تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[أذذ]:

صفحة 348 - الجزء 5

  أَهلُ الحِجاز يقولون: ما أَخَذَ إِخْذَهم، وتميمٌ: أَخْذَهم أَي مَنْ سَارَ - سَيْرَهم، ومن قال: ومن أَخَذَ إِخْذُهم أَي ومَنْ أَخَذَه إِخْذُهم - وسِيرَتَهُم وتَخَلَّقَ بِخَلائِقهِم والعرب تقول: لو كُنْتَ منَّا لأَخذْتَ بإِخْذِنا، بكسر الأَلف، أَي بخلائِقنا وزِيِّنا وشَكْلِنَا وهَدْيِنَا، وقولُه، أَنشده ابنُ الأَعرابيّ:

  فَلَوْ كُنْتُمُ مِنَّا أَخَذْنَا بِأَخْذِكُمْ ... وَلكِنَّهَا الأَجْسَادُ أَسْفَلَ سَافِلِ

  فسَّرَه فقال: أَخَذْنا بأَخْذِكم، أي أَدْرَكْنَا إِبِلَكم فردَدْنَاهَا عليكُمْ، لم يَقل ذلك غيرُه، ويقال بَادِرْ بِزَنْدِكَ أُخْذَةَ النارِ، بالضَّمّ، وهي بُعَيْدَ⁣(⁣١) صَلَاةِ المَغْرِب، يَزْعُمُون أَنها شَرُّ ساعةٍ يُقْتَدَحُ فِيهَا، نقله الصاغانيّ، وحكى المُبّرد: أَن بعض العرب يقول اسْتَخَذَ فلانٌ أَرْضاً، يريد: اتَّخَذَها، فيُبْدِل من إِحْدَى التاءَيْنِ سِيناً، كما أَبدلوا التاءَ مكانَ السِّين في قولِهم سِتٌّ، ويجوز أَن يكون أَراد استَفْعَلَ مِن تَخِذ يَتْخَذ فحذفَ إِحدى التاءَيْنِ تخفيفاً، كما قالوا ظَلْتُ مِن ظَلِلْتُ.

  * ومما يستدرك عليه:

  الأَخِيذَةُ: ما اغْتُصِبَ مِن شَيْءٍ فأُخِذَ.

  وأُخِذَ فُلانٌ بِذَنْبِه، إِذا حُبِسَ.

  وأَخَذْتُ على يَدِ فُلانٍ، إِذَا مَنَعْتَه عمَّا يُرِيد أَنْ يَفْعَله، كأَنَّك أَمْسَكْتَ على يَدِه. وفي الحديث: قد أَخَذُوا أَخَذَاتِهِم، أَي مَنَازِلَهم⁣(⁣٢)، فقال ابنُ الأَثير: هو بفتح الهمزةِ والخاءِ.

  والاتِّخَاذُ افتعَالٌ من الأَخْذِ، إِلّا أَنه أُدْغِم بعد تَلْيِينِ الهمزَةِ وإِبْدَالِ التاءِ، ثم لمَّا كَثُر الاستعمالُ على لفظِ الافتعالِ تَوَهَّمُوا أَنَّ التاءَ أَصْليَّةٌ فبَنَوْا مِنْهُ فَعِلَ يَفْعَلُ، قالوا تَخِذَ يَتْخَذُ. وقال ابنُ شُمَيْلٍ: اسْتَخَذْتُ عليهم يَداً، وعِنْدَهُم، سَوَاءٌ، أَي اتَّخَذْتُ.

  وأَخذ يَفْعَلُ كذا، أَي جَعَلَ، وهي عند سِيبويهِ من الأَفعالِ التي لا يُوضَعُ اسمُ الفاعِلِ في مَوْضِع الفِعْل الذي هو خَبَرُهَا.

  وأَخَذَ في كذَا: بَدَأَ.

  وقال الليثَ: تَخِذْتُ مالاً: كَسَبْتُه.

