تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[نتأ]:

صفحة 258 - الجزء 1

  ابنُ بَرّيّ: ذكر الجَوْهرِيُّ في تصغير النَّبِيءِ نُبَيِّئ، بالهمز على القطع بذلك، قال: وليس الأَمر كما ذَكر، لأَن سيبويهِ قال هذا فيمن يَجْمَعُهُ أَي نَبِيئَاً على نُبَآءَ كَكُرماء، أَي فيصغره بالهمز⁣(⁣١) وأَمَّا مَنْ يَجمعُه على أَنْبِياءَ فَيُصَغِّرُه على نُبَيٍّ بغير همزٍ، يريد: مَنْ لَزِم الهَمْزَ في الجمع لَزِمه في التصغير، ومن ترك الهَمْز في الجمع تركه في التصغير، كذا في لسان العرب وأَخطأَ الجَوهرِيُّ في الإِطلاق حَسْبَمَا ذكرنا، وهو إِيرادُ ابنِ بَرِّيّ، ولكن ما أَحلَى تَعبيره بقوله: وليس الأَمْرُ كذلك، فانظر أَين هذا من قوله أَخْطأَ، على أَنه لا خطأَ، فإِنه إِنما تَعرَّض لتصغير المهموز فقط، وهو كما قال، وهناك جوابٌ آخرُ قَرَّره شيخنا.

  ويقال: رَمَى فلانٌ فَأَنْبَأَ، أَي لم يَشْرِمْ ولم يَخْدِشْ، أَو أَنه لم يُنْفِذْ نقله الصاغاني، وسيأْتي في المعتل أَيضاً.

  ونَابَأَهُمْ مُنَابَأَةً: تَرَكَ جِوَارَهم وتَبَاعَدَ عنهم قال ذُو الرُّمَّة يهجو قوماً:

  زُرْقُ العُيُونِ إِذَا جَاوَرْتَهُمْ سَرَقُوا ... مَا يَسْرِقُ العَبْدُ أَوْ نَابَأْتَهُمْ كَذَبُوا

  ويُرْوَى نَاوَأْتَهُم، كما سيأْتي.

  * ومما يستدرك عليه:

  نَبَأَتْ به الأَرضُ: جاءَتْ به، قال حَنَشُ بنُ مالك:

  فَنَفْسَكَ أَحْرِزْ فَإِنَّ الحُتُو ... فَ يَنْبَأْنَ بالمَرْءِ في كُلِّ وَادِ

  ونُبَاءٌ كَغُرَاب: موضِعٌ بالطائف.

  ويقال: هل عندكم مِن نَابِئَة خَبَر.

  والنُّبَاءَةَ كَثُمَامَة: موضع بالطائف وقَعَ في الحَديث هكذا بالشكّ: خَطَبنا بالنُّبَاءَة، أَو بالنُّبَاوَة وأَبو نُبَيْئَة الهُذَلِيُّ شاعرٌ.

  [نتأ]: نَتَأَ الشَّيْءُ كَمَنَع يَنْتَأُ نَتْأً ونُتُوءاً إِذا انْتَبَرَ، من النَّبْرِ وهو الارتفاع⁣(⁣٢).

  وانْتَفَخ، وكُلُّ ما ارْتَفَعْ من نَبْتٍ وغيرِه فقد نَتَأَ، وهو ناتئ ونَتَأَ من بلدٍ إِلى بلد: ارتفعَ ونَتَأَ عليهم: اطَّلَعَ مثل نَبَأَ بالموحدة⁣(⁣٣) ونَتَأَت القُرْحَةُ: وَرِمَتْ، ونَتَأَت الجارِيَةُ: بَلَغَتْ بالاحتلام أَو السِّنِّ أَو الحَيْض، وهذا يرجع لمعنى الارتفاع ونَتَأَ الشيْءُ: خَرَجَ مِنْ مَوْضِعِه من غير أَن يَبينَ أَي يَنْفَصِل، وهو النُّتُوءُ.

  وانْتَتَأَ أَي انْبَرَى وارْتَفَع وبكليهما فُسِّر قولُ أَبي حِزام العُكلي.

  فَلَمَّا انْتَتَأْتُ لِدِرِّيئِهمْ ... نَزَأْتُ عَلَيْهِ الْوَأَى أَهْذَؤهْ

  لِدِرِّيئهم أَي لِعَرِيفهم، نَزَأْتُ عليه أَي هَيَّجْتُ عليه ونَزَعْتُ، الوَأَى وهو السَّيْفُ. أَهْذَؤُهْ: أَقْطَعُه. وفي المثل «تَحْقِرُه وَيَنْتَأُ» أَي يرتفع، يقال هذا للذي ليس له شاهدُ مَنْظَرٍ وله باطِنُ مَخْبَرٍ، أَي تَزْدرِيه لسُكُونه وهو يُحَاذِيك⁣(⁣٤)، وقيل: معناه: تَسْتَصْغِرُه ويَعْظُم، وقيل: تَحْقِرُه ويَنْتُو، بغير هَمْزٍ، وسيأْتي في المعتلّ إِن شاءَ الله تعالى، وفي الأَساس: هذا المَثَلُ فيمن يَتَقَدَّمُ بالنُّكْرِ ويَشْخَص به وأَنت تحْسَبهُ مُغَفَّلاً.

  والنُّتَأَةُ كهُمَزَةٍ كذا في النسخ وضبطه ياقوت كعُمَارَة: ماءٌ لبَني عُمَيْلَةَ بن طَريف بن سَعيد أَو نَخْلٌ لِبنى عُطَارِدٍ قاله الحَفْصِيّ، أَو جَبَلٌ في حِمَى ضَرِيَّةَ بين إِمَّرَة⁣(⁣٥) والمُتَالِع، قاله نصر، وقيل: مَاءٌ لِغَنِيِّ بن أَعْصُر. قلت: وهذا الأَخير هو الذي قاله البَلَاذُرِيّ⁣(⁣٦)، وعليها قُتِلِ شَاسُ بن زُهَيْرٍ العَبْسِيُّ عند مُنْصَرَفِه من عند المَلك النُّعْمَان بن المُنْذِر، والقاتِل له رِيَاح بن حُرَاقٍ الغَنَوي، وأَنشد ياقوت لِزُهير بنِ أَبي سُلْمَى:

  لَعَلَّكِ يَوْماً أَنْ تُرَاعِي بِفَاجِعٍ ... كَمَا رَاعَنِي يَوْمَ النُّتَاءَةِ سَالِمُ


(١) يريد: نُبَيِّئٌ (اللسان).

(٢) في المطبوعة المصرية: لارتفاع.

(٣) في الصحاح: ونتأت على القوم: طلعت عليهم مثل نبأت. وفي اللسان: اطّلعت عليهم.

(٤) اللسان: يجاذبك.

(٥) عن معجم البلدان، وبالأصل «إثرة».

(٦) بهامش المطبوعة المصرية: «قوله البلاذري بلاذر معرّب بلادر كما أن بندار معرب بندار وبلور كسنور معرب بلور كجمهور وقصور ... وأما بلار بمعنى البلور فمن استعمال المولدين أنظر الخلاصة ج ٤/ ٤٧١».