تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

فصل الهمزة مع الراء

صفحة 17 - الجزء 6

  النَّكِرة، وإِذا كان اسماً لطائرٍ أَو غَيْرِه فإِنهَ يَنْصَرِف، نحو سُبَدٍ ومُرَعٍ وما أَشبَههما⁣(⁣١)، وقُرِئَ: {وَآخَرُ مِنْ شَكْلِهِ أَزْواجٌ} على الواحِد⁣(⁣٢).

  وفي اللِّسان: قال الله تعالَى: {فَعِدَّةٌ مِنْ أَيّامٍ أُخَرَ} وهو جمعُ أُخْرَى، وأُخْرَى تأْنيثُ آخَرُ، وهو غيرُ مصْرُوفٍ؛ لأَن أَفْعَلَ الذي معه مِنْ لا يُجْمعُ ولا يُؤَنَّثُ ما دام نَكِرةً، تقولُ: مررتُ برجل أَفْضَلَ منكَ، وبامرأَةٍ أَفضلَ منكَ، فإِن أَدخلْتَ عليه الأَلفَ والَّلامَ أَو أَضَفْتَه ثَنَّيْتَ وجَمعْتَ وأَنَّثْتَ، تقولُ: مَرَرتُ بالرَّجلِ الأَفضلِ، وبالرَّجالِ الأَفْضَلِين، وبالمرأَةِ الفُضْلَى، وبالنِّساءِ الفُضَل، ومررتُ بأَفْضَلِهِم [وبأَفضَلِيهم]⁣(⁣٣) وبفُضْلاهُنَّ وبفُضَلِهِنَّ، ولا يجوزُ أَن تقول: مررتُ برجلٍ أَفضلَ، ولا برجالٍ أَفضَلَ، ولا بامرأَةٍ فُضْلَى، حتى تَصِلَه بِمنْ، أَو تُدْخِلَ عليهم الأَلفَ والّلامَ، وهما يتَعاقَبانِ عليه، وليس كذلك آخَرُ؛ لأَنَّه يُؤَنَّث ويُجْمَع بغير مِنْ، وبغير الأَلفِ والّلام، وبغير الإضافَةِ، تقول: مررت برجلٍ آخَرَ، وبرجالٍ أُخَرَ وآخَرِينَ، وبامرأَةٍ أُخْرَى، وبنسوةٍ أُخَرَ، فلمّا جاءَ مَعْدُولاً وهو صِفَةٌ مُنِعَ الصَّرف وهو مع ذلك جَمْعٌ، وإِن سَمَّيْتَ به رجلاً صَرَفْتَه في النَّكِرة، عند الأَخْفِش، ولم تصرفْه، عند سِيبَوَيْهِ.

  والآخِرَةُ والأُخْرَى: دارُ البَقَاءِ، صفةُ غالبةٌ، قاله الزَّمخشريّ.

  وجاءَ أَخَرَةً وبأَخَرَةٍ، مُحَرَّكتَينِ وقد يُضَمّ أَوَّلُهما، وهذِه عَنِ اللِّحْيَانِيِّ، بحَرْفٍ وبغير حَرْفٍ. ويقال: لَقِيتُه أَخيراً، وجاءَ أُخُراً⁣(⁣٤)، بضَمَّتَين، وأَخيراً وإِخِرِيًّا، بكسْرتَيْن، وإِخْرِيًّا، بكسرٍ فسكونٍ، وآخِرِيًّا، وبآخِرَةٍ، بالمدّ فيهما، أَيْ آخِرَ كلِّ شيْءٍ.

  وفي الحديث: «كان رسولُ الله يقولُ بأَخَرَةٍ إِذا أَرادَ أَنْ يقومَ مِن المجلسِ كذا وكذا»، أَي في آخِرِ جُلُوسِه، قال ابنُ الأَثِير: ويجوزُ أَن يكونَ في آخِرِ عُمرِه، وهو بفَتح الهمزةِ والخاءِ، ومنه حديثُ: «لمّا كان بِأَخَرَةٍ».

