تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

فصل الهمزة مع الراء

صفحة 36 - الجزء 6

  أَي كيف يَرْتَئِي رَأْياً ويُشاوِرُ نفسَه ويَعْقِدُ عليه؟ والائْتِمَارُ: الهَمُّ بالشيْء، وبه فَسَّر القُتَيبيُّ قولَه تعالَى: {إِنَّ الْمَلَأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ} أَي يَهُمُّون بكَ، وأَنشد:

  اعْلَمَنْ أَنْ كلَّ مُؤْتَمِرٍ ... مُخْطئٌ في الرَّأْيِ أَحْيَانَا

  قال: يقولُ: مَن رَكِبَ أَمْراً بغيرِ مَشُورةٍ أَخطأَ أَحياناً.

  وخَطَّأَ قولَ مَن فَسَّر قولَ النَّمِر بنِ تَوْلَب أَو امْرِئ القَيس:

  أَحارُ بنَ عَمْرٍو فُؤَادِي خَمِرْ ... ويَعْدُو على المَرْءِ ما يَأْتَمِرْ

  أَي إِذا ائْتَمَرَ أَمْراً غيرَ رَشَدٍ عَدَا عليه فأَهْلَكَه، قال: كيف يَعْدُو على المرءِ ما شاوَرَ فيه والمُشَاوَرَةُ بَرَكَةٌ؟: وإِنَّما أَرادَ: يَعْدُو على المرءِ ما يَهُمُّ به من الشَّرِّ، وقال أَيضاً في قوله تعالَى: {وَأْتَمِرُوا بَيْنَكُمْ بِمَعْرُوفٍ}: أَي هُمُّوا به واعْتَزِمُوا عليه، قال: ولو كانَ كما قال أَبُو عُبَيْدَةَ في قولِه تعالَى: {إِنَّ الْمَلَأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ} أَي يَتَشاوَرُونَ عليكَ لقال: يَتَأَمَّرُونَ بكَ.

  قال أَبو منصور: وجائزٌ أَن يقال: ائْتَمَر فلانٌ رَأْيَه، إِذَا شَاوَرَ عقلَه في الصَّوَاب الذي يأْتِيه، وقد يُصِيبُ الذي يَأْتَمِرُ رأْيَهُ مَرّةً ويُخْطِئُ أُخْرَى، قال: فمعنَى قولِه: {يَأْتَمِرُونَ بِكَ}: أَي يُؤامِرُ بعضُهُم بعضاً فيكَ، أَي في قَتْلِكَ، أَحْسَنُ مِن قَول القُتَيْبِيِّ: إِنّه بمعنى: يَهُمُّون بكَ.

  وفي اللِّسَان: والمُؤْتَمِرُ: المُسْتَبِدُّ بِرَأْيِه، وقيل: هو الذي يَسْبِقُ إِلى القَوْلِ، وقيل: هو الذي يَهُمُّ بأَمْرٍ يَفْعَلُه⁣(⁣١)، ومنه الحديثُ: «لا يَأْتَمِرُ رَشَداً»، أَي لا يَأْتِي برَشَدٍ مِن ذاتِ نفسِه، ويقال لكلِّ مَنْ فَعَلَ فِعْلاً مِن غيرِ مُشَاورةٍ: ائْتَمَرَ؛ كأَنَّ نفسَه أَمَرتْه بشيْءِ فَائتَمرها، أَي أَطاعَها.

  ويقال: أَنتَ أَعْلَمُ بِتَأْمُورِكَ⁣(⁣٢)، التَّأْمُورُ: الوِعَاءُ؛ يريدُ أَنتَ أَعلمُ بما عندكَ.

  وقيل: التَّأْمُورُ: النَّفْسُ: لأَنها الأَمّارة، قال أَبو زَيْدٍ: يُقَال: لقد عَلِم تَأْمُورُكَ ذلك، أَي قد عَلِمَتْ نَفْسُك ذلك، وقال أَوْسُ بنُ حَجَرٍ:

  أُنْبِئْتُ أَنَّ بَنِي سِحَيْمٍ أَوْلَجُوا ... أَبْياتَهم تَأْمُورَ نَفْسِ المُنْذِرِ

  قال الأَصمعيُّ: أَي مُهْجةَ نفْسِه، وكانُوا قَتَلُوه.

  وقيل: تَأْمُورُ النَّفْسِ: حَيَاتُها.

  وقيل: العقْلُ، ومنه قولُهم: عَرَفْتُه بِتَأْمُورِي.

  والتَّأْمُورُ: القَلْبُ نفسُه، تَفْعُول مِن الأَمْر، ومنه قولُهم: حَرْفٌ في تَأْمُورِكَ خَيْر مِن عَشَرَةٍ في وِعَائِكَ. وقيل: التَّأْمُورُ: حَبَّتُه وحَياتُه ودَمُه وعُلْقَتُه، وبه فَسَّر بعضُهُم قولَ عَمْرِو بنِ مَعْدِيكَرِبَ: «أَسد في تَأْمُورَتِهِ»، أَي في شِدَّةِ شجاعَتِه وقَلْبِه.

  ورُبَّمَا جُعِلَ خَمْراً، ورُبَّما جُعِلَ صِبْغاً، على التَّشْبِيه.

  أَو التَّأْمُورُ الدَّمُ مطلقاً؛ على التَّشْبِيه، قالَه الأَصْمَعِيُّ.

  وكذلك الزَّعْفَرانُ، على التَّشبِيه، قالَه الأَصمعيُّ.

  والتَّأْمُور: الوَلَدُ، ووِعاؤُه.

  والتَّأْمُور: وَزِيرُ المَلِكِ؛ لنفُوذِ أَمْرِه.

  والتَّأْمُور: لَعِبُ الجَوَارِي أَو الصِّبيانِ، عن ثعلب.

  والتَّأْمُور: صَوْمَعَةُ الرّاهِبِ، ونامُوسُه.

  ومن المجاز: ما في الرَّكِيَّةِ تَأْمُور، يُعْنَى: شَيْءٌ⁣(⁣٣) من الماء. قال أَبو عُبَيْد: وهو قياس على قولهم: ما بالدّار تَأْمُور، أَي ما بها أَحَدٌ، وحَكاه الفارسيُّ فيما يُهْمَزْ ولا يُهْمَزُ.

  والتَّأْمُورُ: عِرِّيسَةُ الأَسَدِ وخِيسُه، عن ثعلب، وهو التَّأْمُورَةُ أَيضاً: ويقال: احْذَرِ الأَسَد في تَأْمُورِه ومِحْرَابِه وغِيلِه. وسَأَلَ عُمَرُ بنُ مَعْدِيكرَبَ عن سَعْد، فقال: أَسَدٌ في تَأْمُورَتِه، أَي في عَرِينه، وهي في الأَصل الصَّوْمَعَةُ، فاستعارَها للأَسد، وقيل: أَصلُ هذه الكلمةِ سُرْيَانِيَّة.

  والتَّأْمُور: الخَمْرُ نفسُها؛ على التَّشْبِيه بدَمِ القلب.

  والتَّأْمُور: الإِبْرِيقُ. قال الأَعْشَى يصفُ خَمَّارة:

  وإِذا لها تَامُورَةٌ ... مَرْفُوعَةٌ لشَرابِهَا


(١) عن اللسان وبالأصل «يفعل».

(٢) وردت في اللسان غير مهموزة.

(٣) في اللسان: ما في الركية تامور: يعني الماء.