تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[ووددته]

صفحة 305 - الجزء 5

  بالفتح⁣(⁣١) كما يقتضيه الإِطلاق وظاهِره أَنه مَصْدَر وَدَّه إِذا أَحَبَّه، لأَنَّه لم يَذْكُرْ غير هذا المعنى، وظاهر الصحاح أَنه مصدر وَدَّ أَن يَفْعَلَ كذا، إِذا تَمَنَّاه، لأَنه إِنما ذَكَرَه في مَصادِرِه كالفيوميّ في المصباح، وكلام غيرِهم في أَنه يقال بالمعنيينِ، وهو ظاهر ابن السيد وغيرِه، والفَتْح كما قاله هؤلاءِ هو الأَكثرُ، وهو الذي صَرَّح به أُبو زيدٍ في نَوادِرِه، ونقل غيرُهُم الكَسْرَ وقالُوا: إِنّه يقال: وِدَادَةٌ أَيضاً، بكسر الواو، كما صرَّح به ابنُ السيد في المثلّث، وحكى غيرُهم فيه. الضَّمَّ أَيضاً، فيكون مُثَلَّثاً كالودِّ الودادِ، قاله شيخُنَا.

  قلت: وفي الأَفعال لابنِ القطّاع: وَدِدْتُ الشيءَ وُدًّا ووَدًّا: أَحبَبْتُه، ولو فَعل الشيءَ ودَادَةً، أَي تَمنَّيْتُه، هذا كلامُ العَرب ووَادَّ فُلانٌ فُلاناً ودَاداً وودَادَةً ووَدَادَةً فِعْلُ الاثنينِ.

  فظهرَ منه أَن الوِدَاد، بالكسر، والوَدَادَةَ والوِدَادة بالفتح والكسر مصدرُ وَادَّه، أَي باب المُفاعَلة أَيضاً، فليُنظَرْ.

  والمَوَدَّةِ⁣(⁣٢)، بالفتح، كما يقتضيه الإِطلاق، وفي بعض النُّسخ بالكسر، فيكون من أَسماءِ الآلاتِ، فاستعمالُه في المصادِر شَاذٌّ، وفي بعضِهَا بِكَسْر الواو كمَظِنَّة، وهو في الظُّرُوفِ أَعْرفُ منه في المصادِرَ والمَوْدَدَةِ بفكّ الإِدغام، بكسر الدال وبفتحها، حكاه ابنُ سِيده والقَزّازُ في معنى الودّ، وأَنشد الفَرّاءُ:

  إِنَّ بَنِيَّ لِلَئامٌ زَهَدَهْ ... لَا يَجِدُونَ لِصَدِيقٍ مَوْدَدَهْ⁣(⁣٣)

  قال القَزَّاز: وهذا من ضَرُورَةِ الشِّعْرِ، ليس ممَّا يَجوزُ في الكلام، وقال العَلَّامَة عبد الدائم القَيْروانيُّ بِسَنده إِلى المُطرّز: وَدِدْتُه مَوِدْدَةً، بكسر الدالِ، هو أَحد ما جاءَ على مِثَال فَعِلْتُه مَفْعِلَة، قال: ولم يأْت على هذا المِثَال إِلَّا هذا وقولُهم حَمِيتُ عليه مَحْمِيَةً، أَي غَضِبْتُ عليه، كذا نقلَه شيخُنا، وقال: ففيها شُذوذٌ من وَجْهَيْنِ: الكَسْر في المَفْعَلة، والفَكّ، وهو من الضرائرِ ولا يَجوزُ في النَّثْرِ والسَّعَةِ، كما نَصُّوا عليه. والمَوْدُودَةِ، هكذا في النُّسخة الموثوق بها، وقد سَقَطَتْ في بعضِها، ولم يتعرَّض لها أَئمَّةُ الغرِيبِ.

