تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[نقد]:

صفحة 282 - الجزء 5

  وانْتَفَده من عدْوِه: اسْتَوْفَاهُ قال أَبو خِراشٍ يصِفَ حِماراً⁣(⁣١):

  فَأَلْجمها فَأَرْسلَها علَيْهِ ... ووَلَّى وهْوَ مُنْتَفِدٌ بَعِيدُ

  أَي ولَّى الحمارُ ذاهباً ومن ذلك انْتَفَد اللَّبنَ إِذا حَلَبَه.

  ويقال قَعدَ مُنْتَفِداً ومُعْتَنِزاً، أَي مُتَنَحِّياً، هذه عن ابنِ الأَعرابيّ.

  ويقال: فيه مُنْتَفَدٌ عن غَيْرِه، كقولك مَنْدُوحةٌ وسعةٌ، قال الأَخطَل:

  لَقَدْ نَزَلْتُ بِعَبْدِ اللهِ منْزِلَةً ... فِيها عن العَقْبِ منْجاةٌ ومُنْتَفَدُ

  ويقال: إن في مالِه لمُنْتَفَداً، أَي سَعة، ويقال: تَجِدُ في البلادِ مُنْتَفَداً، أَي مُراغَماً ومُضْطَرباً.

  * ومما يستدرك عليه:

  اسْتَنْفَدَ وُسْعَه: اسْتَفْرغَه.

  وتَنَافَدُوا: تَخَاصمُوا، ويقال: تَنَافَدُوا إِلى الحاكِم، إِذا أَنْفَدُوا حُجَّتَهم، وتَنَافَذُوا، بالذال معجمةً، إِذا خَلَصوا إِليه.

  ونَفَدَني⁣(⁣٢) بَصرُه إِذا بلَغَنِي وجاوَزَنِي، وأَنْفَدْتُ القَومَ، إِذا خَرقْتَهم ومَشَيْت في وَسطِهِم، فإِن جُزْتَهم حتى تُخَلِّفَهم قلت: نَفَدْتُهم، بلا أَلف، وقيل: يقال فيها بالأَلف، ومنه حديث ابنِ مسعودٍ: «إِنكم مجْموعونَ في صَعيدٍ واحدٍ يَنْفُدُكُمْ البَصرُ» وقيل: المرادُ به يَنْفُدُهُمْ بَصَرُ الرحمنِ حتى يأْتِيَ عليهم كُلِّهم، وقيل: أَراد ينْفُدُهم بَصَرُ الناظِرِ لاستواءِ الصَّعِيدِ، قال أَبو حاتمٍ: أَصحاب الحدِيثِ يروُونه بالذال المعجمة، وإِنما هو بالمهملة، أَي يبْلُغُ أَوَّلَهم وآخِرَهم حتَّى يراهم كُلَّهم ويَسْتَوْعِبَهم، من نَفَدَ الشيءُ وأَنْفَدْتُه، وحَمْلُ الحديثِ على بَصَرِ المُبْصِر أَوْلَى من حمْلِه على بَصَرِ الرَّحمنِ، لأَن الله ø يَجمع الناسَ يومَ القِيامةِ في أَرْضٍ يَشْهدُ جميعُ الخلائقِ فيها مُحاسبةَ العبدِ الواحِدِ على انفرادِهِ ويَروْنَ ما يصِيرُ إِليه. كذا في اللسان. ويقال: فُلانٌ مُنْتَفَدُ فلانٍ، أَي إِذا أَنْفَدَ ما عندَه أَمدَّه بنفَقَةٍ، عن الصاغانيّ.

  [نقد]: النَّقْدُ: خِلَافُ النَّسِيئَةِ، ومن أَمثالِهم «النَّقْدُ عند الحافِرة».

