نَضَادِ في جَوْفِ النِّيرِ، والنِّيرُ: لغاضِرَةِ قَيْسٍ.

  وبشَرْقِيّ نَضَادِ الجَثْجاثَةُ، ويُبنَى عند أَهلِ الحِجاز على الكَسْر وتَمِيمٌ تُجْرِيهِ مُجْرَى ما لا يَنْصرِفُ، قال:

  لَوْ كَانَ مِنْ حضَنٍ تَضَاءَلَ مَتْنُه ... أَوْ مِنْ نَضَادِ بَكَى علَيْهِ نَضَادُ

  وقال كُثَيِّر عَزَّةَ يصْرِفه:

  كَأَنَّ المطَايا تَتَّقِي مِنْ زُبانَةٍ ... منَاكِبَ رُكْنٍ مِنْ نَضَادٍ مُلَمْلَمِ

  وقال قَيْسُ بنُ زُهيْرٍ العبْسِيُّ:

  كَأَنِّي إِذ أَنَخْتُ إِلى ابْنِ قُرْطٍ ... عقلْتُ إِلى يلَمْلَمَ أَوْ نَضَادِ

  ويقال له: نَضَادُ النِّيرِ، والنِّير: جَبلٌ، ونَضَاد أَطْولُ موْضِعٍ فيه [وأَعظمه]⁣(⁣١)، قال ابنُ دارةَ:

  وأَنْتَ جنِيبٌ لِلْهوى يوْمَ عاقِلٍ ... ويوْمَ نَضَادِ النِّيرِ أَنت جَنِيبُ

  ومن المَجاز: انْتَضَدَ بالمكَانِ: أَقامَ به، نقله الصاغَانيُّ.

  * ومما يستدرك عليه:

  دارٌ مُنَضَّدٌ⁣(⁣٢): مُرصَّف.

  وتَنَضَّدَت الأَسنانُ. وما أَحْسنَ تَنْضِيدَها⁣(⁣٣).

  ونَضَدْتُ اللَّبِنَ على المَيتِ. وانتضَدَ الشيءُ: اجْتَمعَ.

  [نفد]: نَفِدَ الشيءُ، كسمِعَ، يَنْفَدُ نَفَاداً، بالفتح، ونَفَداً، مُحرَّكةً: فَنِيَ وذَهبَ، ونقَلَ شيخُنَا عن الزمخشريّ في الكَشَّاف أَنه لو استَقْرأَ أَحدٌ الأَلفاظَ التي فاؤُها نونٌ وعيْنُها فاءٌ لوجَدها دالَّةٌ على معنَى الذّهابِ والخُرُوجِ وقاله غيره، انتهى. وفي التنزيل العزيز: {ما نَفِدَتْ كَلِماتُ اللهِ}⁣(⁣٤) قال الزَّجّاج: معناه ما انْقَطعتْ ولا فَنِيَتْ، ويُرْوَى أَن المشركينَ قالوا في القرآنِ: هذا كَلَامٌ سيَنْفَد ويَنْقَطِع، فأَعْلَمَ اللهُ تعالى أَنَّ كلامه وحِكْمتَه لا تَنْفَد.

  وأَنْفَده هو: أَفْنَاهُ، كاسْتَنْفَدَه. واسْتَنْفَدَ القَومُ ما عِندهم، وأَنْفَدُوه.

  وكذلك انْتَفَده، إِذا أَذْهَبه.

  وأَنْفَدَ القَوْمُ: فَنِيَ زَادُهُمْ.

  أَونَفِدَ مالُهُم قال ابنُ هَرْمةَ:

  أَغَرّ كَمِثْلِ البدْرِ يسْتَمْطِرُ النَّدَى ... ويَهْتَزُّ مُرْتَاحاً إِذَا هُو أَنْفَدَا

  وأَنْفَدتِ الرَّكِيَّةُ: ذَهبَ ماؤُها.

  ونَافَدَه أَي الخَصْمَ مُنَافَدةً: حاكَمَه وخَاصمَه، فهو مُنَافِدٌ يُحاجُّ الخَصْمَ حتَّى يَقْطَعَ حُجَّتَه ويُنْفِدَها، ويقال: ليس له رافِدٌ ولا مُنَافِدٌ. وفي اللسان: نافَدْت الخَصْمَ مُنَافَدةً إِذا حاجَجْتَه حتى تَقْطَعَ حُجَّتَه، وخَصْمٌ مُنَافِدٌ: يسْتَفْرِغ جُهْدَه في الخُصُومةِ، قال بعضُ الدُّبيْرِيِّينَ:

  وهْوَ إِذَا ما قِيلَ هَلْ مِنْ وافِدِ؟ ... أَوْ رَجُلٍ عنْ حقِّكُمْ مُنَافِدِ؟

  يكُونُ لِلْغَائِبِ مِثْلَ الشَّاهِدِ

  ورَجُلٌ مُنَافِدٌ: جَيِّدُ الاستفراغِ لِحُججِ خَصْمِه حتى يُنْفِدَها فيغْلِبَه. وفي الحديث: «إِنْ نَافَدْتَهُم نَافَدُوك» ويروَى بالقاف، وقيل: «نَافَذُوك» بالذال المعجمة، وقال ابنُ الأَثير

  في حديث أَبي الدَّرْداءِ: «إِنْ نافَدْتَهم نَافَدُوك» نافَدْتُ الرجُلَ، أَي⁣(⁣٥) حاكَمْته، أَي إِن قُلْتَ لهُم قالوا لك.


(١) زيادة عن معجم البلدان.

(٢) بهامش المطبوعة المصرية: «قوله: دار منضد، الذي في الأساس: ورأي منضد: مرصّف.

(٣) في الأساس: تنضّدها.

(٤) سورة لقمان: الآية ٢٧.

(٥) النهاية واللسان: إذا حاكمته.