تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[ثنجر]:

صفحة 154 - الجزء 6

  وأَنشدَ لأَنَسِ بن مُدْركٍ الخَثْعَميِّ:

  إِنِّي وقَتْلِي سُلَيْكاً ثمَّ أَعْقِلَه ... كالثَّوْر يُضْرَبُ لمّا عافَت البَقَرُ

  قيل: عَنَى الثَّوْرَ الذي هو ذَكَرُ البَقَر؛ لأَن البَقَرَ يَتْبَعُه، فإِذا عافَ الماءَ عافَتْه، فيُضْرَب ليَرِدَ فتَرِدَ معه.

  ج أَثْوَارٌ وثِيَارٌ، بالكسر، وثِيَارَةٌ وثِوَرَةٌ وثِيَرَةٌ، بالواو والياءِ، وبكسر ففتحٍ فيهما، وثِيرَةٌ، بكسرٍ فسكونٍ، وثِيرَانٌ، كجِيرَةٍ وجِيرَان، على أن أَبا عليٍّ قال في ثِيَرَةٍ: إِنّه محذوفٌ من ثِيَارَةٍ، فتَركوا الإِعلالَ في العَيْن أَمارةً لما نَوَوْه من الأَلف، كما جَعَلوا تَصحيحَ نَحْوِ احْتَوَرُوا⁣(⁣١) واعْتَوَنُوا دليلاً على أَنه في معنَى ما لا بُدَّ من صحَّته، وهو تَجَاوَرُوا وتَعاوَنُوا. وقال بعضُهم: هو شاذٌّ، وكأَنهم فرَّقوا بالقَلْب بين جَمْعِ ثَوْرٍ من الحيوان، وبين جَمْعِ ثَوْرٍ من الأَقِط؛ لأَنَّهُم يقولُون في ثَوْر الأَقط: ثِوَرَةٌ فقط. والأُنثَى:

  ثَوْرَةٌ، قال الأَخطل:

  وفَرْوَةَ ثَفْرَ الثَّوْرَةِ المُتَضاجِمِ⁣(⁣٢)

  وأَرْضٌ مَثْوَرَةٌ: كَثيرَتُه، أَي الثَّوْر، عن ثعلب.

  والثَّوْرُ: السَّيِّدُ، وبه كُنِّيَ عَمْرُو بن مَعْدِي كَرِبَ: أَبا ثَوْرٍ. وقول عليٍّ ¥: إِنّمَا أُكِلْتُ يَومَ أُكِلَ الثَّوْرُ الأَبيضُ»؛ عَنَى به عثمانَ ¥؛ لأَنه كان سَيِّداً، وجعلَه أَبيضَ؛ لأَنه كان أَشْيَبَ.

  والثَّوْرُ: ما عَلَا الماءَ مِن الطُّحْلُب والعَرْمَض والغَلْفَق ونحوه. وقد ثارَ ثَوْراً وثَوَرَاناً، وثَوَّرْتُه، وأَثَرْتُه، كذا في المُحْكَم، وبه فُسِّر قَولُ أَنَس بن مُدْرِك الخَثْعَميِّ السابق، في قَوْلٍ؛ قال: لأَنّ البَقّارَ إِذا أَوْرَدَ القِطْعَة من البَقَر، فعافَت الماءَ وصَدَّها عنه الطُّحْلُبُ، ضَرَبَه ليَفْحَصَ عن الماءِ فَتشْربه، ويقال للطُّحْلُب: ثَوْرُ الماءِ حَكَاه أَبو زَيْد في كتاب المَطَر.

  والثَّوْرُ: البَيَاضُ الذي في أَصْلِ الظُّفُرِ، ظُفر الإِنسانِ. والثَّوْرُ: كلُّ ما عَلَا الماءَ من القُمَاش⁣(⁣٣). ويقال: ثَوَّرْتُ كُدُورَةَ الماءِ فثَارَ.

  والثَّوْرُ: المَجْنُون، وفي بعض النُّسَخ: الجُنُون، وهو الصَّواب؛ كأَنّه لهيَجانه.

  ومن المَجَاز: الثَّوْرُ: حُمْرَةُ الشَّفَق النّائرَةُ فيه⁣(⁣٤). وفي الحديث: «صلاةُ العِشَاءِ الآخِرَةِ إِذا سَقَطَ ثَوْرُ الشَّفَقِ». وهو انتشارُ الشَّفَق، وثَوَرانُه: حُمْرَتُه ومُعْظَمُه. ويقال: قد ثَارَ يَثُور ثَوْراً وثَوَراناً، إِذا انتشرَ في الأُفُق وارتفعَ، فإِذا غاب حَلَّتْ صلاةُ العِشَاءِ الآخِرَة. وقال في المَغْرب: ما لم يَسقُط ثَوْرُ الشَّفَقِ.

  والثَّوْرُ: الأَحْمَقُ، يُقَال للرَّجُل البَليدِ الفَهْمِ: ما هو إِلّا ثَوْرٌ.

  ومن المَجاز: الثَّوْرُ: بُرْجٌ في السَّمَاء، من البُرُوج الاثْنَيْ عَشَرَ، على التَّشْبيه.

  ومن المَجاز: الثَّوْرُ: فَرَسُ العاصِ بنِ سَعيدٍ القُرَشيِّ، على التَّشْبيه.

  وثَوْرٌ: أَبو قَبيلةٍ من مُضَرَ، وهو ثَورُ بنُ عبد مَنَاةَ بنِ أُدِّ بن طابخَةَ بن الياسِ بن مُضَرَ، منهم: الإِمام المحدِّثُ الزّاهدُ أَبو عبد الله سُفيَانُ بنُ سَعِيد بن مَسْرُوق بن حَبيب بن رافع ابن عبد الله بن موهبةَ [بن أَبَيّ بن عبد الله]⁣(⁣٥) بن مُنْقِذ بن نصر بن الحارث بن ثعلبةَ بن عامر بنِ مِلْكان بن ثَور، رَوَى عن عَمْرِو بن مُرّةَ، وسَلَمَةَ بن كُهَيْل، وعنه بنُ جُرَيج، وشُعبةُ، وحمَّادُ بنُ سَلَمَةَ، وفُضَيلُ بنُ عِياضٍ.

  تُوُفِّيَ سنةَ ١٦١ وهو ابنُ أَربع وستين سنةً.

  وثَوْرٌ: وادٍ ببلاد مُزَيْنَةَ، نقلَه الصَّاغانيُّ.

  وثَوْرٌ: جَبَلٌ بمكّةَ شَرَّفَها الله تعالَى، وفيه الغارُ الذي بات فيه سيِّدُنا رَسولُ الله لما هَاجَرَ، وهو المذكورُ في التَّنْزيل: {ثانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُما فِي الْغارِ}⁣(⁣٦) ويُقَال له ثَوْرُ


(١) في اللسان «اجتوروا» بالجيم.

(٢) ديوانه وصدره فيه:

جزى الله فيها الأعورين ملامةً

(٣) بالأصل «القماس» وما أثبت عن التهذيب. فسّر به الثور في قول الأعشى المتقدم أثناء المادة. قال: أراد بالثور هاهنا ما علا الماء من القُماش يضربه الراعي ليصفو الماء للبقر.

(٤) في اللسان: الثائرة.

(٥) زيادة عن جمهرة ابن حزم ص ٢٠١.

(٦) سورة التوبة الآية ٤٠.