  وما عَرَفتُه إِلّا بأَخَرَةٍ، أَي أَخِيراً.

  وأَتَيتُكَ آخِرَ مَرَّتَيْنِ، وآخِرَةَ مَرَّتَيْنِ، عن ابن الأَعرابيِّ، ولم يُفَسِّر.

  وقال ابنُ سِيدَه: وعندي: أَي⁣(⁣٥) المَرَّةَ الثّانِيَةَ مِن المَرَّتَيْنِ.

  وشَقَّه، أَي الثَّوْبَ، أُخُراً، بضمَّتَيْن، ومِن أُخُرٍ، أَي مِن خَلْفٍ، وقال امرؤُ القَيْس يصفُ فَرَساً حِجْراً:

  وَعَيْنٌ لها حَدْرَةٌ بَدْرَةٌ ... شُقَّتْ مآقِيهِمَا من أُخُرْ⁣(⁣٦)

  يَعْنِي أَنها مفتوحةٌ كأَنّها شُقَّتْ من مُؤْخِرِها.

  ويقال: بِعْتُه سِلْعَةً بأَخِرَة، بكَسْرِ الخاءِ، أَي بِنَظِرَةٍ ونَسِيئَةٍ، ولا يُقَال: بعتُه المتاعَ إِخْريًّا.

  والمِئْخارُ، بالكسرِ: نَخْلَةٌ يَبْقَى حَمْلُهَا إِلى آخِرِ الشِّتَاءِ، وهو نَصُّ عبارةِ أَبِي حَنِيفَةَ، وأَنشد:

  تَرَى الغَضِيضَ المُوقَرَ المِئْخَارَا⁣(⁣٧) ... مِن وَقْعِهِ يَنْتَشِرُ انْتِشَارَا

  وعبارةُ المُحكَم: إِلى آخرِ الصِّرَامِ، وأَنشدَ البيتَ المذكورَ، والمصنِّفُ جَمَعَ بين القَوْلَيْن. وفي الأَسَاس: نَخْلَةٌ مِئْخارٌ، ضِدُّ مِبْكار وبَكُورٍ، مِن نَخْلٍ مآخِيرَ⁣(⁣٨).

  وآخُرُ، كآنُك: د، بدُهُسْتانَ، بضمِّ الدّالِ المهملةِ والهاءِ، ويقال بفَتْحِ الدّالِ وكسرِ الهاءِ⁣(⁣٩)، وهي مدينةٌ مشهورةٌ عند مازَنْدَرانَ، منه أَبو القاسمِ إِسماعيلُ بنُ أَحمدَ الآخُرِيّ الدّهسْتانِيُّ شيخُ حمزةَ بنِ يوسفَ السَّهْمِيِّ، والعبّاسُ بنُ أَحمدَ بنِ الفَضْلِ الزّاهِدُ، عن ابن أَبي حاتِمٍ.

  * وفاتَه أَبو الفَضْلِ محمّدُ بنُ عليِّ بنِ عبدِ الرَّحمنِ


(١) التهذيب: سبد ومرع وجُرَذٍ وما أشبهها.

(٢) وهي رواية حفص، وهي القراءة المشهورة.

(٣) بهامش المطبوعة المصرية: «سقط من خطه بعد: بأفضلهم وبأفضليهم وهي ثابتة في عبارة وهو الظاهر لأنها مثال لجمع المذكر» وهذا ما استدركنا زيادته.

(٤) في القاموس: «وأُخُراً بضمتين وأخْرياً بالكسر والضم وإِخْرُياً بكسرتين وآخرياً أي آخر كل شيء» ونبه بهامش المطبوعة المصرية إلى عبارة القاموس.

(٥) اللسان: أنها.

(٦) عين حدرة أي مكتنزة صلبة.

(٧) ويروى: ترى العضيد والعضيض.

(٨) في الأساس: وهي نخلةٌ مِئخارٌ من نخلٍ مآخير.

(٩) ضبطت في معجم البلدان: بكسر أوله وثانيه.