تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

فصل الجيم مع الراء

صفحة 200 - الجزء 6

  قيل: ذَهَبَ إِلى تَفْخِيمها، كما سُمِّيَتْ حُضَاجرَ، وقيل: هي أَولادُهَا. وقال الأَزهريُّ: «جَواعرُهَا ثَمانٍ». كثْرةُ⁣(⁣١) جَعْرِهَا؛ أَخْرَجَه على فاعِلَةٍ وفَوَاعِلَ، ومعناه المَصْدَرُ، ولم يُرِدْ عدَداً مَحْصُوراً، ولكنه وَصَفَهَا بكثرة الأَكْل والجَعْرِ، وهي مِن آكَل الدَّوابِّ، وقيل: هو مَثَلٌ لكثرة أَكله⁣(⁣٢)، كما يقال: فلانٌ يَأْكُلُ في سبعةِ أَمعاءٍ. وقال ابن بَرِّيّ: وللضَّبُع جاعِرَتانِ، فجَعَلَ لكلِّ جاعِرَةٍ أَربعةَ غُضُونٍ، وسَمَّى كلَّ غَضَنٍ جاعِرةً، باسمِ ما هي فيه.

  ويقال للضَّبُع: «تِيسِي جَعارِ»، أَو «عِيثِي جَعارِ»، وهو مَثَلٌ يُضْرَبُ في إِبطال الشيْءِ والتكذيبِ به، وأَنشد ابن السِّكِّيت:

  فقلْتُ لها عِيثِي جَعْارِ وجَرِّرِي ... بلَحْم امْرئٍ لم يَشْهَدِ القومَ ناصِرُهْ

  ومِن ذلك ما أَوْرَدَه أَهلُ الأَمثال: «أَعْيَثُ مِن جَعَارِ».

  وأَما «رُوعِي⁣(⁣٣) جَعارِ، وانْظُرِي أَين المَفَرُّ»؛ فإِنه يُضْرَبُ لمن يَرُومُ أَن يُفْلِتَ ولا يَقدِرُ على ذلك، وفي التَّهذِيب: يُضْرَبُ في فِرارِ الجَبانِ وخُضُوعِه. وقال ابن السِّكِّيت: وتُشْتَمُ المرأَةُ فيقال لها: قُومِي جَعَارِ؛ تُشَبَّهُ بالضَّبعُ.

  وفي التهذيب: الجَعُورُ، كصَبُورٍ، وفي غيره: الجُعْرُور: خَبْرَاءُ لبَنِي نَهْشَلٍ، وهي مَنْقَعُ الماءِ، وأُخْرَى لبَنِي عبدِ الله بنِ دارِمٍ، قال ابن سِيدَه: يَمْلَؤُهُمَا جميعاً الغَيْثُ الواحدُ، فإِذا امتَلأَتا وَثِقُوا بكَرْعِ شِتَائِهم. هكذا في النُّسَخ، وفي بعض الأُصول: «شائِهِم» جَمْع شاة، عن ابن الأَعرابيّ، وأَنشدَ:

  إِذا أَردْتَ الحَفْر بالجَعُورِ ... فاعْمَلْ بكلِّ مارِنٍ صبُورِ

  لا غَرْفَ بالدِّرْحابَةِ⁣(⁣٤) القَصِيرِ

  ولا الذي لَوَّحَ بالقَتيرِ

  يقول: إِذا غَرَفَ الدِّرْحَابَةُ مع الطويلِ الضَّخْم بالحَفْنَة، مِن غَدِير الجَفْرَاءِ⁣(⁣٥)، لم يَلْبَث الدِّرْحابةُ أَن يَزْكُتَه الرَّبْوُ فيَسْقُط.

  والجُعْرُون بالضمّ، هكذا في النُّسَخ بالنُّون، والصَّوابُ الجُعْرُورُ⁣(⁣٦)، بالراءِ: دُوَيْبَّةٌ من أَحْنَاشِ الأَرضِ.

