[نخذ]:
  وتَمَكَّنَ بها اللِّينُ، كما سُمِّيَتْ حَرَكَة هاءِ الوَصْلِ نَفَاذاً لأَنّ الصَّوْتَ نَفَذَ فيها إِلى الخُرُوجِ حَتّى استَطَالَ بها وتَمَكَّنَ المَدُّ فيها، ونُفُوذُ الشيْءِ إِلى الشيْءِ نَحْوٌ في المَعْنَى مِنْ جَرَيَانِه نَحْوَه.
  وأَنْفَذَ الأَمْرَ: قَضَاهُ، وأَنْفَذَ القَوْمَ: صارَ منهم، هكذا في النُّسخ، والصَّواب: بينهم، أَو، أَنْفَذَ القَوْمَ، إِذَا خَرَقَهُم، وفي نسخة: فَرَّقَهُم، وليس بشْيءٍ، ومَشَى في وَسَطِهم، ويقال: نَفَذَهم إِذَا جَازَهم وتَخَلَّفَهُمْ، لا يُخَصُّ به قَوْمٌ دون قومٍ، كأَنْفَذَهم. رُبَاعِيًّا، لغة في الثلاثيّ، وفي حديث ابنِ مسعود: «إِنَّكُمْ مَجموعُونَ في صَعيدٍ واحدٍ يَنْفُذُكُم البَصَرُ» قال أَبو عُبَيْدٍ، معناه أَنه يَنْفُذُهُم(١) بَصرُ الرحمنِ حَتَّى يأْتَي عليهم كُلِّهم، قال الكسائيّ: يُقال: نَفَذَني بَصَرُه يَنْفُذُني، إِذا بَلَغَني وجَاوَزَني(٢)، وقيل: أَراد يَنْفُذُهم بصَرُ الناظرِ لاستواءِ الصَّعِيدِ، قال أَبو حاتمٍ: أَصحابُ الحديثِ يَرْوُونَه بالذال المعجمة، وإِنما هو بالدال المُهمَلة، أَي يَبلُغ أَوَّلَهم وآخِرَهم حتى يَرَاهُمْ كُلَّهُم ويَستَوْعِبَهُمْ، من نَفَد الشَّيْءَ وأَنْفَدْتَه، وحَمْلُ الحديثِ على بَصَرِ المُبْصِر أَوْلَى مِن حَمْلِه على بَصرِ الرَّحمنِ، لأَن الله يَجمَع الناسَ يومَ القِيامَة، في أَرْضٍ يَشْهَدُ جَمِيعُ الخَلائقِ فيها مُحَاسَبَةَ العَبْدِ الواحِد على انفِرَادِه، ويرون ما يَصِيرُ إِليه، ومنه حديث أَنسٍ: «جُمِعُوا في صَرْدَحٍ يَنْفُذُهم البَصَرُ ويُسْمِعُهم الصَّوْتُ» وهو مجازٌ، كما فيّ الأَساس(٣).
  ومن المَجاز أَيضاً: طَرِيقٌ نَافِذٌ، أَي سَالِكٌ، وفي الأَساس: أَي عامٌّ يَسْلُكه كُلُّ أَحدٍ. وفي اللسان: والطريقُ النافِذُ: الذي يُسْلَك وليس بمَسدودٍ بَيْنَ خاصَّةٍ دون عَامَّة يَسْلُكونه، ويقال: هذا الطريقُ يَنْفُذُ إِلى مكان كذا وكذا.
  وفيه مَنْفَذٌ للقَوْمِ، أَي مَجَازٌ.
  ومن المَجاز: النَّافِذُ: الرجلُ المَاضِي في جَمِيع أُمُورِه، وله نَفَاذَةٌ في الأُمُور، كالنَّفُوذِ والنُّفَّاذ(٤) كَصبورٍ ورُمّان، والنافذ المُطَاع(٥) مِن الأَمْرِ، كالنَّفِيذ وأَمرٌ نَفِيذٌ: مُوَطَّأٌ.