  والنَّقْدُ: تَمْيِيزُ الدَّراهِمِ وإِخراجُ الزَّيْفِ منها، وكذا تَمييزُ غَيْرِها، كالتَّنْقَادِ والانْتِقَادِ والتَّنَقُّدِ، وقد نَقَدها ينْقُدُها نَقْداً، وانْتَقَدها، وتَنَقَّدها، إِذا مَيَّزَ جَيِّدها مِن رَدِيئها، وأَنشد سيبويهِ:

  تَنْفِي يَدَاها الحَصَى فِي كُلِّ هاجِرةٍ ... نَفْيَ الدَّنَانِيرِ تَنْقَادُ الصَّيارِيفِ

  والنَّقْدُ: إِعْطَاءُ النَّقْدِ، قال الليثُ: النَّقْدُ: تَمْيِيزُ الدَّراهِم وإِعْطَاؤُكَها إِنساناً. وأَخْذُها: الانْتِقَادُ. وفي حديث جابرٍ وجَملِهِ: «فَنَقَدنِي الثَّمَنَ»⁣(⁣٣) أَي أَعطانِيهِ نَقْداً مُعجَّلاً.

  والنَّقْدُ: النَّقْرُ بالإِصْبَعِ في الجَوْزِ، ونَقَدَ الشيْءِ يَنْقُدُه نَقْداً، إِذا نَقَرَه بإِصْبَعِه، كما تُنْقَدُ⁣(⁣٤) الجَوْزَةُ، والنَّقْدَة: ضَرْبةُ الصَّبِيِّ جَوْزَةً بإِصْبَعِه إِذا ضَربَ.

  والنَّقْدُ أَنْ يَضْرِبَ الطائرُ بِمِنْقَادِه، أَي بمِنْقَارِه في الفَخِّ، وقد نَقَده إِذا نَقَرَه كنَقْدِ الدراهمِ وكذا نَقَدَ الطائرُ الحَبَّ يَنْقُدُه، إِذا كان يَلْقُطُه واحداً واحداً، وهو مِثْلُ النَّقْرِ، وفي حديث أَبي ذَرٍّ: «فَلَمَّا فَرَغُوا جَعلَ يَنْقُدُ شَيْئاً مِن طَعامِهِمْ» أَي يأَكُلُ شيئاً يَسيراً. وفي حديث أَبي هُريْرةَ: «وقد أَصْبحْتُم تَهْذِرُونَ الدُّنْيَا⁣(⁣٥). ونَقَد بإِصْبَعِه» أَي نَقَرَ.

  والنَّقْدُ: الجَيِّدُ الوازِنُ من الدَّراهِمِ. ودِرْهمٌ نَقْدٌ⁣(⁣٦).

  ونُقُودٌ جِيادٌ.

  ومن المجاز النَّقْدُ: اخْتِلاسُ النَّظَرِ نَحْوَ الشيُءِ، وقد نَقَدَ الرجُلُ الشيُءَ بنَظَرِه يَنْقُده نَقْداً، ونَقَد إِليه: اخْتَلَس النَظَرَ نَحْوَه، وما زال فُلانٌ يَنْقُد بصَرَه إِلى الشيْءِ، وإِذا لم يَزَلْ يَنْظُر إِليه، والإِنسان يَنْقُدُ الشيْءَ بِعَيْنِه، وهو مُخَالَسةُ⁣(⁣٧)


(١) بهامش المطبوعة المصرية: «قوله يصف حماراً كذا في التكملة، وفي اللسان: يصف فرساً».

(٢) عن اللسان وبالأصل «نفذني».

(٣) في النهاية: ثمنه.

(٤) في اللسان: تُنقر.

(٥) في النهاية (هذر): ويروى تهُذُّون الدنيا وهو أشبه بالصواب، يعني تقتطعونها إلى أنفسكم وتجمعونها أو تسرعون إنفاقها.

(٦) في الأساس: ونقد جيد.

(٧) الأصل واللسان وفي التهذيب: «مخالفة النظر» تحريف، وفي الأساس: يديم النظر إليه باختلاس.