  وقَولهُمْ: خُذْ عَنْكَ، أَي خُذْ ما أَقُولُ ودَعْ عَنْكَ الشَّكَّ والمِرَاءَ. وفي الأَساس: وما أَنْتَ إِلَّا أَخَّاذٌ نَبَّاذٌ: لمن يَأْخُذُ الشيْءَ حَرِيصاً عليه ثم يَنْبِذُه سَرِيعاً.

  والأُخْذَةُ، كالجُرْعَةِ: الزُّبْيَةُ.

  والإِخْذَ، والإِخْذَةُ: ما حَفَرْتَه كهَيْئَةِ الحَوْضِ، والجَمْعُ أُخْذٌ وإِخَاذٌ.

  فائدة: قال المصنّف في البصائر: اتَّخَذ مِن تَخِذَ يَتْخَذُ، اجتمع فيه التاءُ الَّاصليُّ وتاءُ الافتعال فأُدْغِمَا، وهذا قولٌ حَسَنٌ، لكنِ الأَكْثَرُون على أَنّ أَصله من الأَخْذِ، وأَن الكلمةَ مهموزَةٌ. ولا يَخْلُو هذا من خَلَلٍ، لأَنه لو كان كذلك لقالوا في ماضيه ائْتَخَذَ بهمزتين، على قياسِ ائْتَمَر وائْتَمَنَ.

  ومَعْنَى الأَخْذِ والتَّخْذِ واحدٌ، وهو حَوْزُ الشيْءِ وتَحْصِيلُه، ثم قال: والاتِّخاذُ يُعَدَّى إِلى مفعولينِ ويُجْرَى مُجْرَى الجَعْلِ، وهو في القرآنِ على ثلاثةَ عشرَ وَجْهاً. فراجِعْهُ.

  تَكميلٌ: قال الفَرَّاءُ: قَرَأَ مُجَاهِدٌ: لَوْ شِئْتَ لَتَخِذْتَ عَلَيْهِ أَجْراً⁣(⁣٣) قال أَبو منصور: وصَحَّت هذه القراءَةُ عن ابنِ عبَّاسٍ، وبها قَرأَ أَبو عمرِو بنُ العلاءِ، وقرأَ أَبو زَيْدٍ: لَتَخَذْتَ عَلَيْه أَجْراً، قال: وكذلك هو مَكْتُوبٌ في الإِمام⁣(⁣٤)، وبه يَقْرَأُ القُرَّاءُ، ومن قَرَأَ {لَاتَّخَذْتَ}، بالأَلف وفتح الخاءِ فإِنه يُخَالِف الكِتَابَ. وقال الليثُ: مَن قَرَأَ {لَاتَّخَذْتَ} فقد أَدْغَمَ التاءَ في اليَاءِ، فاجتمَعَ هَمْزَتَانِ فصُيِّرَتْ إِحداهُمَا ياءً وأُدْغِمَت كراهَةَ التقائِهما.

  [أذذ]: الأَذُّ: القَطْعُ، وزعم ابنُ دُريدٍ أَن همزة أَذَّ بدلٌ من هاءِ هَذَّ، قال:

  يَؤُذُّ بِالشَّفْرَةِ أَيَّ أَذِّ ... مِنْ قَمَعٍ ومَأْنَةٍ وفِلْذِ

  والأَذُوذُ، كصَبُور: القَطَّاعُ، يقال: سِكِّين أَذُوذٌ وشَفْرَةٌ أَذُوذٌ، بلا هاءٍ كَهَذُوذٍ: قاطِعَةٌ.

  إِذْ، بالكسر، كلمة تَدُلُّ عَلَى الماضي من الزَّمانِ، وهو اسمٌ مَبْنِيٌّ عَلى السُّكُونِ، وحَقُّه إِضَافَتُه إِلى جُمْلَةٍ، تقول: جِئْتُك إِذْ قام زيدٌ، وإِذ زيدٌ قائمٌ، وإِذ زيدٌ يَقُومُ، فإِذا لم تُضَفْ نُوِّنَتْ، قال أَبو ذُؤَيب:


(١) في التكملة: بعد.

(٢) في النهاية: أي نزلوا منازلهم.

(٣) سورة الكهف الآية ٧٧.

(٤) الإمام هو مصحف عثمان ¥.