  وفي حديث عبد الرحمن بنِ الأَزْرق: «أَلَا رَجُلٌ يُنْفِذُ بَيننا» أَي يَحْكُم ويُمْضِي أَمْرَه فينا، يقال: أَمرُه نافِذٌ، أَي ماضٍ مُطَاعٌ.
  والنَّفَذ، بالتحرِيكِ: اسم الإِنْفَاذ، وأَمَر بِنَفَذِه، أَي بإِنْفَاذِه. وفي التهذيب: وأَمَّا النَّفَذُ فقد(٦) يُستَعْمَل في مَوضِع إِنْفَاذِ الأَمْر، تقول: قام المُسْلِمُونَ بِنَفَذِ الكِتَاب، أَي بإِنفاذ ما فيه. والنَّفَذُ: المَخْرَجُ والمَخْلَصُ، يقال أَتَى بِنَفَذِ مَا قَالَ، أَي بِالمُخْرَجِ(٧) مِنه ومنه، الحديث: «أَيُّمَا رَجُلٍ أَشَاذَ عَلَى مُسْلِمٍ بما هو بَرِيءٌ منه كان حَقًّا عَلى اللهِ أَنْ يُعَذِّبَه أَوْ يَأْتِيَ بنَفَذِ مَا قَالَ»، ويقال: إِن في ذلك لَمُنْتَفَذاً ومَنْدُوحَةً، المُنْتَفَذُ والمَنْدُوحة: السَّعَةُ، وقد تَقدَّم في الدال المُهملة.
  وقال ابنُ الأَعرابيّ عن أَبي المكارم النَّوَافِذُ: كُلُّ سَمٍّ يُوصِلُ إِلى النَّفْسِ فَرَحاً أَوْ تَرحاً، وعنه: قلْت له: سَمِّها.
  فقال: هي الأَصَرَّانِ والخُنَّابَتَانِ والفَمُ والطِّبِّيجَةُ(٨). قال: والأَصَرَّانِ: ثُقْبَا الأُذنينِ، والخِنَّابَتَانِ سَمَّا الأَنْفِ. وعن أَبي سعيد: يقال للخُصوم إِذا ارتَفعوا(٩) إِلى الحاكم: قد تَنَافَذُوا إِليه، بالذال، أَي إِلى القاضي، أَي خَلَصُوا إِليه، فإِذا أَدْلَى كُلّ واحدٍ منهم بِحُجَّتِه فيقال: تَنَافَدُوا، بالدَّال المُهْمَلَة وفي حديث أَبي الدردَاءِ: «إِن نَافَذْتَهُم نَافَذُوك» نافَذْتُ الرجلَ، إِذا حَاكَمْتَه، أَي إِن قُلْت لهم قالوا لك. ويُرْوَى بالقَاف والدال المُهْمَلَة، وقد تقدّم.
  * ومما يستدرك عليه:
  نَفَذَ لِوَجْهِهِ، إِذا مَضَى على حالِه.
  وأَنْفَذَ عَهْدَه: أَمْضَاه.
  ونَفَذَ الكِتَابُ إِلى فُلانٍ نَفَاذاً ونُفُوذاً، وأَنْفَذَتُهُ أَنا. والتَّنْفِيذ مثْلُه، وكذا نَفَذَ الرَّسُولُ، وهو مَجازٌ. وطَعْنَةٌ نَافِذَةٌ: مُنْتَظِمَةُ الشِّقَّيْنِ، وطَعَنَات نَوَافِذُ.
(١) عن التهذيب واللسان، وضبطت في التكملة: «ينفِذُهم» وفي الأصل: ينفذ.
(٢) التكملة: وجازني.
(٣) لم يرد هذا المعنى في الأساس، وفيه: ونفذهم البصر وأنفذهم.
(٤) على هامش القاموس من نسخة أخرى «والنِّفِّاذِ».
(٥) في القاموس: «المطاوع» وبهامشه عن نسخة أخرى: «المطاع» كالأصل.
(٦) التهذيب: فإنه.
(٧) التهذيب: بالمخرج بفتح الميم ضبط قلم.
(٨) الطِّبِّيجة: الاست.
(٩) الأصل واللسان والتكملة، وفي التهذيب: ترافعوا.