[حبر]:
  والحِبْرُ: العالِمُ، ذِمِّيًّا كان، أَو مُسْلِماً بعد أَن يكونَ مِن أَهل الكِتَابِ. وقيل: هو للعالِم بِتَحْبِير الكلامِ، قاله أَبو عُبَيْدٍ، قال الشَّمّاخ:
  كما خَطَّ عِبْرَانِيَّةً بِيَمِينِه ... بتَيْماءَ حَبْرٌ ثم عَرَّضَ أَسْطُرَا
  رَوَاه الرُّواةُ بالفَتْح لا غير، أَو الصّالِحُ، ويُفْتَحُ فيهما، أَي في معنى العالِم والصّالحِ، ووَهِمَ شيخُنَا فَرَدَّ ضَمِيرَ التَّثْنِيَةِ إلى المِدَاد والعالِم. وأَقامَ عليه النَّكِيرَ بجَلْبِ النُّقُولِ عن شُرّاح الفَصِيح، بإنكارهم الفتحَ في المِدَاد. وعن ابن سِيدَه في المُخَصص - نَقْلاً عن العَيْن - مثْلُ ذلك، وهو ظاهرٌ لمَن تَأَمَّلَ. وقال الأَزْهَرِيُّ: وسَأَلَ عبدُ الله بنُ سَلام كَعْباً عن الحِبْرِ فقال: هو الرجُلُ الصّالحُ. ج أَحْبارٌ وحُبُورٌ.
  قال كَعْبُ بنُ مالك:
  لقَد جُزِيَتْ بغَدْرَتِهَا الحُبُورُ ... كذاك الدَّهْرُ ذو صَرْفٍ يَدُورُ
  قال أَبو عُبَيْد: وأَمّا الأَحْبَارُ والرُّهْبَانُ فإِنَّ الفُقَهاءَ قد اختلفوا فيهم، فبعضُهم يقولُ: حَبْرٌ، وبعضُهُم يقول: حِبْرٌ، وقال الفَرّاءُ: إِنما هو حِبْرٌ - بالكسر - وهو أَفصحُ؛ لأَنه يُجْمَعُ على أَفعالٍ، دُونَ فَعْلٍ(١)؛ ويُقَال ذلك للعالِم. وقال الأَصمعيُّ لا أَدْرِي أَهو الحِبْرُ أَو الحَبْرُ للرَّجلِ العالمِ. قال أَبو عُبَيْد: والذي عندي أَنه الحَبْرُ - بالفتح - ومعناه العالِمُ بتَحْبِيرِ الكلامِ والعِلْمِ وتَحْسِينه، قال: وهكذا يَرْوِيه المُحَدِّثُون كلُّهم بالفتح، وكان أَبو الهَيْثَمِ يقول: واحِدُ الأَحْبَارِ حَبْرٌ لا غيرُ، ويُنْكِرُ الحِبْرَ. وقال ابن الأَعرابيّ: حِبْرٌ وحَبْرٌ للعالم، ومثلُه بِزْرٌ وبَزْرٌ، وسِجْفٌ وسَجْفٌ. وقال ابن دُرُسْتَوَيْهِ: وجَمْعُ الحِبْرِ أَحبارٌ، سواءٌ كان بمعنى العالِم أَو بمعنى المِدَاد.
  والحِبْرُ: الأَثَرُ من الضَّرْبَة إِذا لم يَدم - ويُفْتَحُ - كالحَبَارِ - كسَحَابٍ - وحَبَرٍ، محرَّكةً. والجمع أَحبارٌ وحُبُورٌ.
  وسيأْتي في كلام المصنّف ذِكْرُ الحَبَارِ والحَبْرِ مفرَّقاً، ولو جَمَعَهَا في مَحَلٍّ واحدٍ كان أَحسنَ، وأَنشدَ الأَزهريُّ لمُصَبِّحِ بنِ مَنْظُورٍ الأَسَدِيِّ، وكان قد حَلَقَ شَعْرَ رَأْسِ امرأَتِه فرَفَعَتْه إِلى الوالِي، فجَلَدَه واعتَقَلَه، وكان له حِمَارٌ وجُبَّةٌ فدَفَعَهُما(٢) للوالِي، فسَرَّحه:
  لقَد أَشْمَتَتْ بي أَهْلَ فَيْدٍ وغادَرَتْ ... بجِسْمِيَ حِبْراً بِنْتُ مَصّانَ بَادِيَا
  وما فَعَلَتْ بي ذاك حتّى تَرَكْتُهَا ... تُقَلِّبُ رَأْساً مثْلَ جُمْعِيَ عارِيَا
  وأَفْلَتَنِي منها حِمَارِي وجُبَّتي ... جَزَى الله خَيراً جُبَّتِي وحِمَارِيَا
  و(٣) الحِبْرُ: أَثَرُ النِّعْمَةِ.
  والحِبْرُ: الحُسْنُ والبَهَاءُ. وفي الحديث: «يَخْرُجُ رجلٌ مِن أَهل النّارِ(٤) قد ذَهَبَ حِبْرُه وسِبْرُه»؛ أَي لونُه وهَيْئتُه، وقيل: هيئتُه وسَحْنَاؤُه؛ مِن قولُهم: جاءَتِ الإِبلُ حَسَنَةَ الأَحْبَارِ والأَسبارِ. ويقال: فلانٌ حَسَنُ الحَبْرِ والسَّبْرِ، إِذا كان جَميلاً حَسَنَ الهيئةِ، قال ابن أَحمرَ، وذَكَرَ زماناً:
  لَبِسْنَا حِبْرَه حتى اقْتُضِينَا ... لأَعْمَالٍ وآجالٍ قُضِينَا
  أَي لَبِسْنَا جمالَه وهيئتَه(٥)، ويُفْتَحُ. قال أَبو عُبَيْدَةَ(٦): وهو عندي بالحَبْرِ أَشْبَهُ؛ لأَنه مصدرُ حَبَرْتُه حَبْراً، إِذا حَسَّنْته، والأَولُ اسمٌ. وقال ابن الأَعرابيِّ. رجلٌ حَسَنُ الحِبْرِ والسِّبْرِ، أَي حَسَنُ البَشَرَةِ.
  والحِبْرُ: الوَشْيُ، عن ابن الأَعرابيّ:
  والحِبْرُ: صُفْرَةٌ تَشُوبُ بَيَاضَ الأَسنانِ كالحَبْرِ، بالفتح، والحَبْرَةِ، بزيادة الهاءِ، والحُبْرَةِ، بالضمِّ، والحِبِرِ والحِبِرَةِ، بكسرتين فيهما. قال الشاعر:
  تَجْلُو بأَخْضرَ مِن نَعْمَانَ ذا أُشُرِ ... كعَارِضِ البَرْقِ لم يَسْتَشْرِبِ الحِبِرَا
(١) عن اللسان، وبالأصل «فعول» وبهامش المطبوعة المصرية: «قوله: دون فعول، كذا بخطه، وفيه أن كلام المصنف والبيت المتقدم صريح بهذا الجمع، وعبارة اللسان: دون فعل وهي راجعة لقوله بالكسر أي لا تفتح فاؤه وليحرر».
(٢) في المطبوعة الكويتية: «فدفعها» تطبيع.
(٣) في القاموس: أو.
(٤) الأصل والتهذيب والنهاية، وفي اللسان: أهل البهاء.
(٥) الأصل واللسان، وفي التهذيب: وهيبته.
(٦) في التهذيب واللسان: أبو عبيد.