تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[وذأ]:

صفحة 275 - الجزء 1

  في المُعتلِّ، وجَعلَ همزتَها مُنْقلِبةً عن ياءٍ، قال: وهذا مَذْهَبُ الكُوفيّين، وتَصغِيرُها عندهم وُرَيَّةٌ، بغير همزٍ. قال شيخُنا: والمشهور الذي صَرَّح به في العَيْنِ ومُخْتصرِه وغَيْرِهما أَنه مُعتلٌّ، وصَوَّبَه الصرْفِيُّونَ قاطِبَةً، فإِذا كان كذلك فلا وَهَمَ. قلت: والعَجَبُ مِن المُصنِّف كيف تَبِعَه في المُعتلِّ، غيرَ مُنَبِّه عليه، قال ثَعْلَبٌ: الوَرَاءُ: الخَلْفُ، ولكن إِذا كان ممَّا تَمُرُّ عليه فهو قُدَّام، هكذا حَكَاهُ، الوَرَاءُ، بالأَلف واللام، ومن كلامه أَخَذَ⁣(⁣١)، وفي التَّنْزِيل: {مِنْ وَرائِهِ جَهَنَّمُ}⁣(⁣٢) أَي بين يَدَيه، وقال الزَّجَّاجُ: وَرَاءُ يكون خَلْفَ وأَمَامَ⁣(⁣٣)، ومعناها ما تَوَارَى عَنْك أَي ما اسْتَتَر عنك، ونقل شيخُنا عن القاضي في قوله تعالى: {وَيَكْفُرُونَ بِما وَراءَهُ}⁣(⁣٤): وَرَاءُ في الأَصل مَصدَرٌ جُعِلَ ظَرْفاً، ويُضاف إِلى الفاعِل فيُرَادُ به ما يُتَوارَى به، وهو خَلْفٌ، وإِلى المَفْعول، فيُرادُ به ما يُوَارِيه، وهو قُدَّام ضِدٌّ وأَنكره الزَّجَّاجُ والآمِدِيُّ في المُوَازَنَةِ، وقيل: إِنه مُشْتَرَكٌ، أَمَّا أَمَامُ، فلا يكون إِلَّا قُدَّام أَبداً، وقولُه تعالى: {وَكانَ وَراءَهُمْ مَلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْباً}⁣(⁣٥) قال ابنُ عَبَّاسٍ: كان أَمَامَهُم، قال لَبِيدٌ:

  أَلَيْسَ وَرَائِي إِنْ تَرَاخَتْ مَنِيَّتِي ... لُزُومُ العَصَا تُحْنَى عَلَيْه الأَصابِعُ

  وعن ابن السكِّيتِ: الوَرَاءُ: الخَلْفُ، قال: يُذَكَّرُ ويُؤَنَّثُ، وكذا أَمَامُ وقُدَّامُ، ويُصَغَّرُ أَمام فيقال: أُمَيِّمُ ذلك، وأُمَيِّمَةُ ذلك، وقُدَيْدِمُ ذلك، وقُدَيْدِمَة ذلك، وهو وُرَبِّئَ الحائطِ ووُرَيِّئَةَ الحائِط⁣(⁣٦)، وقال اللِّحْيَانِيُّ: وَرَاءُ مُؤَنَّثَةٌ، وإِن ذَكَّرْتَ جَازَ، قال أَبو الهَيْثَمِ: الوَرَاءُ مَمدودٌ: الخَلْفُ، ويكون الأمامَ، وقال الفَرَّاءُ: لا يَجوز أَن يُقالَ لرجل وَرَاءَكَ: هو بَيْنَ يَدَيْكَ، ولا لِرَجُل بين يَدَيْك؛ هو وَرَاءَك، إِنما يَجوز ذلك في المَوَاقِيت مِن الليالي والأَيَّام والدَّهْرِ، تقول: وَراءَك بَرْدٌ شَدِيدٌ، وبين يَدَيْكَ بَرْدٌ شَدِيدٌ، لأَنك أَنتَ وَرَاءَه، فجازَ، لأَنه شَيْءٌ يأْتِي، فكأَنَّه إِذا لَحِقَك صَارَ مِنْ وَرائِك، وكأَنَّه إِذا بَلَغْتَه كان بينَ يَدَيْك، فلذلك جازَ الوَجْهانِ، من ذلك قولُه تعالى: {وَكانَ وَراءَهُمْ مَلِكٌ} أَي أَمَامَهم، وكان كَقَوْلِه: {مِنْ وَرائِهِ جَهَنَّمُ} أَي أَنها بين يَدَيْه، وقال ابنُ الأَعرابيِّ في قوله ø: {بِما وَراءَهُ وَهُوَ الْحَقُّ}⁣(⁣٧) أَي بما سِوَاهُ، والورَاءُ⁣(⁣٨): الخَلْفُ، والوَرَاءُ⁣(⁣٨): القُدَّامُ، وعند سِيبويِه تَصغيرُهَا وُرَيِّئَةُ والهمزةُ عِندَه أَصْلِيَّةٌ غيرُ مُنقلِبَةٍ عن ياءٍ، وهو مذهَبُ البَصْرِيِّين.

