تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[نيأ]:

صفحة 270 - الجزء 1

  واسْتَنَاءَهُ: طَلَبَ نَوْأَهُ كما يقال سام بَرْقَه⁣(⁣١) أَي عَطَاءَه وقال أَبو منصور: الذي يُطْلَب رِفْدُه، ومنه المُسْتَنَاءُ بمعنى المُسْتَعْطَى الذي يُطلَب عَطاؤُه، قال ابنُ أَحمر:

  الفَاضِلُ العَادِلُ الهَادِي نَقِيبَتُهُ ... والمُسْتَنَاءُ إِذا مَا يَقْحَط المَطَرُ

  ونَاوَأَه مُنَاوَأَةً وَنِوَاءً ككِتاب: فَاخَرَه وعَادَاه يقال: إِذا نَاوَأْتَ الرِّجالَ⁣(⁣٢) فَاصْبِرْ، ورُبَّما لم يُهْمَز وأَصلُه الهمز، لأَنه من نَاءَ إِليك ونُؤْتَ إِليه، أَي نَهَض إِليك ونَهَضْتَ إِليه، قال الشاعر:

  إِذَا أَنْتَ نَاوَأْتَ الرِّجالَ فَلَمْ تَنُؤْ ... بِقَرْنَيْنِ غَرَّتْكَ القُرُونُ الكَوامِلُ

  وَلَا يَسْتَوِي قَرْنُ النِّطَاحِ الَّذِي بِهِ ... تَنوءُ وَقَرْنٌ كُلَّمَا نُؤْتَ مَائِل

  والنِّوَاءُ والمُناوأَةُ: المُعَاداة، وفي الحديث في الخيل «ورَجُلٌ رَبَطَهَا فَخْراً وَرِيَاءً وَنِوَاءً لأَهْلِ الإِسلام»: أَي مُعادَاةً لهم، وفي حديث آخر: «لا تزالُ طَائِفةٌ مِنْ أُمَّتِي ظَاهِرِينَ عَلَى مَنْ نَاوَأَهُمْ» أَي نَاهَضَهم وعادَاهم. ونقل شيخنا عن النهاية أَنه من النَّوَى، بالقصر، وهو البُعْد وحكى عياض فيه الفتح والقصر، والمعروف أَنه مهموز، وعليه اقتصر أَبو العَباس في الفصيح وغيرُه ونقل أَيضاً عن ابن درستويه أَنه خَطَّأَ مَنْ فَسَّر نَاوَيْت بِعَادَيْت، وقال: إِنما معناه مَانَعْت وغَالَبْت، وطَالَبْت، ومنه قيل للجارِيةِ المُمْتَلِئةِ اللَّحِيمَةِ إِذا نَهَضَت قد نَأَت⁣(⁣٣) وأَجاب عنه شيخُنا بما هو مذكورٌ في الشرح.

  والنَّوْءُ: النَّبات، يقال: جَفَّ النَّوْءُ، أَي البَقْلُ، نقله ابنُ قتَيْبة في مُشْكِل القرآن وقال: هو مستعارٌ، لأَنَّه من النَّوْءِ يكون.

  [نيأَ]: نَيَّأَ الرجلُ الأَمْرَ، أَهمله الجوهري هنا، وقال الصاغاني أَي: لم يُحْكِمْهُ.

  وأَنْيَأَ اللَّحْمَ: لم يُنْضِجْهُ نقله ابنُ فارس، قال: والأَصل فيه أَنَاءَ اللحْمَ يُنِيئَه إِناءَة، إِذا لم يُنْضِجْه ولحْمٌ نِيءٌ كَنِيعٍ بَيِّن النُّيُوءِ والنُّيُوأَةِ بالضم فيهما: لم تَمَسَّه النارُ، وفي الحديث: نَهَى عَنْ أَكْلِ اللَّحْمِ النِّيءِ، هو الذي لم يُطْبَخ، أَو طُبخ أَدْنَى طَبْخٍ ولم يُنْضَجْ، والعرب تقول: لَحْمٌ نِيٌّ، فيحذفون الهمز، وأَصله الهمز، والعرب تقول لِلبن المَحْضِ نِيٌّ⁣(⁣٤)، فإِذا حَمُضَ فهو نَضِيجٌ، وأَنشد الأَصمعيُّ:

  إِذَا مَا شِئْتُ بَاكَرَنِي غُلَامٌ ... بِزِقٍّ فِيهِ نِيٌّ⁣(⁣٤) أَوْ نَضِيجُ

  أَراد بالنيِّ⁣(⁣٤) خمراً لم تَمَسَّها النارُ، وبالنَّضِيجِ المَطبوخَ، وقال شَمِرٌ: النيُّ⁣(⁣٤) من اللبن ساعةَ يُحْلَب قبل أَن يُجْعَل في السقاءِ، ونَاءَ اللحْمُ يَنِيءُ⁣(⁣٥) نَوْءًا وَنِيًّا، لم يَهمِز نِيًّا، فإِذا قالوا النَّيُّ بفتح النون، فهو الشَّحْمُ دُون اللحمِ، قال الهُذلِيُّ:

  فَظَلْتُ وظَلَّ أَصْحَابي لَدَيْهِمْ ... عَرِيضُ اللّحْمِ نِيٌّ أَوْ نَضِيجُ⁣(⁣٦)

  وذِكْرُه في تركيب ن وأَ، وَهَمٌ للجوهريَ وهو كذلك، إِلا أَن الجوهريِّ لم يَذْكُرْه إِلّا في مادَة نيأَ بعد ذكر، ن وأَ، وتَبِعه في ذلك صاحبُ اللسان وغيرُه من الأَئمة، فلا أَدري من أَين جاءَ للمصنف حتى نَسَبه إِلى ما ليس هو فيه، فَتَأَمَّلْ، ثم رأَيت في بعض النسخ إِسقاط قوله «للجوهريّ» فيكون المعنى وَهَمٌ مِمَّنْ ذَكَره فيه تبعاً لِشَمِرٍ وغيرِه.

فصل الواو مع الهمزة

  [وأوأ]: الوَأْوَاءُ بالفتح كَدَحْدَاحٍ أَهمله الجوهري وصاحب اللسان، وقال أَبو عمرو: هو صِيَاحُ ابنِ آوَى، حَيوان معروف. وفي الأَساس: وأْوأَ الكَلْبُ: صاحَ، تقول: ما سَمِعْت إِلَّا وَعْوَعَةَ الذئابِ وَوَأْوَأَةَ الكِلَابِ، وقد عُرِف به أَنه لا اختصاص فيه لابنِ آوَى، كما يُفيده ظاهِر سِياقِ المُصنّف تبعاً لأَبي عمرو.

  [وبأ]: الوبأْ مُحرَّكةً بالقصر والمَدّ والهمزة، يُهمز ولا يُهمز: الطَّاعُون قال ابنُ النَّفِيس: الوَبَاءُ: فَسادٌ يَعْرِض


(١) بهامش المطبوعة المصرية: «قوله سام برقه لعله شام بالمعجمة».

(٢) اللسان: الرجل.

(٣) كذا بالأصل، ولعلها: ناءت.

(٤) عن اللسان، وبالأصل دون همز.

(٥) اللسان: ينوء.

(٦) اللسان: غريض.