  وفي الحديث: «أَنه نَهَى عن لَوْنَيْن في الصَّدَقة من التَّمْرِ: الجُعْرُورِ، ولَوْنِ الحُبَيْقِ» الجُعْرُورُ: تَمْرٌ رَدِيءٌ.

  وقال الأَصمعيّ: هو ضَرْبٌ من الدَّقَل يَحْمِلُ شيئاً صِغاراً⁣(⁣٧)، لا خَيرَ فيه، ولَوْنُ الحُبَيْقِ مِن أَرْدَإِ التُّمْرانِ أَيضاً.

  وأَبو جِعْرَانَ: بالكسر: الجُعَلُ عامَّةً، وقيل: ضَرْبٌ من الجِعْلان.

  وأُمُّ جِعْرَانَ: الرَّخَمَةُ، كلاهما عن كُراع.

  وفي الحديث: «أَنه نَزَلَ الجِعْرَانَةَ» وتَكَرَّر ذِكْرُها في الحديث، وهو بكسرِ الجِيمِ وسُكُونِ العَيْنِ وتخفيفِ الرّاءِ، وقد تُكْسَرُ العَيْنُ وتُشَدَّدُ الرّاءُ، أَي مع كَسْرِ العَيْنِ وأَما الجِيمُ فمكسورَةٌ بلا خلاف، واقتصرَ على التَّخْفِيفِ في البارِعِ، ونقلَه جماعةٌ عن الأَصمعيّ، وهو مضبوطٌ كذلك في المُحكَم، وقال الإِمامُ أَبو عبدِ اللهِ محمّدُ بنُ إِدريسَ الشَّافِعِيُّ ¥: التَّشْدِيدُ خَطَأٌ، وعبارة العُباب: وقال الشافعيُّ: المحدِّثون يُخْطِئُون في تشديدها، وكذلك قال الخَطّابيُّ. ونَقَلَ شيخُنا عن المَشَارِق للقاضِي عِياضٍ: الجعرانة؛ أَصحابُ الحديثِ يقولُونه بكسر العينِ وتشديدِ الراءِ، وبعضُ أَهلِ الإِتقان والأَدب يقولُونَه بتخفيفها، ويُخَطِّئُون غيرَه. وكلاهما صوابٌ مسموعٌ⁣(⁣٨)؛ حَكَى القاضي إِسماعِيلُ بنُ إِسحاقَ عن عليِّ بنِ المَدِينِيِّ: أَن أَهلَ المدينةِ يقولُونه فيها وفي الحُدَيْبِية بالثَّتْقِيلِ، وأَهلَ العراق


(١) عن التهذيب، وبالأصل «كثير».

(٢) بهامش المطبوعة المصرية: «قوله: لكثرة أكله، المناسب لتذكير الضمير تأخير هذا بعد قوله: كما يقال فلان الخ كما صنع في اللسان أو تأنيث الضمير».

(٣) في القاموس: «رُوغي» بالغين المعجمة. وفي اللسان «روغ»: وراغ الثعلب، وفي المثل: «رُوغي جعار ..» فكالقاموس.

(٤) كذا وردت «بالباء» هنا وفي الشرح. وصححها محقق المطبوعة الكويتية، في الموضعين، «الدرحاية» بالياء.

(٥) بهامش المطبوعة المصرية: «قوله: الجفراء، الأولى «الخبراء» كما في اللسان، وهو الذي يقتضيه أيضاً تعبير المصنف بها».

(٦) وفي القاموس: «والجُعْرورُ» بالراء ومثله في اللسان.

(٧) بهامش المطبوعة المصرية: «قوله: شيئاً صغاراً، عبارة ابن منظور: رطباً صغاراً، وهي الأنسب للوصف بالجمع» وفي النهاية «رطباً» وفي التهذيب فكالأصل.

(٨) قال ياقوت في معجمه بعد إيراده للروايتين: والذي عندنا أنهما روايتان جيدتان.