فصل الثاء المثلثة مع الراء
  أَطْحَلَ، واسمُ الجَبَل أَطحَلُ، نَزَلَه ثَوْرُ بنُ عبدِ مَناةَ فنُسبَ إِليه؛ وقال جماعةٌ: سُمِّيَ أَطْحَلَ لأَنّ أَطْحَلَ بنَ عبدِ مَنَاةَ كان يَسكنُه: وثورٌ أَيضاً: جَبَلٌ صغيرٌ إِلى الحُمْرة بتَدْوير، بالمدينة المُشَرَّفة، خَلْفَ أُحُدٍ من جِهة الشَّمَال. قاله السيُوطيُّ في كتاب الحَجّ من التَّوْشيح، قال شيخُنَا: ومالَ إِلى القول به، وتَرْجيحه بأَزْيَدَ من ذلك في حاشيَته على التِّرْمذيّ.
  ومنه الحديثُ الصَّحيحُ: «المدينةُ حَرَمٌ ما بينِ عَيْرِ إِلى ثَوْرٍ(١)»؛ وهما جَبَلان. وأَما قولُ أَبي عُبَيْد القَاسم بن سَلَام، بالتخفيف وغيره من الأَكابر الأَعلام: إِنّ هذا تَصْحيفٌ، والصَّوابُ «مِن عَيْر إِلى أُحُد»؛ لأَن ثَوْراً إِنّما هو بمكةَ - وقال ابنُ الأَثِير: أَمّا عَيْرٌ فجبلٌ معروفٌ بالمدينة، وأَما ثَوْرٌ فالمعروفُ أَنه بمكِّةَ، وفيه الغارُ، وفي رواية قليلةٍ: «ما بين عَيْر وأُحُدٍ»، وأُحُدٌ بالمدينة، قال: فيكون ثَوْرٌ غَلَطاً من الرّاوي، وإِن كان هو الأَشهرَ في الرِّواية والأَكثرَ. وقيل: إن عَيْراً جبلٌ بمكةَ، ويكون المرادُ أَنه حَرَّمَ من المدينة قَدْرَ ما بين عَيْر وثَوْرٍ من(٢) مكّةَ، أَو حَرَّمَ المدينةَ تحريماً مثلَ تحريم ما بين عَيْرٍ وثَوْرٍ بمكةَ، على حذف المُضَاف(٣)، ووصْف المصدر المحذوف - فغيرُ جَيِّدٍ، هو جوابُ وأَمّا إِلخ، ثم شَرَعَ المصنِّف في بيان عِلَّة رَدِّه، وكَوْنه غيرَ جَيِّدٍ، فقال: لِمَا أَخْبَرَني الإِمامُ المحدِّثُ الشُّجَاعُ أَبو حَفْصٍ عُمَرُ البَعْلِيُّ الشيخُ الزّاهدُ، عن الإِمام المحدِّث الحافظ أَبي محمّدٍ عبد السلام بن محمّد بن مَزْرُوع البَصْريِّ الحَنْبَليِّ، ما نَصُّه: أَن حِذاءَ أُحُدٍ جانِحاً إِلى ورائِه مِن جهة الشَّمَال جَبَلاً صغيراً مُدَوَّراً إِلى حُمْرة، يقال له: ثَوْرٌ، وقد تَكَرَّرَ سُؤالي عنه طوائفَ مختلفةً من العَرَب، العارفين بتلك الأَرض المُجاورين بالسُّكْنَى، فكلٌّ أَخبرَني أَنَّ اسمَه ثَوْرٌ لا غير، ووجدتُ بخطِّ العَلّامة شمس الدِّين محمّد بن أَبي الفتح بن أَبي الفَضْل بن بَرَكَات الحَنْبَليِّ حاشيَةً على كتاب «مَعَالم السُّنَن» للخَطّابيّ ما صُورَتُه: ثَوْرٌ جَبَلٌ صغيرٌ خَلْفَ أُحُد، لكنه نُسِيَ فلم يَعرِفه إِلّا آحادُ الأَعراب؛ بدليل ما حَدَّثَني الشيخُ الإِمامُ العالمُ عَفِيفُ الدِّين عبدُ السلام بن محمّد بن مَزْرُوع البَصْريُّ، وكان مُجَاوراً بمدينة الرَّسُول ﷺ فوقَ الأَربعينَ سنةً، قال: كنتُ إِذا ركبتُ مع العَرَب أَسأَلُهم عمّا أَمُرّ به من الأَمِكنَة، فمررتُ راكباً مع قَوم من بني هَيْثَمِ فسأَلتُهُم عن جَبَلٍ خَلْفَ أُحُد: ما يُقَال لهذا الجَبَل؟ فقالوا: يُقَال له: ثَوْرٌ، فقلتُ: من أَين لكُم هذا؟ فقالوا: من عَهْد آبائنا وأَجدادنَا، فنزلتُ وصَلَّيْتُ عنده ركعَتَيْن، شُكْراً لله تعالَى. ثم ذَكَر العلَّةَ الثانيةَ فقال: ولمَا كَتَبَ إِليَّ الإِمامُ المحدِّث الشيخُ عَفيفُ الدِّين أَبو محمّد عبدُ الله المَطَرِيُّ المَدَنيُّ، نَقْلاً عن والده الحافظ الثِّقَة أَبي عبد الله محمّد المَطَرِيِّ الخَزْرَجيِّ، قال: إِنّ خَلْفَ أُحُدٍ عن شِمَاليِّه جَبَلاً صغِيراً مُدَوَّراً إِلى الحُمْرة، يُسَمَّى ثَوْراً، يعرفُه أَهلُ المدينة، خَلَفاً عن سَلَف، قال مُلّا عليٌّ في النّامُوس: لو صَحَّ نَقْلُ الخَلَف عن السَّلَف لَمَا وَقَعَ الخُلْفُ بين الخَلَف. قلتُ: والجوابُ عن هذا يُعرَف بأَدْنَى تَأَمُّل في الكلام السابق.
  وثَوْرُ الشِّبَاك، ككِتاب: وبُرْقَةُ الثَّوْر، بالضمّ: مَوْضعان، قال أَبو زياد: بُرْقَةُ الثَّوْر: جانبُ الصَّمّان.
  وثَوْرَى(٤)، وقد يُمَدُّ: نَهرٌ بدمشقَ في شَماليِّ بَرَدَى، هُوَ وبَاناسُ يَفْتَرقَان من بَردَى، يَمُرّان بالبَوادي، ثم بالغُوطَة، قال العمَادُ الأَصفَهَانِيُّ يذكُر الأَنهارَ من قصيدة:
  يَزيدُ اشْتيَاقي ويَنْمُو كَمَا ... يَزِيدُ يَزيدُ وثَوْرَى يَثُورْ
  وأَبو الثَّوْرَيْن محمّدُ بنُ عبد الرَّحمن الجُمَحيُّ، وقيل: المكّيّ(٥) التّابعيُّ، يَرْوِي عن ابن عُمَرَ، وعنه عَمْرُو بنُ دينار، ومَن قال: عَمْرُو بنُ دينار عن أَبي السّوّار فقد وَهِمَ.
  ويُقَال: ثَوْرَةٌ من مال، كثَرْوَة من مالٍ، وقال ابن مُقْبل:
  وثَوْرَةٌ من رِجالٍ لو رأَيتَهُمُ ... لقُلتَ إِحْدَى حِرَاجِ الحَرِّ من أُقُرِ
  ويُرْوَى: وثَرْوَةٌ، أَي عَدَد كثير، وهي مرفوعَةٌ معطوفةٌ على ما قبلها، وهو قوله: «فينَا خَنَاذيذُ»، وليست الواوُ واوَ «رُبَّ»، نَبَّه عليه الصَّاغَانِيُّ. وفي التهذيب: ثَوْرَةٌ مِن
(١) في معجم البلدان: وفي حديث المدينة أنه ص حرّم ما بين عَيْر إلى ثور.
(٢) في معجم البلدان: اللذين بمكة. وفي اللسان فكالأصل.
(٣) زيد في معجم البلدان: وإقامة المضاف إليه مقامه.
(٤) قيدها ياقوت بالفتح والقصر.
(٥) عن التكملة وبالأصل «المليكي».