تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

فصل الجيم مع الراء

صفحة 182 - الجزء 6

  والجَرِيرُ: حَبْلٌ مِن أَدَمٍ نحوُ الزِّمَامِ، ويُطْلَقُ على غيرِه من الحِبَال المَضْفُورَةِ. وقال الهوازنيُّ: الجَرِيرُ من أَدَمٍ مُلَيَّن يُثْنَى على أَنفِ البعيرِ النَّجِيبة والفَرَس. وقال ابن سَمْعَانَ⁣(⁣١): أَوْرَطْتُ الجرِيرَ في عُنُق البعِيرِ، إِذا جَعلتَ طَرفَه في حَلْقَتِه، وهو في عُنُقه، ثم جذَبْتَه، وهو حينَئذٍ يَخْنُق البَعِير، وأَنشد:

  حتى تَراها في الجرِير المُورَطِ ... سَرْحَ القِيَادِ سَمْحَةَ التَّهبُّطِ

  وفي الحديث: «أَنّ الصّحابةَ نَازَعُوا جَرِيرَ بنَ عبدِ الله زِمَامَه، فقال رسولُ الله : خَلُّوا بين جَرِيرٍ والجَرِيرِ»؛ أَي دَعُوا له زِمامَه.

  وفي حديث عائشة ^: «نَصَبْتُ على باب حُجْرَتِي عَبَاءَةً، وعلى مَجَرِّ بَيْتِي سِتْراً». المَجَرُّ، كمرَدٍّ: هو الموضعُ المُعْتَرِضُ في البيت، ويُسمَّى الجائِز تُوضَعُ عليه أَطرافُ العوارِضِ.

  والمَجَرَّةُ، بالهَاءِ: بابُ السَّمَاءِ كما وَرَدَ في حديث ابنِ عَبّاس، وهي البَيَاضُ المُعْتَرِضُ في السَّمَاءِ، والنَّسْرانِ من جانِبَيْهَا، أَو شَرَجُها الذي تَنْشَقُّ منه، كما وَرَدَ ذلك عن عليٍّ ¥. وفي بعضِ التَّفَاسِير: إِنّها الطَّرِيقُ المَحْسُوسَةُ في السماءِ التي تَسِيرُ منها الكواكبُ. وفي الصّحاح: المَجَرَّة في السماءِ؛ سُمِّيَتْ بذلك لأَنها كأَثَرِ المَجرَّةِ⁣(⁣٢).

  وَمَجَرُّ الكَبْشِ: ع بِمنًى معروفٌ.

  والجُرُّ: الجَرِيرَةُ، والجَرِيرَةُ: الذَّنْبُ.

  والجَرِيرَةُ: الجِنَايَةُ يَجْنِيها الرَّجلُ. وقد جَرَّ على نفْسِه وغيرِه جَرِيرَةً، يَجُرُّهَا، بالضمّ والفتح، قال شيخُنَا: لا وَجْهَ للفتح؛ إِذ لا مُوجِبَ له سَماعاً ولا قِياساً. قلتُ: أَمّا قياساً فلا مَدخَلَ له في اللغة كما في معلومٌ، وأَما سَماعاً، قال الصَّاغانيُّ في تَكْمِلَته: قال⁣(⁣٣) ابنُ الأَعرابيِّ: المُضارِعُ مِن جَرَّ - أَي جَنَى - يَجَرُّ، بفتحِ الجيمِ. جَرًّا، أَي جَنَى عليهم جِنايةً، قال:

  إِذا جَرَّ مَولانَا علينا جَرِيرَةً ... صَبَرْنا لها إِنّا كِرَامٌ دَعائِمُ

  وفي حديث لَقِيط: «ثم بايَعَه على أَن لا يَجُرَّ عليه⁣(⁣٤) إِلّا نَفْسَه»؛ أَي لا يُؤخَذَ بجَرِيرَةِ غيرِه مِن وَلَدٍ أَو والِدٍ أَو عَشِيرَةٍ.

  ويقال: فَعَلْتُ ذلك مِن جَرّاكَ ومِن جَرّائِكَ، بالمدّ، من المعتل، ويُخَفَّفانِ، ومِن جَرِيرَتِكَ، وهذه عن ابن دُرَيْد أَي مِن أَجْلِكَ، وأَنشَدَ اللِّحْيَانيُّ:

  أَمِنْ جَرَّا بَنِي أَسَدٍ غَضِبْتُمْ ... ولو شِئْتُم لكانَ لكم جِوَارُ

  ومِن جَرَّائِنَا صِرْتُم عَبِيداً ... لقَومٍ بعْدَ ما وُطِئَ الخِيَارُ

  وأَنشدَ الأَزْهَرِيُّ لأَبِي النَّجْم:

  فاضَتْ دُمُوعُ العَيْنِ مِن جَرّاها ... واهاً لِرَيَّا ثم وَاهاً وَاهَا

  وفي الحديث: «أَنّ امرأَةً دَخَلت النّارَ مِن جَرَّا هِرَّةٍ»؛ أَي من أَجْلها.

  وفي الأَساس: ولا تَقُلْ بجَرّاكَ⁣(⁣٥).

  وفي الحديث: أَنّ النبيَّ دُلَّ على أُمِّ سَلَمةَ، فرأَى عندها الشُّبْرُمَ، وهي تُريدُ أَن تَشربَه، فقال: «إِنّه حارٌّ جارٌّ» وأَمَرَها بالسَّنَا والسَّنُّوتِ.

  قال الجوهَرِيُّ: هو إِتباعٌ له. قال أَبو عُبيْد: وأَكثرُ كلامهم حارٌّ يارٌّ، بالياءِ.

  والجَرْجارُ⁣(⁣٦)، كقَرْقار: نَبْتٌ، قالَه اللَّيْث، وزاد الجوهَريُّ: طَيِّبُ الرِّيح، وقال أَبو حنيفةَ: الجَرْجارُ: عُشْبَةٌ لها زَهْرَةٌ صَفراءُ، قال النّابغةُ:

  يتَحَلَّبُ اليَعْضيدُ من أَشْداقِهَا ... صُفْراً مَناخِرُهَا من الجَرْجارِ

  والجَرْجارُ: من الإِبل: الكثيرُ الجَرْجَرة، أَي الصَّوْت.


(١) الأصل واللسان، وفي التهذيب: وقال سمعان.

(٢) في الصحاح: المجرّ.

(٣) سقطت من المطبوعة الكويتية.

(٤) بهامش المطبوعة المصرية: «قوله: عليه، كذا بخطه، والذي في اللسان حذف عليه».

(٥) كذا ولم ترد العبارة في الأساس؛ وفي الصحاح: وفعلت كذا من جرَّاك، أي من أجلك، وهو فعلى، ولا تقل مَجرَاكَ.

(٦) ضبط في التهذيب بكسر الجيم ضبط قلم.