تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[ملقبذ]:

صفحة 397 - الجزء 5

  والمَلَذُ، بالتَّحْرِيك: اخْتِلَاطُ الظَّلامِ، ويقال ذِئْبٌ مَلَّاذٌ، ككَتَّانٍ: خَفِيٌّ خَفِيفٌ.

  وامْتَلَذْتُ منه كَذَا: أَخَذْت منه عَطيَّةً، نقله الصاغانيُّ.

  * ومما يستدرك عليه:

  المَلَاذَة، وهو مَصدر مَلَذَه مَلْذاً ومَلَاذَةً، وقد جاءَ في حَديث عائشةَ ^ وتَمَثّلَتْ بشعْرِ لَبِيدٍ:

  مُتَحَدِّثُونَ مَلَاذَةً ومَخَانَةً ... ويُعَابُ قَائِلُهُمْ وإِنْ لَمْ يَشْعَبِ

  * ومما يستدرك عليه:

  [ملقبذ]: مُلْقَابَاذ، بالضمّ: مَحلّة بأَصفهانَ، وقيل: بِنَيْسَابُور، نُسِب إِليها أَبو عليٍّ الحسنُ بن محمّد بن أَحمد بن محمّد النحيريّ⁣(⁣١) النيسابوريّ، من بيتِ العَدَالةِ والتَّرْكِيَة، ذكره أَبو سَعْد في التحبير، توفِّيَ سنة ٥٥١⁣(⁣٢).

  [منذ]: مُنْذُ، بَسِيطٌ، ويأْتي له ما يُعَارضه مِن ذِكْر الأَقوال الدَّالَّة على الترْكِيب، مَبْنِيٌّ على الضَّمِّ. ومُذْ مَحْذُوفٌ مِنه، وقد ذكرَه ابنُ سيده وغيره في مذمذ، والصواب هنا، وفي الصحاح: مُنْذُ مبنيٌّ على الضمّ، ومُذْ مَبْنِيٌّ على السُّكون، وتُكْسَر مِيمُهما، أَمَّا كسْر مِيمِ مُنذ فقد حكِيَ عن بني سُلَيْم يقولون: ما رأَيْتُه مِنْذُ سِتٌّ، بكسر الميم ورفع ما بَعْدَه، وحكَى الفرّاءُ عن عُكْلٍ: مِذُ يومانِ بطرْح النون وكسر الميم وضم الذّال، ويَلِيهِمَا اسمٌ مَجْرُورٌ، وحينئذٍ فهما حَرْفَا جَرٍّ فيُجرّ ما بعدهما، ويكونان بِمَعْنَى مِنْ في الماضِي، وبمعنى فِي في الحَاضِرِ، وبمعنى مِن وإِلى جَميعاً في المَعْدُودِ، كما رَأَيْتُه مُنْذُ يومِ الخَمِيسِ، وفي التهذيب: قد اختلَفتِ العَربُ في مذ ومنذ، فبعضهم يخْفِض بمذْ ما مضَى وما لم يَمْضِ، وبعضهم يَرْفَع بمنذ ما مَضَى وما لَمْ يَمْضِ.

