تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[نفأ]:

صفحة 266 - الجزء 1

  وروى ابن السِّكيت عن أَبي عمرٍو: تَنَشَّأَ فلان لِحَاجَتهِ: نهَض فيها⁣(⁣١) ومَشَى، وأَنشد:

  فَلَمَّا أَنْ تَنَشَّأَ قَامَ خِرْقٌ ... مِنَ الفِتْيَانِ مُخْتَلَقٌ هَضوم

  قال ابن الأَعرابيّ: وسمعت غيرَ واحدٍ من الأَعراب يقول: تَنَشَّأَ فلان غادِياً، إِذا ذهبَ لحاجته.

  واسْتَنْشَأَ الأَخْبَارَ: تَتَبَّعَها وبحث عنها وتَطَلَّبَهَا. وفي الأَساس: اسْتَنْشَأته قَصِيدَةً فَأَنْشَأَها لي، واسْتَنْشَأَ العَلَمَ: رَفَعه والمُسْتَنْشِئَة في حديث عائشة⁣(⁣٢) ^ أَنّه خَطَبَها ودَخَلَ عليها مُسْتَنْشِئَةٌ من مُوَلَّدَاتِ قرَيْشٍ. قال ابن الأَثير: هي اسمُ تلك الكاهنةِ، وقال غيره: هي الكاهِنَة، سُمِّيت بذلك لأَنها تستَنْشِئُ الأَخبار، أَي تَبْحَث⁣(⁣٣) عنها، من قولك: رَجُلٌ نَشْآنُ⁣(⁣٤) لِلخَبَرِ. ومُسْتَنْشِيَةٌ تُهْمَز ولا تُهْمَز، وفي خطبة المُحْكَم: ومما يُهمز مما ليس أَصلُه الهمز من جهةِ الاشتقاقِ قولُهم للذئب⁣(⁣٥): يَسْتَنْشِئُ الرِّيحَ، وإِنما هو من النَّشْوَة. وقال ابن منظور: من نَشِيتُ الرِّيحَ إِذَا شَمَمْتَها. والاستنشاءُ يُهْمَز ولا يُهْمَز، وقيل هو من الإِنْشاءِ: الابتداءِ. والكاهنة تَستحْدِث الأُمورَ وتُجَدِّد الأخبار، ويقال: مِنْ أَيْنَ نَشِيتَ الخَبَرَ بالكسر من غير همزٍ، أَي مِن أَينَ عَلِمْتَهُ، وقال الأَزهريّ مُسْتَنْشِئَةُ: اسْمُ عَلَمٍ لتلك الكاهنة التي دَخَلتْ عَلَيْها، ولا يُنَوَّن للتعريف والتأْنيث.

  والمُنْشَأُ والمُسْتَنْشَأُ من أَنْشَأَ العَلَم في المَفَازة والشارعِ⁣(⁣٦) واستنشأَه: المَرْفوعُ المُحَدَّدُ من الأَعْلَامِ والصُّوَى وهو في الأَساس، وبه فسّر قولَ الشَّمّاخ:

  عَلَيْهَا الدُّجَى مُسْتَنْشَآتُ كَأَنَّهَا ... هَوَادِجُ مَشْدُودٌ عَلَيْهَا الجَزَائزُ

  وقال الزجاج في قوله تعالى: {وَلَهُ الْجَوارِ الْمُنْشَآتُ فِي الْبَحْرِ كَالْأَعْلامِ}⁣(⁣٧) هي السُّفُن المَرْفوعَةُ الشُّرُعِ والقُلوع وإِذا لم يُرْفَع قِلْعُها⁣(⁣٨) فَلَيْسَت بِمُنْشآتٍ، وقرِئ المُنْشِئاتُ، أَي الرَّافِعَاتُ الشُّرُع. وقال الفرّاءُ: من قَرَأَ المُنْشِئاتُ فهن اللاتي تُقْبِلْنَ وتُدْبِرْن⁣(⁣٩) ويقال: المُنْشِئاتُ: المُبْتَدِئَاتُ في الجَرْي، قال: والْمُنْشَآتُ: أُقْبِلَ بِهنَّ وأُدْبَرَ.

  * ومما يستدرك عليه:

  نَشُوءَةُ: جَبَلٌ حِجَازيٌ، نقله ياقوت.

  نصأَ: نَصَأَه، كمَنَعَه، أَهمله الجوهري، وقال الفرَّاءُ: أَي أَخَذَ بِنَاصِيتَه لُغةٌ في نَصَاه المعتلّ، وبهذا سقط ما قال شيخُنا: تَعَقَّبُوه بأَن الناصِيَة مُعْتَلَّة، فكيف يُذْكر في المهموز؟ ولذا لم يَذْكره الجوهريُّ وغيرُه، فتأَمَّل.

  ونَصَأَ البَعيرَ يَنْصَؤه نَصْأَ⁣(⁣١٠) إِذَا زَجَرَه، ونَصَأَ الشيءَ بالهمز نَصْأً⁣(⁣١٠) رَفَعَه⁣(⁣١١) لغة في نَصَصْتُ، عن الكسائي وأَبي عمرٍو. قال طرفة:

  أَمُونٍ كَأَلْوَاحِ الإِرَانِ نَصَأْتُهَا ... عَلَى لَاحِبٍ كَأَنَّه ظَهْرُ بُرْجُدِ

  وفي بعض النسخ: دَفَعه، بناءً على أَنه مَعطوفٌ على زَجَره، والأَول هو الصواب.

  [نفأ]: النُّفَأُ، كصُرَدٍ هي القِطَعُ المُتَفَرِّقَة من النَّبْتِ هُنا وهُنا او رِيَاضٌ مُجتمِعةٌ تَنْقَطِعَ من مُعْظَم⁣(⁣١٢) الكَلَأ وتُرْبِي عليه قال الأَسودُ بن يَعْفُرَ:

  جَادَتْ سَوَارِيهِ وَآزَرَ نَبْتَهُ ... نُفَأُ مِنَ الصَّفْرَاءِ والزُّبَّادِ

  ورواه ابن بَرِّيّ: مِن القُرَّاصِ والزُّبَّادِ، هما نَبْتَانِ من العُشْبِ واحِدته نُفْأَةٌ كَصُبْرَةٍ.

  ونَفْءٌ كَنَفْعٍ: ع نقله الصاغاني ولم يُعَيّنه.

  [نكأ]: النَّكَأَة، مُحَرَّكة والنُّكَأَةُ كهُمَزَةٍ لغة في نَكَعَة


(١) في اللسان: تنشأت إلى حاجتي: نهضت إليها ومشيت.

(٢) النهاية: خديجة.

(٣) عند الهروي: يستنشئ الأخبار: يتبحَّث.

(٤) اللسان: نشيان.

(٥) اللسان: قولهم: الذئب ...

(٦) في الأساس: الشِّراع.

(٧) سورة الرحمن الآية ٢٤.

(٨) في الصحاح: قَلْعُها.

(٩) في اللسان: يقبلن ويدبرْن.

(١٠) اللسان: نَصَأً (عن نسخة دار المعارف المصرية)، وفي نسخة منه فكالأصل.

(١١) القاموس: دفعه، وفي الصحاح: رفعته، وهي لغة في نصيت.

(١٢) الصحاح: عُظْمِ.