  والوَرَاءُ: وَلَدُ الوَلَدِ، ففي التنزيل: {وَمِنْ وَراءِ إِسْحاقَ يَعْقُوبَ}⁣(⁣٩) قاله الشَّعْبِيُّ.

  وما وُرِئْتُ، بالضَّمِّ و [قد]⁣(⁣١٠) يُشَدَّدُ، والذي في لسان العرب: وما أُورِثْتُ بالشّيْءِ، أَي: مَا شَعَرْتُ قال:

  مِنْ حَيْثُ زَارَتْنِي وَلَمْ أُورَأْ بِهَا

  قال: وأَمَا قَوْلُ لَبِيدٍ:

  تَسْلُبُ الكَانِسَ لَمْ يُوأَرْ بِهَا ... شُعْبَةَ السَّاقِ إِذَا الظِّلُّ عَقَلْ

  قال: وقد رُوِيَ «لَمْ يُورَأْ بِهَا» قال: وَرَيْتُه، وأَوْرَأْتُه، إِذا أَعْلَمْتَه، وأَصلُه من وَرَى الزَّنْدُ، إِذا زَهَرَتْ⁣(⁣١١) نارُها، كأَنّ ناقَتَه لم تُضِئْ للظَّبْيِ الكَانِس ولم تَبِنْ [له] فيشْعُر بها لِسُرْعَتها حتى انْتَهَتْ إِلى كِنَاسِه فنَدَّ منها جافلاً، وقال الشاعرُ:

  دَعَانِي فَلَمْ أُورَأْ بِهِ فَأَجَبْتُهُ ... فَمَدَّ بِثَدْيٍ بَيْنَنا غَيْرِ أَقْطَعَا

  أي دَعانِي ولم أَشْعُر به.

  وَتَورَّأَتْ عليه الأَرْضُ مثل تَوَدَّأَتْ وزْناً ومعنًى، حكى ذلك عن أَبي الفَتْحِ ابْنِ جِني.

  * ومما يستدرك عليه:

  نقل عن الأَصمعي: استَوْرَأَتِ الإِبِلُ، إِذا تَرَابَعَتْ على


(١) ضبط اللسان: أُخِذَ.

(٢) سورة ابراهيم الآية ١٦.

(٣) اللسان: لخلف ولقدام.

(٤) بالأصل «وراء ذلك» خطأ، وقد أشار في هامش المطبوعة المصرية إلى الصواب، سورة البقرة الآية ٩١.

(٥) سورة الكهف الآية ٧٩.

(٦) عن اللسان، وبالأصل «وريا الحائط وورية الحائط».

(٧) سورة البقرة الآية ٩١.

(٨) عند اللسان، وبالأصل «الورى».

(٩) سورة هود الآية ٧١.

(١٠) زيادة عن القاموس.

(١١) في اللسان: ظهرت.