  والكلامُ أَن يُخْفَضَ بمذ ما لم يَمْضِ. ويُرْفع ما مضى، ويُخْفض بمنْذ ما لم يَمْضِ وما مضى، وهو المُجْمَعُ⁣(⁣٣) عليه. ويليهما اسمٌ مِرْفُوعٌ، كمُنْذُ يَوْمَانِ، وحينئذٍ مُبْتَدَآنِ، ما بعدهما خَبَرٌ، ومَعناهما الأَمَدُ في الحاضرِ، والمَعْدُودِ، وَأَوَّل المُدَّةِ في الماضِي، وفي الصحاح: ويَصلُح أَن يَكونا اسميَنِ فتَرْفَع ما بعدهما على التاريخِ أَو على التَّوقيتِ، وتقول في التاريخ: ما رأَيته مُذْ يومُ الجُمعَة، وتقول في التوقيت ما رأَيته مُذْ سَنَةٌ، أَي أَمَدُ ذلك سَنَةٌ، ولا يَقع هاهنا إِلَّا نكرَةً، فلا تقول مُذْ سَنَةُ كذا، وإِنما تقول مُذْ سَنَةٌ، أَو ظَرْفَانِ مُخْبَرٌ بِهما عَمَّا بَعْدَهما، ومعناهما بَيْنَ وبَيْنَ، كلَقِيتُه مُنْذُ يَوْمانِ، أَي بَيْنِي وبَيْنَ لِقَائِه يَوْمَانِ، وقد رَدَّ هذا القولَ ابنُ الحاجِب وهَذَّبَه البَدْرُ في تُحْفة الغريبِ، قاله شيخنا، وتَلِيهما الجُمْلَةُ الفِعْلِيَّةُ، نحو قولِ الشاعر:

  مَازَالَ مُذْ عَقَدتْ يَدَاهُ إِزَارَه⁣(⁣٤)

  أَو الجملة الاسْمِيَّة نحو قول الشاعر:

  ومَازِلْتُ أَبْغِي المَالَ مُذْأَنَا يافِعٌ⁣(⁣٥)

  وحِينئذٍ هما ظَرْفَانِ مضافان إِلى الجُمْلَةِ أَو إِلى زَمَانٍ مُضافٍ إِليها، أَي إِلى الجملة، وقِيل: مُبْتَدآنِ. أَقوالٌ بَسطَها العلَّامة ابنُ هِشَامٍ في المُغني⁣(⁣٦) وأَصْل مُذْ مُنْذُ، لرجوعِهِمْ إِلى ضَمِّ ذالِ مُذْ عِنْدَ مُلاقاةِ الساكِنيْنِ⁣(⁣٧)، كمُذُ اليَوْمِ، ولو لا أَنَّ الأَصْلَ الضمُّ لكَسَرُوا. وفي المحكم: قولُهُمْ ما رأَيْتُه مُذُ اليوم، حَرَّكوها لالتقاءِ الساكِنين، ولم يَكْسِرُوهَا، لكنهم ضَمُّوها، لأَن أَصلها الضمُّ في مُنذ؛ قال ابنُ جِنّي: لكنه الأَصلُ الأَقْرَبُ، أَلَا تَرَى أَنّ أَوَّل حالِ هذه الذال، أَن تكون ساكنةً؟ وإِنما ضُمَّت لالتقاءِ الساكِنينِ إِتْبَاعاً لضَمَّةِ الميم، فهذا على الحَقِيقَةِ هو الأَصْلُ الأَوّلُ، قال: فأَمّا ضَمُّ ذالِ مُنذ، فإِنما هو في الرُّتْبَة بعد سكونها الأَوّل المقدَّر، ويَدُلُّك على أَنّ حَرَكَتها إِنما هي لالتقاءِ الساكنين أَنه لمَّا زالَ التقاؤُهما سكنَتِ الذالُ، فضَمُّ الذال


(١) في معجم البلدان: البحتري.

(٢) بهامش المطبوعة الكويتية «عن معجم البلدان: ٥٤٠ أو ٥٤١» وهو تحريف ففي معجم البلدان سنة ٥٥١ كالأصل، فاشتبه على محقق الكويتية فنقل سنة وفاة شخص آخر. انظر معجم البلدان (ملقاباذ).

(٣) الأصل والتهذيب: وفي اللسان: وهو المجتمع.

(٤) المغني لابن هشام ص ٤٤٢، وهو للفرزدق وعجزه:

فدنا فأدرك خمسة أشبار

(٥) في المغني، وهو للأَعشى ميمون وعجزه في ديوانه:

وليداً وكهلا حين شبتُ وأمردا

(٦) انظر المغني (طبعه دار الفكر - بيروت ص ٤٤٢).

(٧) المغني: الساكن.