تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[نشأ]:

صفحة 265 - الجزء 1

  من الطاعات أَو هي كُلُّ ساعةٍ قَامَها قائِمٌ بالليْلِ وعن أَبي عُبيدة: ناشِئَةُ الليلِ: ساعاته، وهي آناءُ الليلِ ناشِئَةٌ بعد ناشِئَةٍ، وقال الزجاج: ناشِئَةُ الليْلِ: ساعات الليْلِ كلُّها، ما نَشَأَ منه، أَي ما حَدَث، فهو نَاشِئَةٌ، وقال أَبو منصورٍ: ناشِئَة الليلِ: قِيامُ الليلِ، وقد تقدم، أَو هي القَوْمَةُ بَعْدَ النَّوْمَةِ أَي إِذا نِمْتَ مِن أَول الليل نَوْمَة، ثم قُمْتَ، فمنه ناشِئَةُ اللَّيْل كالنَّشِيئَةِ على فَعِيلة.

  والنَّشْءُ بسكون الشين: صِغَارُ الإِبِلِ، حكاه كراع ج نَشَأٌ مُحَرَّكَةً قال شيخُنا: وهو أَيضاً مِن غرائب الجموع والنَّشْءُ: السَّحَابُ المُرْتَفِعُ مِنْ نَشَأَ: ارتفع أَو أَوَّلُ ما يَنْشَأُ مِنْه ويرتفع كالنَّشِيءِ على فعِيلٍ، وقيل: النَّشْءُ: أَن تَرَى السَّحابَ كالمُلَاءَةِ المَنشُورةِ، ولهذا السحابِ نَشْءٌ حَسَنٌ، يعني أَوَّل ظُهورِه، وعن الأَصمعيّ: خَرج السحابُ له نَشْءٌ حَسَنٌ، وذلك أَوَّلَ ما يَنْشَأُ، وأَنشد:

  إِذَا هَمَّ بِالإِقْلَاعِ هَمَّتْ بِهِ الصَّبَا ... فَعَاقَبَ نَشْءٌ بَعْدَهَا وَخُرُوجُ

  وفي الحديث «إِذا نَشَأَتْ بَحْرِيَّةٌ ثم تشاءَمَتْ فتلك عَيْنٌ غُدَيْقَةٌ» وفي حديث آخَرَ «كانَ إِذَا رَأَى ناشِئاً في أُفُقِ السماءِ» أَي سَحاباً لم يَتَكَامَل اجتماعُه واصْطِحَابُهُ، ومنه: نَشَأَ الصَّبِيُّ يَنْشَأُ فهو ناشِئ، إِذا كَبِرَ وشَبَّ ولم يتكامَلْ، أَي فيكون مجازاً.

  والنَّشْءُ: ريحُ الخَمْرِ، حكاه ابنُ الأَعرابيّ.

  وأَنْشَأَ فلانٌ يَحْكِي حديثاً، أَي جَعَلَ يَحكيه، وهو من أَفعالِ الشُّروع. وأَنشأَ يَفْعَلُ كذا، ويقولُ كذا: ابتَدَأَ وأَقْبَلَ، وأَنْشَأَ مِنه: خرَجَ، يقال مِنْ أَيْنَ أَنْشَأْتَ، أَي خَرَجْتَ وأَنشأَت الناقَةُ وهي مُنْشِىٌ: لَقِحَتْ، لُغةٌ هُذَلِيَّة، رواها أَبو زيد وأَنشأَ دَاراً: بَدَأ بِنَاءَهَا وقال ابنُ جِنّي، في تأْدِية الأَمثال عَلَى ما وُضِعَتْ عليه: يُؤَدَّى ذلك في كُلِّ مَوْضعٍ على صُورته التي أُنْشِئَ في مَبْدَئِه عليها، فاستعمل الإِنشاءَ في العَرَض الذي هو الكلامُ.