  وحكَى الزَّجَاجيُّ عن الكسائيّ: وَدَدْتُه، بالفتح. وقال الجوهَرِيُّ: تقولَ: وَدِدْتُ لو تَفْعَل ذلك ووَدِدْتُ لو أَنَّك تَفْعَل ذلك أَوَدُّ وُدّاً ووَدّاً ووَدَادَةً، ووِدَاداً، تَمنَّيْتُ، قال الشاعرُ:

  وَدِدْتُ وَدَادَةً لَوْ أَنَّ حَظِّي ... مِنَ الخُلَّانِ أَنْ لَا يَصْرِمُونِي

  [ووَدَدْتُهُ] * ووَدِدْتُه، أَي بالكسر، أَوَدُّه، أَي بالفتح في المضارع فيهما، أَمَّا في المَكْسُور فعلى القِيَاس، وأَما في المفتوح فعَلَى خِلَافَهِ، حكاه الكسائيُّ، إِذ لا يُفْتَح إِلَّا الحَلْقِيُّ العِينِ أَو اللامِ، وكِلاهما مُنْتَفٍ هُنَا، فلا وَجْهَ للفتْحِ، وهكذا في المصباح، قال أَبو منصور: وأَنكَر البَصِريُّون وَدَدْتُ، قال: وهو لَحْنٌ عندهم، وقال الزَّجَاجَ: قد عَلِمْنَا أَنّ الكسائيَّ لم يَحْكِ وَدَدْتُ إِلَّا وقد سَمِعَه ولكنّه سَمِعَه ممن لا يَكُونُ حُجَّةً، قال شيخُنَا: أَوْرَدَ المعنيينِ في الفصيحِ على أَنهما أَصْلَانِ حَقِيقَةً، وأَقَرَّه على ذلك شُرَّاحُه، وقال اليَزيديُّ في نَوادره: وليس في شَيْءً من العَربيّة وَدَدْتُ مفتوحةً، وقال الزمخشريُّ: قال الكسائيُّ وَحْدَه: وَدِدْتُ الرجُلَ، إِذا أَحْبَبْتَه، ووَدَدْتُه، ولم يَرْوِ الفتحَ غيرُه. قلْت: ونقلَ الفَتْحَ أَيضاً أَبو جَعْفَر اللّبليّ في شرح الفصيح، والقَزَّاز في الجامع، والصاغانيّ في التّكْملة، كلهم عن الفَرَّاءُ.

  والوُّدّ أَيضاً: المُحِبُّ، ويثَلَّثُ، الفتحُ عن ابن جِنِّي، يقال رَجُلٌ وُدٌّ، ووَدٌّ، ووِدٌّ، وفي حديث ابنِ عُمَرَ: «أَنّ أَبَا هذَا كَانَ وُدّاً لِعُمَر» قال ابنُ الأَثير: هو عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ تَقْدِيرُه كانَ ذا وُدٍّ لِعُمَرَ، أَي صَدِيقاً، وإِن كانَت الواو مكسورةً فلا يُحْتَاج إِلى حَذْفٍ، فإِن الودَّ بالكسرِ: الصدِيقُ كالوَدِيدِ فَعِيلٌ بمعنى فاعِلٍ، وفلانٌ وُدَّك وَودِيدُكَ.

  والوُدُّ، بالضمّ أَيضاً: الرجلُ: الكَثِيرُ الحُبِّ قال شيخُنَا: وهذا لا يُنَافِي الأَوَّل، بل هو كمُرَادِفِه، كالوَدُودِ، قال ابنُ الأَثير: والوَدُودُ في أَسماءِ الله تَعالَى فَعُولٌ بمعنَى مَفْعُولٍ من الوُدِّ: المَحَبَّةِ، يقال: وَدِدْتُ الرجُلَ، اذا أَحْبَبْتَه، فالله تعالَى مَوْدُودٌ، أَي مَحْبُوبٌ فى قُلُوب أَوْلِيَائِه، أَو هو فَعُولٌ


(١) في القاموس بكسر الواو ضبط قلم. وفي اللسان والصحاح فكالأصل.

(٢) على هامش القاموس، من نسخة أخرى: «المِوَدَّة».

(٣) بهامش المطبوعة المصرية: «وأنشد وأَنشده في اللسان:

ما لي في صدورهم من مودده»

(*) زيادة عن القاموس.