[أخر]:
  النّبيِّ ﷺ أَنه قال وهو يُمَجِّد اللهَ: «أَنتَ الأَوَّلُ فليس قبلَكَ شَيْءٌ، وأَنتَ الآخِرُ فليس بعدَكَ شَيْءٌ.
  وفي النهاية: الْآخِرُ من أَسماءِ اللهِ تعالَى هو الباقِي بعدَ فَناءِ خَلْقِه كلَّه ناطِقِه وصامِتِه. وهي، أَي الأُنْثَى الآخِرَة، بهاءٍ قال اللَّيْث: نَقِيضُ المتقدِّمَةِ، وحَكَى ثعلبٌ: هُنَّ الأَوَّلاتُ دُخُولاً والآخِرَاتُ خُرِوجاً.
  ويقال: في الشَّتْم: أَبْعَدَ اللهُ الآخِرَ، كما حكَاه بعضُهُم بالمدِّ وكسرِ الخاءِ، وهو الغائبُ، كالأَخِير، والمشهورُ فيه الأَخِرُ، بوزْنِ الكَبِدِ، كما سيأتِي في المُسْتَدرَكَات.
  والآخَر، بفَتْحِ الخاءِ: أَحَدُ الشَّيْئين، وهو اسمٌ على أَفْعَلَ إِلَّا أَن فيه معنى الصّفَةِ؛ لأَنَّ أَفْعَلَ مِن كذا لا يكونُ إِلّا في الصِّفةِ، كذا في الصّحاح.
  والآخَرُ بمعنى غَيْرٍ، كقولكَ: رجلٌ آخَرُ، وثَوْبٌ آخَرُ: وأَصلُه أَفْعَلُ مِن أَخَّر(١)، أَي تَأَخَّر، فمعناه أَشَدُّ تَأَخُّراً، ثم صار بمعنَى المُغَايِرِ.
  وقال الأَخْفَشُ: لو جعلتَ في الشِّعر آخِر مع جابِر لجازَ، قال ابنُ جِنِّي: هذا هو الوجْهُ القويُّ؛ لأَنه لا يُحقِّقُ أَحدٌ هَمزَة آخِر، ولو كان تَحقيقُها حَسناً لكان التحقيقُ حقيقياً بأَن يُسمعَ فيها، وإِذا كان بدلاً الْبتَّة وَجبَ أَنْ يُجرى على ما أَجْرَتْه عليه العربُ مِن مُراعاةِ لَفْظِه، وتَنزيلُ هذهِ الهمزةِ مَنزِلةَ الأَلفِ الزّائِدةِ التي لا حظَّ فيها للهَمْزِ، نحو عالم وصابِرٍ، أَلا تَراهم لمّا كَسَّروُا قالوا: آخِرٌ وأَوَاخِرُ، ة كما قالوا: جابِرٌ وجَوابِرُ. وقد جَمَعَ امرؤُ القَيْسِ بين آخَرَ وقَيْصرَ، بِوَهْمِ(٢) الأَلفِ همزةً، فقال:
  إِذَا نَحنُ صِرْنَا خَمْسَ عَشْرَةَ لَيْلَةً ... وَرَاءَ الحِسَاءِ مِن مَدافِعِ قَيْصَر
  إِذا قُلتُ: هذا صاحبٌ قدْ رَضِيتُه ... وقَرَّتْ به العَيْنَانِ بُدِّلْتُ آخَرَا
  وتصغيرُ آخَرَ أُوَيْخِر، جرتِ الأَلْفُ المخفَّفةُ عن الهمزةِ مَجْرى أَلِف ضارِبٍ. وقوله تعالَى: {فَآخَرانِ يَقُومانِ مَقامَهُما}(٣) فَسَّره ثعلبٌ فقال: فمُسْلِمَانِ يَقُومانِ مَقَامَ النَّصْرانِيَّيْنِ يَحْلِفَان أَنَّهُمَا اخْتَانَا، ثم يُرْتَجَعُ على النَّصْرَانِيَّيْن.
  وقال الفَرَّاءُ: معناه: أَوْ آخرَانِ مِن غيرِ دِينِكم مِن النَّصارَى واليَهُود، وهذا للسَّفَر والضَّرَورة؛ لأَنه لا تَجُوز شهادةُ كافِرٍ على مُسْلم في غيرِ هذا.
  ج الآخَرُونَ بالواو والنُّونِ، وأُخَرُ، وفي التنزيل العزيز: {فَعِدَّةٌ مِنْ أَيّامٍ أُخَرَ}(٤).
  والأُنْثَى أُخْرَى وأُخْرَاةٌ، قال شيخُنَا: الثّانِي في الأُنْثَى غيرُ مشهورٍ. قلتُ: نَقَلَه الصّاغَانيّ فقال: ومِن العَرَبِ مَن يقول: أُخْرَاتِكم بَدَلَ أُخْرَاكم، وقد جاءَ في قولِ أَبي العِيَالِ الهُذَلِيِّ:
  إِذا سَنَنُ الكَتِيبَةِ صدَّ ... عَن أُخْرَاتِهَا العُصَبُ
  وأَنشدَ ابنُ الأَعرابيّ.
  ويَتَّقِي السَّيْفَ بأُخْرَاتِه ... مِنْ دُونِ كَفِّ الجارِ والمِعْصَمِ
  وقال الفَرّاءُ في قولِه تعالَى: {وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ فِي أُخْراكُمْ}(٥): مِن العربَ مَن يقولُ: في أُخْراتِكُم، ولا يجوزُ في القراءَة.
  ج أُخْرَيَاتُ، وأُخَرُ قال اللَّيْثُ: يُقال؛ هذا آخَرُ وهذه أُخْرَى، في التَّذكيرِ والتَّأْنيثِ، قال: وأُخَرُ: جماعةٌ أُخْرَى.
  قال الزَّجّاج في قوله تعالى: {وأُخَرُ مِنْ شَكْلِه أَزْوَاجٌ}(٦): ... أُخَرُ لا ينصرفُ؛ لأَن وُحْدانَها لا ينصرفُ وهو أُخْرَى وآخَرُ، وكذلك كلُّ جَمْعٍ على فُعَل لا يَنصرفُ إِذا كان وُحْدانُه لا ينصرفُ(٧)، مثل كُبَرَ وصُغَر، وإِذَا كان فُعَلٌ جمعاً لفُعْلَةٍ فإِنه ينصرفُ نحو سُتْرَةٍ وسُتَرٍ، وحُفْرَةٍ وحُفَرٍ، وإِذا كان فُعَل اسماً مصروفاً عن فاعلٍ لم ينصرفْ في المَعْرفةِ ويَنصرفُ(٨) في
(١) اللسان: من التأَخّر.
(٢) اللسان: توهم.
(٣) سورة المائدة الآية ١٠٧.
(٤) سورة البقرة الآية ١٨٤.
(٥) سورة آل عمران الآية ١٥٣.
(٦) سورة ص الآية ٥٨.
(٧) اللسان: إذا كانت وحدانه لا تنصرف.
(٨) التهذيب: «وانصرف» وكلاهما سليم.