  وأَنشأَ الله تعالَى السحابَ: رَفَعَه، في التنزيل {وَيُنْشِئُ السَّحابَ الثِّقالَ}⁣(⁣١) وأَنشأَ فلان الحَدِيثَ: وَضَعَه. وقال الليث: أَنشَأَ فُلانٌ حَدِيثاً، أَي ابتدَأَ حَدِيثاً ورَفَعَه، وأَنشأَ فلانٌ: أَقْبَل، وأَنشد قولَ الراجز:

  مَكَانَ مَنْ أَنْشَا عَلَى الرَّكَائِبِ

  أَراد أَنشأَ، فلم يَستقِمْ له الشِّعْرُ فأَبْدَل. وعن ابن الأَعرابيّ: أَنشا، إِذا أَنْشَدَ شِعْراً أَو خَطَب بخُطْبَةٍ فأَحسن فيهما، وأَنْشَأَه الله: خَلَقَه، ونشأَه⁣(⁣٢) وأَنْشَأَ اللهُ الخَلْقَ، أَي ابتَدَأَ خَلْقَهم. وقال الزجَّاج في قوله تعالى {وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَ جَنّاتٍ مَعْرُوشاتٍ}⁣(⁣٣) أَي ابتدَعَها وابتدأَ خَلْقَها.

  والنَّشِيئَةُ هو أَوَّلُ ما يُعْمَل من الحَوْضِ يقال: هو بَادِي النَّشِيئَةِ، إِذا جَفَّ عنه الماءُ وظَهَرتْ أَرْضُه، قال ذو الرُّمَّة:

  هَرَقْنَاهُ فِي بَادِي النَّشِيئَةِ دَائِرٍ ... قَدِيمٍ بِعَهْدِ المَاءِ بُقْعٍ نَصَائِبُهْ

  الضمِير للماءِ، والمُراد بِبادِي النَّشِيئَةِ الحَوْضُ، والنصائب يأْتِي ذِكْرُه والنشيئة: الرَّطْبُ من الطَّرِيفَةِ فإِذا يَبِسَ فهو طَرِيفةٌ والنشيئَة: نَبْتُ النَّصِيِّ كَغَنِيّ والصِّلِّيَانِ بكسر الصاد المهملة واللام وتشديد الياء⁣(⁣٤) ذكره المصنف في المعتلّ، قال ابن منظور: والقولانِ مُقْتربانِ، وعن أَبي حنيفة: النَّشِيئَةُ: التَّفِرَةُ إِذا غَلُظَتْ قَليلاً وارتفعَتْ وهي رَطْبَةٌ، وقال مَرَّةً: أَو النَّشِيئِةُ: ما نَهَضَ مِنْ كُلِّ نَباتٍ ولكنه لَمْ يَغْلُظْ بَعْد كما في المحكم كالنَّشْأَةِ في الكُلِّ، وأَنشد أَبو حنيفة لابنِ مَيَّادٍ في وصف حمير وحش:

  أَرِنَاتٍ صُفْرِ المَنَاخِرِ وَالْأَشْ ... دَاقِ يَخْضِدْنَ نَشْأَةَ اليَعْضِيدِ

  والنشيئَة⁣(⁣٥): الحَجَرُ الذي يُجْعَل في أَسْفَلِ الحَوْضِ ونَشِيئَةُ البِئْر: ترابُهَا المُخْرَجُ منها، ونَشِيئَةُ الحَوْضِ: مَا وَرَاءَ النصَائِبِ من التُّرَابِ. وقيل: هي أَعْضَادُ الحَوْضِ، والنَّصائِبُ: ما نُصِبَ حَوْلَه والنَّصائبُ: حِجارَةٌ تُنْصَب حَوْلَ الحَوْضِ لِسَدِّ ما بَيْنَها من الخَصَاصِ بالمَدَرةِ المعجونة، واحدها نَصِيبَةٌ.


(١) سورة الرعد الآية ١٢.

(٢) كذا.

(٣) سورة الأنعام الآية ١٤١.

(٤) قوله «تشديد الياء» سهو، وقد أثبتنا ما وافق ضبط اللسان والقاموس الصليان بياء خفيفة.

(٥) اللسان: النشيئة والنَّشَأَةُ من كل النبات.